بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرين.
حکم الجمع بين المرأة وابنة أخيها وأُختها وشروطه
الفرع الثالث: في أنّ نکاح المرأة على عمّتها أو خالتها بدون إذنهما هل يکون کعقد الفضولي تتوقف صحته على الإجازة اللاحقة، أو أنّه يقع باطلاً من أصله لا تنفع فيه الإجازة، أو أنّه يحتمل حينئذٍ تخيير العمّة أو الخالة بين أن تفسخ عقد نفسها من دون طلاق، أو عقد ابنة أخيها أو أُختها کذلک؟ فهاهنا ثلاثة أقوال نقلها في (الجواهر)(1).
قوّى الإمام الخميني ـ قدّس سرّه ـ القول الأول، وهو الأقوى. ويمکن الاستدلال عليه بثلاثة أدلّة:
الدليل الأوّل: التمسّک بالعمومات والإطلاقات الواردة في باب الفضولي، بأن يقال: العقد الواقع هنا عقد فضولي بحسب القاعدة، فهو عقد جامع للشرائط جميعها ما عدا شرطاً واحداً هو رضا العمّة أو الخالة، والذي لحق العقد فيما بعد، ولا دليل على شرطية مقارنته للعقد. وفي کتاب البيع يقال بأنّ آية: (تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنْکُمْ)(2) مطلقة؛ لأنّ التجارة ليست بمعنى العقد اللفظي، بل بمعنى النقل والانتقال، ولا يفرّق فيه بين أن يکون التراضي مقارناً للعقد اللفظي أو لاحقاً له.
وفي مقامنا ورد: (إلاّ برضاء العمّة والخالة)(3)، وهو مطلق أيضاً.
إذن عقد الفضولي صحيح فيما إذا لحقته الإجازة، بيعاً کان أو إجارة أو نکاحاً، ولا يوجد دليلٌ على فساده.
الدليل الثاني: بعض الروايات الخاصة الواردة في البيع مثل رواية عروة البارقي المعروفة(4)، وفي باب النکاح مثل الرواية التي تقول بأنّ امرأة عقدت لابنها من دون علمه، ولمّا علم أجاز أو ردّ(5).
الدليل الثالث: بناء العقلاء، حيث إنّ العقلاء يرون صحة إجازة عقد الفضولي فيما إذا لحقته الإجازة.
سؤال: لماذا يقول الإمام الخميني ـ قدّس سرّه ـ: (کالفضولي…) مع أنّه عقد فضولي حقيقة؟
والجواب: مقصوده من هذه العبارة أنّه کالبيع الفضولي، باعتبار أنّ أصل بحث الفضولي في البيع، وکلامنا هو في باب النکاح.
وأمّا القول الثاني وأنّ العقد باطلٌ من الأساس لا تنفع فيه الإجازة فقد استدل عليه بقول الکاظم ـ عليه السلام ـ في رواية علي بن جعفر: ((فمن فعل فنکاحه باطل))(6).
وفيه: أوّلاً: أنّ سند هذه الرواية مشکل باعتبار کون بنان بن محمد من المجاهيل.
وثانياً: أنّ قوله: ((فنکاحه باطل)) لا يعني بطلان العقد من الأساس، بل هو منصرف إلى صورة عدم إذن العمّة والخالة.
وقد استدل عليه أيضاً برواية السکوني عن جعفر، عن أبيه ـ عليهما السلام ـ: ((إنّ علياً ـ عليه السلام ـ أُتي برجل تزوّج امرأة على خالتها فجلده وفرّق بينهما))(7).
وفيها نفس الإشکالين السابقين، حيث لم يثبت عندنا توثيق السکوني؛ مضافاً إلى انصراف دلالتها إلى صورة عدم إذن العمة والخالة.
وأمّا القول الثالث وأنّ العمة مثلاً مخيّرة في فسخ عقدها أو عقد ابنة أخيها، فإنّه أسوأ الأقوال في المسألة.
والتوجيه الذي ذکره له صاحب (الجواهر) ـ قدّس سرّه ـ وآخرون هو أنّ ما هو حرامٌ الجمع بين العمة وابنة أخيها والخالة وابنة أُختها، وعليه فيمکن للعمّة والخالة أن تمنعا هذا الجمع بأحد طريقين، إمّا بأن تخرجا نفسيهما عن زوجيّة هذا الرجل، وإمّا بأن تخرجا ابنتي الأخ أو الأُخت، وهذا هو التخيير.
وجوابه: أنّ عقد العمّة أو الخالة هنا ليس فيه أية مشکلة، وما فيه مشکلة إنّما هو عقد الابنتين؛ لأنّه واقع بدون إجازة. وعليه فلا دليل على جواز فسخهما لعقديهما، بل الدليل قائم على الخلاف وأنّ الطلاق بيد الزوج وأنّ الفسخ يکون في موارد خاصة ليس هذا منها، فلا يبقى إلاّ الطريق الثاني.
وشبيه هذه المسألة ما يقال في باب الصلاة فيما إذا کان الرجل قائماً يصلّي وأتت امرأة وتقدمت عليه في صلاتها، فإنّه بناء على القول ببطلان الصلاة هنا لا يحکم إلاّ ببطلان صلاة المرأة، لا صلاتهما معاً.
الفرع الرابع: ذهب مشهور الشيعة إلى صحة تزويج العمّة أو الخالة على ابنة الأخ والأُخت، وخالف في ذلک شاذ من الشيعة وتمام أهل السنة، فقالوا ببطلان مثل هذا الزواج.
والحق مع المشهور؛ للتصريح به في الکثير من الروايات التي مرّ ذکرها(8).
وفي خصوص رواية محمد بن مسلم ورد تعليل النهي عن تزويج المرأة على عمّتها وخالتها بأنه ((إجلالاً للعمّة والخالة))(9)، فإذا کان العکس ووردت العمّة أو الخالة على ابنة الأخ أو الأُخت فليس في ذلک منافاة لإجلالهما.
والحکم بجواز تزويجهما هنا على ابنتي الأخ والأُخت لا يفرّق فيه بين علمهما بذلک وجهلهما، لإطلاق الروايات المجوّزة له.
وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
_______________________
(1) الجواهر 29: 359.
(2) النساء: 29.
(3) الوسائل 20: 487 ـ 488، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، ب30، ح3.
(4) مستدرک الوسائل 13: 245، أبواب عقد البيع وشروطه، ب18، ح1.
(5) الوسائل 20: 280 ـ 281، أبواب عقد النکاح، ب7، ح3.
(6) الوسائل 20: 487، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، ب30، ح3.
(7) الوسائل 20: 488، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب30، ح4.
(8) الوسائل 20: 487 ـ 490، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، ب30، ح1، ح3، ح5، ح12، ح13.
(9) الوسائل 20: 490، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، ب30، ح10.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرين.
حکم الجمع بين المرأة وابنة أخيها وأُختها وشروطه
رسول اللهِ(صلى الله عليه وآله)
أعطُوا الأجيرَ أجرَهُ قَبلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ، وأعْلِمْهُ اَجرَهُ وَ هُوَ في عملِهِ
مزد کارگر را بدهيد پيش از آن که عرقش خشک شود و در همان حال کار، مزدش را برايش مشخص کنيد
ميزان الحکمه، جلد 1، ص 40
لا يوجد تعليق