بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
لا اشکال ولا کلامفيان الخمس يقسم ستة اسهم، وتعبير العروة الوثقى «بالاصح» مشعر بوجود الخلاففيالمسألة مع انه مما لا خلاف فيه. قال شيخ الطائفةفيالخلاف: «عندنا ان الخمس يقسم ستة اقسام، سهم لله وسهم لرسوله وسهم لذي القربى، فهذه الثلاثة اسهم کانت للنبي(ص) وبعده لمن يقوم مقامه من الائمة، وسهم لليتامى وسهم للمساکين وسهم لابناء السبيل من ال محمّد(ص) لا يشرکهم فيه غيرهم، واختلف الفقهاءفيذلک فذهب الشافعي الى ان خمس الغنيمة يقسم على خمسة اسهم (باسقاط سهم الله کانه عندهم امر فخري ) ثم نقل عن مالک انه قال: ان خمس الغنيمة مفوض الى اجتهاد الامام ليصرفه الى من رآى ان يصرفه اليه، وحکى عن ابي العالية من فقهاء التابعين موافقتهفيستة اسهم، ثم حکى عن ابي حنيفة اسقاط السهام الثلاثة: سهم الله وسهم رسول الله وسهم ذوي القربى الذين کانوا على عهده فيصرففيثلاثة اسهم سهم لليتامى وسهم للمساکين وسهم لابناء السبيل (انتهى ملخص کلامه)».
ففي الواقع هم مختلفون بين اربعة اقوال: من قائل بستة اسهم، وقائل بخمسة، وقائل بثلاثة، وقائل بان امره مفوض الى الامام.
ويظهر من ابن قدامةفيالمغني اکثر من هذه الاقوال فراجع.
وقال المحقق النراقي فيالمستند: «الخمس يقسم اسداسا لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساکين وابناء السبيل على الحق المعروف بين اصحابنا، بل عليه الاجماع عن صريح السيدين والخلاف وظاهر التبيان ومجمع البيان وفقه القرآن للراوندي بل هو اجماع حقيقة لعدم ظهور قائل منا بخلافه سوى شاذ غير معروف لا يقدح مخالفتهفيالاجماع.
وفي بعض کلمات المحقق الهمداني فيمصباح الفقيه بعد نقل الاجماع عن جماعة ان: «ما حکى عن شاذ من اصحابنا من انه اسقط سهم رسول الله(ص) ضعيف بل لم يعرف قائله وقد حکى عن بعض استظهار کونه ابن الجنيد واعترضه شيخنا المرتضى ـ قدس سره ـ بان المحکي عن ابن الجنيدفيالمختلف موافقة باقي علمائنا وربما يظهر من المدارک ان هذا القائل اسقط سهم الله تعالى».
ومن احسن ما قيلفيالمقام ما عن المحقق الفقيه البروجردي ـ قدس سره ـ على مافيزبدة المقال حيث قال: «اتفقت کلمة اصحابنا الامامية على انقسام الخمس الى ستة اسهم وان المراد بذي القربى هو خصوص الامام(ع) فلم يرد من کلمة ذي القربى الجنس وان المراد باليتامى والمساکين وابن السبيل المتصفين بهذه الصفات من بني هاشم واما العامة فقد خالفوافيجميع هذه الجهات».
ومراده من قوله هذه الجهات، الجهات الثلاثة فقد اسقطوا بعض السهام الثلاثة ولم يختصوا الامام(ع) سهم ذي القربى، ولم يقولوافيالثلاثة الباقية بانها مختصة ببني هاشم.
وکيف کان الحق ما اختاره الاصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ والاصلفيذلک قوله تبارک وتعالى: «وَاعْلَمُوا اَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شيء» وحمل بعض السهام على التشريف خلاف الظاهر کما ان ترک سهم رسول الله(ص) بعد وجود القائم مقامه لا معنى له، کما ان سهم الله يکون لرسوله القائم بامره تعالى.
اضف الى ذلک الروايات الکثيرة الواردةفيهذا المعنى رواها شيخنا الحر العاملي فيالباب الأول من ابواب قسمة الخمس من الوسائل مثل رواية 2 و 7 و 8 و 9 و 12 و 13 وغيرها.
نعم هناک رواية صحيحة عن ربعي بن عبدالله عن ابي عبدالله(ع) وهي من احسن روايات الباب سندا تخالف جميع ما ذکرنا قال: «کان رسول الله(ص) اذا اتاه المغنم اخذ صَفوَة وکان ذلک له ثم يقسم ما بقي خمسة اخماس ويأخذ خمسه ثم يقسم اربعة اخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ثم قسم الخمس الذي اخذه خمسة اخماس يأخذ خمس الله عزّ وجلّ لنفسه ثم يقسم الاربعة اخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساکين وابناء السبيل يعطي کل واحد منهم حقا وکذلک الامام اخذ کما اخذ الرّسول(ص)».
وحاصله: تقسيم الخمس خمسة اسهم باسقاط سهم الرّسول(ص) واخذه(ص) سهم الله.
واجيب عنها بوجوه:
أولها: ما ذکره الشيخفيالاستبصار وحاصله انها حکاية فعله وجاز ان يکون اخذ دون حقه توفيرا للباقي على المستحقين.
ولکن يرد عليه ما أوردهفيالمدارک عليه حيث قال: «وهو بعيد جدا لان قوله(ع) وکذلک الامام(ع) يأخذ کما اخذ الرسول(ص) يأبى ذلک».(انتهى)
وهو جيد وان قالفيمصباح الفقيه انه: «استبعاد لغير بعيد» (انتهى) لان ظاهر ساير روايات الباب التي مرت عليک تقسيم الائمة للخمس ستة اسهم، وهو ينافي قوله الامام يأخذ کما اخذ الرّسول کما لا يخفى.
اللهم الا ان يقال: المراد من الامام علي بن أبي طالب(ع) فعل ذلکفيحکومته (بقرينة التعبير بفعل الماضي «اخذ» کمافينسخة الوسائل بناء على صحتها) ولکنه أيضاً بعيد.
ثانيها: انها محمولة على التقية، لان تقسيمه الى خمسة اسهم هو قول معروف بينهم حکاه ابن قدامةفيالمغني عن جماعة مثل عطاء ومجاهد والشعبي والنخعي وقتادة وابن جريح والشافعي.
ولکن الظاهر انهم اسقطوا سهم الله وجعلوه امرا تشريفيا بينما تدل صحيحة ربعي بن عبدالله على اسقاط سهم الرّسول(ص) فکيف يمکن حملها على التقية، والظاهر ان تصريح جماعة من الاکابر بذلک انما هو ناش عن الغفلة من ان فتاواهم على نفي سهم الله لا سهم الرّسول(ص).
ثالثها:ان يقال انها رواية شاذة متروکة لا حجية فيها يرد علمها الى اهلها.
وعلى کـل حال لا اشکالفيان الاسهم الثلاثة الان للمهدي صاحب الزمان ـ ارواحنا فداه ـ کما وقع التصريح بهفيروايات الباب. منها ما عرفت من رواية حماد عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح(ع) قال: «وله ثلاثة اسهم سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله وله نصف الخمس کملا» واحسن من ذلک صحيحة البزنطي عن الرضا(ع) حيث قال: «قيل له فما کان لله فلمن هو؟ فقال لرسول الله(ص) وما کان لرسول الله(ص) فهو للامام». الى غير ذلک.
اما الشرائط المعتبرةفيالاصناف الثلاثة فهي امور:
1ـ الايمان: فلا يعطى الکافر بل ولا غير المؤمن، قالفيالجواهر:
«لا اجد فيه خلافاً محققا» وحکى عن الغنية والمختلف الاجماع عليه، ولکن العجب انه مع ذلک قال المحققفيالشرايع: «الايمان معتبرفيالمستحق على تردد».
وکيف کان فقد استدل له بامور:
أولها: الاصل، فان اصالة الاشتغال تقتضي الاقتصار على المتيقن وهو المؤمن کمافيالجواهر والمستمسک، اللهم الا ان يقال بعدم جواز الرجوع اليه بعد ملاحظة الاطلاقات، ولکن الانصاف انصراف الاطلاقات عن الکافر بل عن غير المؤمن ـ کما لا يخفى ـ سيما مع کون الخمس کرامة بل کرامة اقوى من الزکاة لانها أوساخ وليس هو بأوساخ فلا يستحقه الا المطهرون من الکفر وعدم الايمان.
ثانيها: ما تضمنه غير واحد من نصوص الباب من مسألة بدلية الخمس عن الزکاة، وقد اجمعوا على اعتبار الايمانفيالزکاة حتى انهم صرحوا تبعا للنصوص بان غير المؤمن اذا استبصر لا يجب عليه اعادة شيء من اعماله الاّ الزکاة لانه وضعهافيغير مواضعها، وهذا الاستدلال جيد.
ان قلت: الست تقول ان احکام الخمس والزکاة متفاوتة لا يمکن قياس احدهما بالاخر، وان کان مسألة البدلية حقافيالجملة؟
قلت: نعم لکن الظاهر ان اختلاف احکامهما لا ينافي وحدة المستحق فيهما فان الظاهر ان المحرومين من الطوائف الثلاثةفيالزکاة عوضهم الله بالخمس، ومن الواضح ان المحرومين هم المؤمنون منهم واما غيرهم فهم خارجون بالمرة.
ثالثها: التعليل الواردفيبعض نصوص الزکاة، مثل ما وردفيرواية يونس بن يعقوب قال: «قلت لابي الحسن الرضا(ع): اعطى هؤلاء الذين يزعمون ان اباک حي من الزکاة شيئاً؟ قال: لا تعطهم فانهم کفار مشرکون زنادقة».
ويرد عليه تارة بان التعليل ليس عاما فان معنى العموم هنا ان کل من کان کافرا باي نحو من انحاء الکفر فهو محروم عن الزکاة فلا دخل له بالخمس، اللهم الا ان يرجع الى مسألة الغاء الخصوصية ومسألة البدلية، فهذا الوجه يرجع الى الوجه السابق کما لا يخفى.
والحاصل: ان قياس المنصوص علته کالمثال المعروف لا تشرب الخمر لانه مسکر مشتمل على کبرى محذوفة وهي کل مسکر حرام ويمکن التعدي بسببها الى سائر المسکرات، والکبرى المحذوفة هنا هو ان کل کافر محروم عن الزکاة سواء کان واقفيا ام فطحيا أو غير ذلک من اصناف الکفار لا انه يتعدى من الزکاة الى الخمس، وان کان المراد التمسک بمسألة البدلية والغاء الخصوصية، فهذا الامر لا يختص بهذا الحديث بل يجري فيساير ما دل على حرمان الکافر أو غير المؤمن من الزکاة.
واخرى بضعف سنده بسهل بن زياد واشتمالها على محمد بن احمد بن الربيع الاقرع وهو مجهول.
والحاصل:ان الدليلين الأولين تامان والدليل الاخير يشک الرکون اليه.
2ـ الفقر: هل يعتبر الفقرفيالمستحقين من السادة ام لا؟
اما المساکين فهم الفقراء، واما ابناء السبيل فسيأتي الکلام فيهم، واما اليتيم فقد قال المحقق النراقي فيالمستند: «الحق اعتبار الفقرفيمستحق الخمس من يتامى السادات وفاقا لظاهر الانتصار والنافع والارشاد بل للمشهور على ما صرح به جماعة خلافاً للشيخ والحلي والجامع».
وصرح الشيخفيالمبسوط بان اليتامى وابناء السبيل منهم يعطيهم مع الفقر والغنى لان الظاهر يتناولهم کما صرح بذلکفيالسرائر أيضاً. وکذلکفيالجامع للشرايع.
والعجيب من المحققفيالشرايع حيث قال: «وهل يراعى ذلک (اي الفقر)فياليتيم؟
قيل نعم وقيل لا. والأول الاحوط «مع ان القولين ليسا بمنزلة واحدة يعبّر عن کليهما بـ«قيل» بل الأول هو المشهور نقلا ان لم يکن تحصيلا کما اشار اليهفيالجواهر وعن الدروس التوقففيالمسألة.
وعن الشافعي فياحد قوليه انه لا يعتبر وفي الاخر شرط کما حکاه العلامهفيالمنتهى عنه.
وکيف کان ما يدل على مقالة المشهور امور:
أولها: ان ابن السبيل ليس بمعنى کل مسافر، ولا يصدقفيالعرف هذا العنوان على جميع المسافرين بل المتبادر منه هو المنقطعفيالطريق عن الاهل والعشيرة والمال کأنه ليس له اب الا الطريق، فهذا العنوان بنفسه کاففياثبات وصف الحاجة له.
وان شئت قلت: لا اطلاق لهذا العنوان حتى يحتاج الى التقييد بل القيد مأخوذفيذاته،ولو تنزلنا وفرضنا الشکفيمفاده وجب الاخذ بالقدر المتيقن اعني اصالة الاشتغال بالبيان الذي مرّ فيمسألة الايمان.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال الرّضا عليه السّلام :
مَنْ کانَ يَوْمُ عاشورا يَوْمَ مُصيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُکائِهِ جَعَلَ اللّهُ عَزّوَجَلّ يَوْمَ القيامَةِ يَوْمَ فَرَحِهِ وَ سُرُورِهِ
هر کس که عاشورا، روز مصيبت و اندوه و گريه اش باشد، خداوند روز قيامت را براى او روز شادى و سرور قرار مى دهد.
بحارالانوار، ج 44، ص 284
لا يوجد تعليق