بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
ثانيها: هل النصف المبارک الذي سهمه (ع) ملک شخصه او ملک له لمقام الامامة؟ وتظهر الثمرة بينهما:
1ـ فيما يبقى عن کل امام (ع) فان کان ملکا له بشخصه ينتقل الى وارثه والا ينتقل الى من بعده من الائمة ـ عليهم السلام ـ وهذه الثمرة وان لم تکن تفيدنا في هذا الزمان ـ کما هو ظاهر ـ ولکن هناک ثمرات اخرى تأتي .
2ـ ما عرفت من ملاحظة مجهول المالک (أي متعذر الوصول) معه لانه مال شخصي کسائر الاموال لابدّ فيه عند تعذر وصوله الى مالکه من الصدقة، اما لو کان له بمقامه ينتقل الى نوابه القائمين مقامه في جميع شؤون الحکومة او في بعضها.
3ـ ما مرّ ايضا من انه هل يکفي للعامي احراز رضاه عند صرفه في مصارفه ام يجب ايصاله الى الفقيه؟ فان قلنا بالاول قد يکون له ذلک لان سبيله کسبيل الاموال الشخصية، واما ان قلنا بالثاني لا يجوز ذلک بل لا يحرز رضاه الا بايصاله الى نوابه (ع) الى غير ذلک من امثاله.
قال في الشرايع ما حاصله: «ان ما کان للنبي(ص) من سهمه وسهم الله ينتقل بعده للامام القائم مقامه (ع) نعم ما کان قبضه النبي(ص) او الامام(ع) ينتقل الى وارثه»(انتهى).
وزاد في الجواهر ضرورة صيرورته حينئذ کسائر امواله التي فرض الله تقسيمها على الوارث، واحتمال اختصاص الامام (ع) به ايضا لقبض النبي(ص) له مثلا بمنصب النبوة ايضا باطل قطعا، اذ هو وان کان کذلک لکنه صار ملکا من املاکه بقبضه، وان کان سببه منصب النبوة وفرق واضح بينه وبين انتقال الاستحقاق السابق للامام(انتهى).
وتبعه المحقق الهمداني في مصباح الفقاهة حيث قال: «انه کغيره مما ترکه بعد وفاته ينتقل الى وارثه حسب ما تقتضيه آية المواريث لا آية الخمس».
واستدل المحقق الاردبيلي في بعض کلماته في مجمع الفائدة عند شرح قول العلامة: «لا يجوز لغيره التصرف في حقه(ع) الا باذنه» بانه لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفسه وهذا الاستدلال وما اشبهه دليل على ان غير واحد منهم تعاملوا مع سهم الامام (ع) معاملة الملک الشخصي .
وقال العلامة الميلاني ـ قدس سره ـ في محاضراته: «ان ما قبضه النبي(ص) والامام (ع) ينتقل الى وارثه لانه بالقبض قد صار ملکا لشخصه».
هذا والانصاف ان الامر ليس کذلک، بل الظاهر ان جميع ما قبضه من سهمه ينتقل الى الامام (ع) من بعده (الا ما اخذه لصرفه في مصارفه الشخصية وحاجاته اليومية اما غيره فلا) وذلک لامور:
1ـ قد عرفت ان سهمه المبارک مقدار عظيم غاية الکثرة لا يحتاج هو (ع) الى عشر من اعشاره في حياته الشخصية المقدسة، ومن البعيد جدا في حکمة الحکيم جعله له (ع) بلا حاجة منه اليه، ولا امکان جذبه في حياته (ع) الشخصية، بل القرائن الواضحة شاهدة على انه انما جعله له (ع) بمقامه السامي ، وهو الولاية على الخلق.
وان شئت قلت: انه يکون لمقام الحکومة العامة الالهية التي جعلها له، فيجعله في بيت مال المسلمين ويکون ناظرا على صرفه في مصارفه وواليا عليه، وحيث ان الحکومة له (ع) بالجعل الالهي فهذه الاموال له (ع).
نعم ما يأخذه منه لحياته المقدّسة الشخصية يکون له کما هو کذلک عند رؤساء الحکومات وان کان بينهم وبين الامام (ع) فرق عظيم، فرئيس الحکومة العادلة يأخذ شيئا قليلا من الاموال العظيمة التي تحت يده لنفسه ولمصارفه الشخصية فهذا يکون ملکا له، ويأخذ الباقي لصرفه في مصارف الناس عموما.
2ـ ان اطلاق قوله (ع): «ما کان لرسول الله(ص) فهو للامام (ع)» في صحيحة البزنطي عن الرضا(ع) شامل لما اخذه بالفعل ولما لم يأخذه، وحمله على خصوص ما لم يأخذه بان يکون المراد انتقال الاستحقاق لسهم النبي(ص) اليه (ع) غير واضح.
وکذلک قوله(ع): «له ثلاثة اسهم سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله» الوارد في مرسلة حماد بن عيسى الى غير ذلک من اشباهه.
سلمنا ان المراد منه انتقال الاستحقاق اليه (ع) ولکن يجوز الغاء الخصوصية بعد قبضه، فما قبضه (ع) بهذا العنوان ايضا ينتقل الى امام بعده (ع) ومجرد القبض لا يوجب فرقا بعد ظهور هذه الروايات في ان اصل استحقاقه (ع) لهذه الاموال انما هو لمقام الامامة.
3ـ ما رواه الصدوق باسناده الى أبي علي بن راشد قال: «قلت لأبي الحسن الثالث: انا نؤتي بالشيء. فقال: هذا کان لأبي جعفر (ع) عندنا فکيف نصنع؟ فقال: ما کان لابي بسبب الامامة فهو لي وما کان غير ذلک فهو ميراث على کتاب الله وسنة نبيه(ص)».
والکلام فيه من حيث السند ان أبا علي بن راشد کان من الوکلاء المعروفين لابي الحسن العسکري (الامام الهادي(ع) وقد ذکر الکشي رواية بليغة في مدحه ومقامه العالي وهذا کاف في وثاقته حتى ان علي بن مهزيار مع جلالته يعتمد في ظاهر عبارته عليه.
وقد صرح العلامة ـ قدس سره ـ في رجاله بوثاقته، وعدّه الشيخ المفيد ـ قدس سره ـ من الفقهاء الاعلام والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام الذين لا يطعن عليهم بشيء.
لکن في طريق الرواية ضعف، فان أبا علي بن راشد واسمه الحسن بن راشد و ان کان من وکلاء أبي الحسن الهادي(ع) وقد ورد في شأنه ما يدل على جلالة شأنه، الا ان في طريق الصدوق ـ قدس سره ـ ضعف ـ کما في جامع الرواة ـ فالاعتماد عليه مشکل الا انه يمکن اخراجه مؤيدا للمقصود، وقد يستشکل في دلالته ـ کما في محاضرات العلامة الميلاني ـ قدس سره ـ بان أبا علي وان کان وکيلا للامام أبي الحسن الهادي(ع) ولکن لم يذکر في الرواية ان الشيء الذي کان يؤتي به کان مما قبضه الامام ابو جعفر الجواد (ع) او قبضه وکيله، ولعل العلة في ذلک ان السهم حق مالي او ان السهم ملک لعنوان الامامة، ولم يکن ابو جعفر(ع) قبضه حتى يکون ملکا شخصيا.
هذا وقد رجع في ذيل کلامه وقال: «لکن للتأمل مجال فان جملة «ما کان لابي» لها عموم خصوصا مع اقترانها بجملة «ما کان غير ذلک فهو ميراث» التي مفادها ما يملکه بغير الامامة».
اقول: مضافا الى امکان الغاء الخصوصية مما قبض بلا اشکال فانه اذا کان السهم المبارک ملکا له لعنوان الامامة، وقد اخذ منه آلافا وکان عنده ثم ارتحل (ع) من الدنيا فهم من الحديث کونه للامام (ع) من بعده.
وان شئت قلت: ان قبض الامام (ع) ايضا على قسمين، تارة يکون بعنوان شخصه واخرى بعنوان ولاية الامر، کما ان قبض الوکيل او الولي او الوصي في سائر المقامات، قد يکون لنفسه وقد يکون من قبل الموکل او المولى عليه او الموصى، ومن الواضح اختلاف احکامه فلا يکون مجرد قبض شيء دليلا على کونه ملکا شخصيا.
وبالجملة لا ينبغي الشک في عدم صرفه في الميراث ولا يترتب عليه آثار الملک الشخصي والله العالم.
حکم سهم السادة في عصر الغيبة
ثالثها: قد عرفت ان سهم السادة لا يسقط في عصر الغيبة بل لا ينبغي الاشکال فيه بعد وجود مصرفه، وحرمان بني هاشم عن الزکاة وعدم امکان ترک ذوي الحاجة منهم بلا تشريع الهي فيکونوا اسوء حالا من غيرهم.
ولکن الکلام في ان امر هذا السهم ايضا بيد نائب الغيبة او يجوز للمالک صرفه في مصارفه بشخصه؟
قال المحقق اليزدي في العروة في ذيل المسألة السابعة: «اما النصف الاخر الذي للاصناف الثلاثة فيجوز للمالک دفعه اليهم بنفسه لکن الاحوط ايضا الدفع الى المجتهد او باذنه لانه اعرف بمواقعه والمرجحات التي ينبغي ملاحظتها انتهى».
ووافقه کثير من المحشين وظاهر کلامه الاخير ان اعطائه بيد المجتهد احتياط استحبابي ليس من باب احتمال ولايته على جميع الخمس، بل من حيث کون الفقيه اعلم واعرف بمواقعه (وليکن هذا على ذکر منک).
وقال المحقق النراقي في المستند: «لا يشترط مباشرة النائب العام وهو الفقيه العادل ولا اذنه في تقسيم نصف الاصناف على الحق للاصل خلافا لبعضهم فاشترط، ونسبه بعض الاجلة الى المشهور».
وقال العلامة المجلسي على ما في الجواهر: «واکثر العلماء قد صرحوا بان صاحب الخمس لو تولى دفع حصة الامام (ع) لم تبرء ذمته بل يجب عليه دفعها الى الحاکم، وظني ان هذا الحکم جار في جميع الخمس».
وصاحب الجواهر نفسه صرح في نجاة العباد بجواز تولي المالک لصرف نصيب غير الامام، وان کان الأحوط احتياطا شديدا دفعه الى نائب الغيبة.
واستدل لعدم وجوب الاستيذان:
اولا: باصالة العدم کما صرح به في مستند الشيعة ومستند العروة.
وفيه: ان الاصل کما عرفت سابقا في امثال المقام هو الاشتغال، لان المفروض تعلق حق السادة بماله ولا يحصل اليقين بالبراءة منه الا بدفعه باذن الحاکم الشرعي .
وثانيا: انه ملک لعنوان السادة ودفع الملک لمالکه لا يحتاج الى اذن الحاکم الشرعي .
وفيه: ان دفع الملک الى مالکه او بعبارة اصح تطبيق الملک الثابت لعنوان عام على بعض افراده قد يحتاج الى اذن الولي او المتولي، وذلک کالوقف الخاص على الاولاد او الوقف على الطلاب مثلا لا يقتضي جواز تصرف کل واحد من الموقوف عليهم في غلة الوقف بدون وساطة المتولي في ذلک، کما انه لا يجوز لمستأجري العين الموقوفة في هذه المقامات ايصال الغلة مباشرة الى ايدي الموقوف عليهم بل عليهم دفعها الى المتولي ، وعلى الموقوف عليهم اخذها منهم.
والحاصل: ان ما ذکر من انه لا يمکن اعتبار الاذن في دفع المال الى مالکه ممنوع بان مفروض البحث ليس هو المالک الشخصي بل هو المالک العنواني وجواز تطبيق العنوان على فرد يحتاج الى دليل والقدر المتيقن منه هو ما اذا کان باذن المالک اما غيره فمشکل جدا.
ثالثا: ان هذا السهم من الخمس ـ کما مر ـ بدل عن الزکاة والصدقات الممنوعة لبني هاشم، ومن المعلوم جواز دفع المالک الزکاة بنفسه الى الفقراء فيجوز في الخمس ايضا.
وفيه: انک قد عرفت ان البدلية ليست في جميع الاحکام، والقدر المتيقن منه هو المشابهة في المصرف، فان قلنا مثلا في الزکاة لا يجوز دفعها الى خصوص المنتسب الى هاشم من ناحية الاب، فکذا الخمس لا يجوز دفعها الا لمن کان منتسبا کذلک، واما في سائر الاحکام (غير شرائط المصرف) فاتحادهما غير ثابت، بل الثابت الاختلاف في کثير من الاحکام کما ذکرنا سابقا.
رابعا: يمکن التمسّک باطلاقات ادلة الخمس، فانها دليل على وجوب ادائه وايصاله الى مصارفه مطلقا سواء کان باذن الامام (ع) او نائبه (ع) ام لم يکن.
وفيه: انه لا اطلاق هناک بعد کون مفاد اطلاقات الادلة في زمن الحضور ايصال الخمس باجمعه الى الامام المعصوم (ع) او وکلائه، وايصال الخمس حتى سهم فقراء بني هاشم الى اربابه لم يکن معمولا بين الاصحاب اصلا، ومع ذلک کيف يمکن دعوى الاطلاق في الادلة؟
وان شئت قلت: کثير من ادلة وجوب الخمس صريحة او ظاهرة في ايصاله الى الامام (ع) واما غيرها مما يدل على وجوب الخمس مثلا في المعدن او في خمسة اشياء فانما هي في مقام بيان اصل الوجوب لا في مقام بيان کيفية ادائه، فالاخذ بالاطلاق مشکل على کل حال.
هذا ويمکن الاستدلال على وجوب الاستيذان بامور:
1ـ ما عرفت من استقرار السيرة في عصر الظهور على ايصاله باجمعه اليهم ـ عليهم السلام ـ ولم يعهد صرفه في مصارفه مستقلا کما في الزکاة، وقد کان عندهم محاويج من بني هاشم ومع ذلک لم نسمع باعطائهم شيئا من الخمس، وهذه السيرة ترشدنا الى ان امر الخمس ـ حتى بالنسبة الى سهم السادة ـ کان بايديهم ـ عليهم السلام ـ فيشکل دفعه الى غيرهم وغير وکلائهم.
ولهذا کانوا ينصبون الوکلاء لاخذ الاخماس باجمعها لا خصوص سهم الامام (ع) وهذا دليل على کون امره جميعا بايديهم لا سيما مع بعض التأکيدات الصريحة الواردة في الاخبار کقوله (ع) في خبر علي بن مهزيار: «فمن کان عنده شيء من ذلک فليوصله الى وکيلي ومن کان نائيا بعيد الشقة فليتعمد لايصاله ولو بعد حين» والقول بان ذلک من جهة عدم وجود السادة عندهم ممنوع جدا بعد انتشار بني هاشم ـ ادام الله تاييداتهم في اقطار الارض في تلک الايام بل وقبله.
2ـ التحليل ولو في موارد خاصة، او في زمن خاص، وشبهه شاهد على کون الامر في هذه المسألة لا يتجاوز عنهم ـ عليهم السلام ـ وانهم ـ عليهم السلام ـ وان لم يکونوا مالکين لها الا ان الولاية على تقسيمه بين اهله کانت لهم.
3ـ اضف الى ذلک ان الاصل يقتضي الاشتغال والاستيذان لما مر عليک ذکره آنفا. فمن جميع ذلک يعلم ترجيح القول بوجوب دفع الجميع الى الحاکم في زمن الغيبة کما کان يجب دفعه في زمان الحضور الذي حاکه في مصباح الفقيه عن بعض، ومال اليه بعض اعلام العصر ولا أقل من ان يکون الصرف باذنهم.
فالأحوط بل الاقوى في عصر الغيبة کون الامر فيه ايضا بايدى نواب الغيبة، وانه لا يجوز صرفه في مصارفه من بني هاشم الى باذنهم.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
ثانيها: هل النصف المبارک الذي سهمه (ع) ملک شخصه او ملک له لمقام الامامة؟ وتظهر الثمرة بينهما:
لِکُلّ شَيْئٍ ثَوابٌ اِلا الدَمْعَةٌ فينا.
لِکُلّ شَيْئٍ ثَوابٌ اِلا الدَمْعَةٌ فينا.
هر چيزى پاداش و مزدى دارد، مگر اشکى که براى ما ريخته شود (که چيزى با آن برابرى نمى کند و مزد بى اندازه دارد).
جامع احاديث الشيعه ، ج 12، ص 548
لا يوجد تعليق