291-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

291-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

حکم الجمع بین المرأة وابنة أخیها واُختها وشروطه

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 9: لا یجوز نکاح بنت الأخ على العمة وبنت الأُخت على الخالة إلاّ بإذنهما، من غیر فرق بین کون النکاحین دائمین أو منقطعین أو مختلفین، ولا بین علم العمة والخالة حال العقد وجهلهما، ولا بین اطلاعهما على ذلک وعدمه أبداً. فلو تزوجهما علیهما بدون إذنهما کان العقد الطارئ کالفضولی على الأقوى تتوقف صحته على إجازتهما، فإن أجازتا جاز، وإلاّ بطل. ویجوز نکاح العمة والخالة على بنتی الأخ والأُخت وإن کانت العمة والخالة جاهلتین، ولیس لهما الخیار لا فی فسخ عقد انفسهما ولا فی فسخ عقد بنتی الأخ والأُخت على الأقوى).

یشرع الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ من هذه المسألة فی بیان حکم نکاح العمة والخالة على بنت الأخ أو الأُخت، وکذا العکس، ویبیّن فیها أصل هذا الحکم، ویتمّ الکلام فی تفاصیله وفروعه فی المسائل اللاحقة إلى تمام المسألة الرابعة عشر.

الأقوال فی المسألة

الحکم بعدم الجواز مسلّم بین العامة، ولکن بحیث یحرم الجمع بینهما عندهم کما یحرم الجمع بین الأُختین، فلا ینفع فیه رضا العمّة أو الخالة.

وأمّا الخاصة فهناک ثلاثة أقوال بینهم:

القول الأوّل ـ وهو القول المشهور ـ: التفصیل بین ورود العمّة والخالة على ابنة الأخ أو الأُخت فیجوز، وعکسه فلا یجوز إلاّ برضا العمّة أو الخالة.

القول الثانی: الجواز مطلقاً، أی من غیر فرق بین ورود العمّة أو الخالة على ابنة الأخ أو الأُخت وعکسه، وأیضاً من دون اشتراط رضا العمّة والخالة.

وهذا القول منسوب إلى ابن أبی عقیل وابن الجنید، حیث فهم الأصحاب من کلامهما ذلک وإن کان بعضهم مثل الشهید الثانی وصاحب (الجواهر) ـ قدّس سرّهما ـ قد ناقشا فی هذا الفهم.

القول الثالث: عدم الجواز مطلقاً، وهو قول الصدوق ـ رحمه الله ـ فی (المقنع).

وقد تعرّض العلامة الحلّی ـ قدّس سرّه ـ إلى بیان الأقوال فی المسألة فقال: (مسألة: یحرم على الرجل الجمع بین المرأة وعمتها، وکذا یحرم الجمع بینها وبین خالتها، لا مطلقاً عندنا بل إذا أدخل بنت الأخ أو بنت الأُخت على العمة والخالة بغیر رضاء العمة والخالة، وأمّا عند العامّة بأسرهم إلاّ الخوارج فإنه حرام مطلقاً، وأمّا الخوارج فجوّزوه مطلقاً)(1).

وقال الشهید الثانی ـ قدّس سرّه ـ: (أجمع علماء الإسلام غیر الإمامیة على تحریم الجمع بین العمّة والخالة وبین بنت أخیها وأُختها فی النکاح مطلقاً)(2).

وذکر ـ قدّس سرّه ـ فی تتمة کلامه أنّ علماء الإمامیة مختلفون على ثلاثة أقوال، والسبب فی ذلک اختلاف الروایات ظاهراً وإن کان القول المشهور هو الجواز بشرط رضا العمّة أو الخالة، والقولان الآخران نادران، قولٌ بالجواز المطلق، وقولٌ بالمنع المطلق.

وذکر فی (الجواهر) بعد أن عنون المسألة: (بلا خلاف معتدّ به أجده فی شیء من ذلک، بل الإجماع مستفیضاً أو متواتراً علیه کالنصوص)(3).

ودعوى تواتر النصوص فی ذلک مشکلة لما سوف یأتی.

مقتضى الأصل فی المسألة

مقتضى قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَکُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِکُمْ)(4) الحلیّة؛ حیث إنّ قوله تعالى هذا وارد بعد تعداد المحرمات السبعة والمحرمات الأُخرى، ولم یذکر من ضمنها تحریم ما نحن فی صدده، فیکون داخلاً فی: (وَأُحِلَّ لَکُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِکُم).

وعلیه لابدّ للقائلین بالحرمة من إقامة الدلیل.

الأدلة

إنّ عمدة الروایات المتضمنة لحکم هذه المسألة مذکورة فی الباب (30) من أبواب المصاهرة من (الوسائل)، وهی على أربع طوائف:

الطائفة الأُولى: الروایات التی تحکم بعدم الجواز إلاّ بإذن العمّة والخالة.

الطائفة الثانیة: الروایات التی تحکم بعدم الجواز من دون تقیید.

الطائفة الثالثة: الروایات التی تطلق عدم حلیّة الجمع مثل العامّة.

الطائفة الرابعة: الروایات التی تتضمن مثل: ((لا بأس)).

والملاحظ فی هذه الروایات أنّ خمساً منها مرویّة عن محمد بن مسلم عن الإمام الباقر علیه السلام، وبعضها تدخل ضمن الطائفة الأُولى وبعضها ضمن الطائفة الثانیة، فهل هی واقعاً خمس روایات، بحیث إنّ ابن مسلم قد سمع هذا المضمون خمس مرّات من الإمام علیه السلام، أو أنّها روایة واحدة تعدّد نقلها عنه؟ إذن یحتمل کونها روایة واحدة؛ لاتحاد الراوی والمروی عنه ونوعاً ما المضمون.

روایات الطائفة الأُولى والثانیة

1 ـ ... عن ابن بکیر، عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: ((لا تزوج ابنة الأخ ولا ابنة الأُخت على العمّة ولا على الخالة إلاّ بإذنهما، وتزوّج العمّة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأُخت بغیر إذنهما))(5).

2 ـ ... عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: ((تزوّج الخالة والعمّة على بنت الأخ وابنة الأُخت بغیر إذنهما))(6).

3 ـ ... عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: ((لا تزوّج ابنة الأُخت على خالتها إلاّ بإذنها، وتزوّج الخالة على ابنة الأُخت بغیر إذنها))(7).

وهذه الروایة لم تذکر إلاّ حکم الخالة وابنة الأُخت.

4 ـ ... عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: ((لا تنکح ابنة الأُخت على خالتها وتنکح الخالة على ابنة أُختها، ولا تنکح ابنة الأخ على عمّتها وتنکح العمّة على ابنة أخیها))(8).

وهذه الروایة مطلقة من ناحیة الإذن.

5 ـ ... عن محمد بن أبی حمزة، عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: ((لا تنکح الجاریة على عمّتها ولا على خالتها إلاّ بإذن العمّة والخالة، ولا بأس أن تنکح العمّة والخالة على بنت أخیها وبنت أُختها))(9).

6 ـ ... عن سهل بن زیاد ـ وأمره مشکل ـ عن الحسن بن محبوب، عن علی بن رئاب، عن أبی عبیدة الحذّاء، قال: سمعت أبا جعفر ـ علیه السلام ـ یقول: ((لا تنکح المرأة على عمّتها ولا على خالتها إلاّ بإذن العمّة والخالة))(10).

7 ـ (وسندها أفضل من سابقتها) عن أبی عبیدة قال: سمعت أبا عبد الله ـ علیه السلام ـ یقول: ((لا تنکح المرأة على عمّتها ولا على خالتها ولا على أُختها من الرضاعة))(11).

والروایة فیما عدا الفقرة الأخیرة التی لا ربط لها بمحلّ بحثنا مطلقة من ناحیة الإذن.

فهذه سبع روایات بحسب الظاهر ولکنها فی الواقع ثلاث، فأین هی النصوص المتواترة والمستفیضة التی ادّعاها صاحب (الجواهر) قدّس سرّه.

ویمکننا إضافة روایتین أخریین إلى هذه الروایات هی:

8 ـ ... عن السکونی ـ فالروایة مشکلة ـ عن جعفر، عن أبیه: ((إنّ علیّاً ـ علیه السلام ـ أُتی برجل تزوّج امرأة على خالتها فجلده وفرّق بینهما))(12).

والجلد حدٌّ فی صورة العلم بالحرمة والمواقعة، وتعزیرٌ فی صورة عدم المواقعة. وهذه الروایة من الروایات التی یمکن للقائلین بالبطلان الاستفادة منها، وهی تدل على عدم إمکان تصحیح هذا النکاح ولزوم التفریق بینهما.

9 ـ ... عن مالک بن عطیة، عن أبی عبد الله علیه السلام، قال: ((لا تتزوّج المرأة على خالتها وتزوّج الخالة على ابنة أُختها))(13).

وهذه الروایة تشیر إلى حکم الخالة وابنة الأُخت فقط، ولکن لمّا لم یقل أحدٌ بالفرق بین هاتین والعمّة وابنة الأخ تکون الروایة فی عداد الروایات السابقة.

وهی مطلقة فی النهی عن هذا الزواج، والنهی هنا إرشاد إلى البطلان؛ لأن النهی فی المعاملات له ظهور فی الأحکام الوضعیة مثل: الجزئیة والشرطیة والمانعیة، فیستفاد منه البطلان.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

____________________

(1) التذکرة 2: 638.

(2) مسالک الأفهام 7: 289.

(3) الجواهر 29: 357.

(4) النساء: 24.

(5) الوسائل 20: 487، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح1.

(6) الوسائل 20: 488، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح5.

(7) الوسائل 20: 488، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح6.

(8) الوسائل 20: 490، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح12.

(9) الوسائل 20: 490، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح13.

(10) الوسائل 20: 487، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح2.

(11) الوسائل 20: 489، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح8.

(12) الوسائل 20: 488، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب3، ح4.

(13) الوسائل 20: 489، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب30، ح9.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2212