272-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

272-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

حرمة نکاح اُمّ الزوجة

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 2: لو عقد على امرأة حرمت علیه اُمها وإن علت نسباً أو رضاعاً، سواء دخل بها أم لا، وسواء کان العقد دواماً أو انقطاعاً، وسواء کانت المعقودة صغیرة أو کبیرة. نعم، الأحوط فی العقد على الصغیرة انقطاعاً أن تکون بالغة إلى حدّ تقبل للاستمتاع والتلذذ بها ولو بغیر الوطء، بأن کانت بالغة ست سنین فما فوق مثلاً، أو یدخل فی المدة بلوغها إلى هذا الحدّ، فما تعارف من إیقاع عقد الانقطاع ساعة أو ساعتین على الصغیرة الرضیعة أو من یقاربها مریدین بذلک محرمیة اُمها على المعقود له لا یخلو من إشکال من جهة الإشکال فی صحة مثل هذا العقد حتى یترتب علیه حرمة اُم المعقود علیها، وإن لا یخلو من قرب أیضاً، لکن لو عقد کذلک ـ أی الساعة أو الساعتین ـ علیها فلا ینبغی ترک الاحتیاط بترتب آثار المصاهرة وعدم المحرمیة لو قصد تحقق الزوجیة ولو بداعی بعض الآثار کالمحرمیة).

الأقوال

أصل الحکم بحرمة اُمّ الزوجة من المسلّمات بین أهل الإسلام، ولیس فیه اختلاف بینهم؛ لأنّه صریح القرآن الکریم: (وَاُمَّهَاتُ نِسَائِکُم)(1).

ولکن هناک اختلافاً فی أنّه هل حرمتها مشروطة بالدخول ببنتها کما هو الحال فی حرمة الربیبة حیث یشترط الدخول باُمّها، أو أنّ مجرد العقد على امرأة یوجب حرمة اُمّها؟

المشهور على أنّ حرمتها غیر مشروطة بالدخول، وشذّ من الشیعة والسنّة من قال بمشروطیة الحرمة بالدخول.

قال الشیخ الطوسی فی (الخلاف): (إذا تزوّج بامرأة حرمت علیه اُمّها وجمیع اُمهاتها وإن لم یدخل بها، وبه قال فی الصحابة عبد الله بن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وعمران بن حصین، وجابر بن عبد الله الأنصاری، وبه قال جمیع الفقهاء) أی کلّ من جاء بعد الصحابة من الفقهاء، (إلاّ أنّ للشافعی فیه قولان، ورووا عن علی ـ علیه السلام ـ أنّه قال: ((لا تحرم الاُم بالعقد وإنّما تحرم بالدخول کالربیبة سواء طلقها أو مات عنها))، وبه قال ابن الزبیر، وعطا، وقال زید بن ثابت: إن طلقها جاز له نکاح الاُم، وإن ماتت لم یحلّ له نکاح اُمها، فجعل الموت کالدخول)(2) ثم یذکر ـ قدّس سرّه ـ فی تتمة کلامه ثلاث أدلة على التحریم هی: الآیة، والإجماع، والروایات.

وقال الشهید الثانی ـ قدّس سرّه ـ: (أکثر علماء الإسلام على أنّ تحریم اُمهات النساء لیس مشروطاً بالدخول بالنساء... وقال ابن أبی عقیل منّا وبعض العامّة لا تحرم الاُمهات إلاّ مع الدخول ببناتهنَّ کالبنات)(3).

والنتیجة: هی أن أصل المسألة مسلّم ولا بحث فیه، ولکن شرطیة الدخول فیها ثلاثة أقوال:

1 ـ قول المشهور: إنّ حرمة اُمّ الزوجة لیست مشروطة بالدخول.

2 ـ قول ابن أبی عقیل والشافعی: إنّ حرمة اُمّ الزوجة مشروطة بالدخول.

3 ـ قول زید بن ثابت: التفصیل بین الطلاق والموت، فإذا طلّق زوجته فإنّه تحرم علیه اُمّها إن کان قد دخل بزوجته، بینما مع الموت تحرم اُمّها مطلقاً.

الأدلة

1 ـ من القرآن قوله تعالى: (وَاُمَّهَاتُ نِسَائِکُم وَرَبَائِبُکُمُ اللاتِی فِی حُجُورِکُم مِن نِسَائِکُمُ اللاتِی دَخَلْتُم بِهِنَّ)(4).

والقائلون بالقول المشهور یقولون بأنّ هذه الآیة مطلقة لم تقیّد بقید، وأنّ قید الدخول یرجع إلى الربیبة فقط. وفی کلام ابن عباس وآخرین أنّه قد أبهم الله ـ أی عمّم ـ هذه الآیة.

بینما یدعی القائلون بشرطیة الدخول إمکانیة استفادة هذه الشرطیة من الآیة أیضاً، وذلک بإرجاع القید ـ ولو کان مذکوراً بعد الربیبة ـ إلى اُمّ الزوجة أیضاً، فتکون حرمتها مشروطة بالدخول کالربیبة.

وقد اُجیب عن هذا الاستدلال بثلاث إجابات:

الاُولى: أنّ القید الذی یذکر بعد عدّة جمل یعود إلى الجملة الأخیرة، إلاّ أن تکون هناک قرینة على غیر ذلک. فعود القید إلى الجملة الأخیرة هو القدر المتیقن، وعوده إلى الجمیع یحتاج إلى دلیل.

الثانیة: سلّمنا فرضاً أنّ القید یعود إلى الجملتین فی الآیة، ولکنه لیس قابلاً للتعلّق إلاّ بالربیبة، حیث إنّ معناه حینئذٍ واضح وهو: یحرم علیکم الربائب المتولدات من نساء دخلتم بهنَّ؛ ولکن بالنسبة لاُمّ الزوجة یکون معنى القید هو: تحرّم علیکم الاُمهات المتولدات من نساء دخلتم بهنَّ، واُمّ الزوجة لا تتولد من الزوجة، بل العکس هو الصحیح. إذن لا یقبل هذا القید أن یتعلّق بالاُمهات.

الثالثة: إذا أردنا تعلیق القید بالجملتین فإنّ لازمه أن یکون لفظ (مِن) مستعملاً فی معنیین، فعندما یتعلق القید بالربائب تکون (مِن) نشویة، بمعنى أنّ منشأ الربیبة هو الزوجة؛ وعندما یتعلق باُمهات النساء تکون (مِن) بیانیة، أی اُرید بها تمییز المدخول بهنّ من غیر المدخول بهنَّ، وهذا لازمه استعمال کلمة واحدة فی أکثر من معنى، وهو شیء لا یجوز.

إن قلت: أنت ممّن یقولون بجواز استعمال اللفظ فی أکثر من معنى، فکیف لا تلتزم بذلک هنا؟

قلنا: صحیح نحن نقول بذلک، ونرى بأنّ جمال الکلمات والأشعار والخطب هو فی الاستعمال فی أکثر من معنى، ولکن ذلک یحتاج إلى قرینة، کما فی قول الشاعر مادحاً النبی ـ صلّى الله علیه وآله وسلم ـ:

المرتمى فی دجى والمبتلى بعمى*** والمشتکی ظمأ والمبتغى دینا

یأتون سدته من کل ناحیة *** ویستفیدون من نعمائه عینا(5)

فکل هؤلاء یأتون النبی ـ صلّى الله علیه وآله وسلم ـ ویطلبون منه عیناً، کل بحسب حاجته. فالعین هنا استعملت فی أربعة معان، فکانت بمعنى الشمس، وبمعنى العین الباصرة، وبمعنى عین الماء، وبمعنى الذهب.

بینما لا یوجد قرینة على الاستعمال فی أکثر من معنى فی مقامنا. إذن تکون الآیة دلیلاً على عدم اشتراط الدخول فی حرمة اُم الزوجة.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

_________________________

(1) النساء: 23.

(2) الخلاف 2: 163 مسألة 75.

(3) المسالک 7: 283.

(4) النساء: 23.

(5) وقایة الأذهان: 87.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2213