283-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

283-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

ثبوت محرّمات المصاهرة بالزنا وعدمه

انتهینا من استعراض الروایات التی یمکن الاستدلال بها فی هذه المسألة، وهی مختلفة فیما بینها، فبعضها یدلّ على أنّ الزنا یحرّم کالنکاح، وبعضها ینفی ذلک. والروایات فی کلا الطرفین متضافرة، کما أنّ بعضها معتبرة سنداً فی حدّ نفسها. إذن لا یمکن طرح روایات أحد الطرفین لضعفها. وعلیه لابدّ من ملاحظة إن کان یمکن الجمع الدلالی بینها؛ لأنّه هو المقوّم، وإن لم یمکن یرجع إلى المرجّحات.

وجوه الجمع الدلالی بین الروایات

الوجه الأوّل: أنّ مورد روایات الحرمة هو الزنا السابق على العقد، بینما مورد روایات الحلیة هو الزنا اللاحق، فلا یکون هناک تنافٍ بینهما.

ویؤیّده بعض الروایات التی اشتملت على بیان حکم کلا هذین الطرفین.

ومن الواضح أنّ نتیجة هذا الجمع هو القول الأول، أی ثبوت التحریم بالزنا؛ لأنّ القائلین بالحلیّة لا یقولون بتأثیر الزنا أبداً، والقائلین بالحرمة یقولون بتأثیر السابق.

الوجه الثانی: أنّ روایات الحرمة ناظرة إلى الدخول، وروایات الحلیة ناظرة إلى ما دون الدخول، یعنی: إذا کان قد حصل دخول فإنّه یحرّم کالنکاح، وإن لم یحصل، بل کان مجرد ملاعبة وتقبیل وما شاکل، فإنّه لا یؤثّر شیئاً. وعلیه لا تعارض فی البین.

ویؤیّده بعض الروایات التی ذکرت حکم هذین الطرفین أیضاً.

ونتیجة هذا الجمع هو ثبوت التحریم بالزنا.

الوجه الثالث: أن تُحمل الروایات المُحرِمّة على بیان الحکم الواقعی، والروایات المحللة على التقیة.

سؤال: کیف تُحمل على التقیة والحال أنّه لا یعلم کون مشهور العامّة قائلین بالحلیة؟

أجاب فی (الجواهر) عن هذا السؤال حیث بیّن کیفیة الحمل على التقیة فقال: (وهو أحسن المحامل؛ وذلک لأنّ هذا الخبر کما یظهر من (الانتصار) و(الغنیة) وغیرهما نبویٌ، أی ((لا یفسد الحرام الحلال))، وأنّه من روایاتهم عنه ـ صلّى الله علیه وآله وسلم ـ وهو صحیح، لکنّهم لم یفهموا المراد منه، فظنّوا أنّ المراد منه ما یشمل الحلال تقدیراً، وهو لیس کذلک...)(1).

إذن روایة الحلیة مطابقة لفهم العامّة الذین توهموا شمولها للزنا السابق، والحال أنّ المقصود بها هو الحلال الفعلی، أی أنّ مورد الروایة هو فرض وقوع الحلال الفعلی بالزواج ثم وقوع الفجور بعده، وحینئذٍ لا یحرم هذا الحلال الفعلی بالفجور بعده. إذن فتحمل على التقیة.

وصاحب (الجواهر) ـ قدّس سرّه ـ یُصرّ على هذا الوجه وأنّه أحسن المحامل، ولکننا نراه ضعیفاً.

ونتیجة هذا الجمع هو ثبوت التحریم أیضاً.

الوجه الرابع: أن تُحمل الروایات المجوّزة على الحلیة والروایات المانعة على الکراهة. ذکره السید الحکیم فی (المستمسک).

وهو وجه معروف فی کلّ الأبواب الفقهیة، وأساسه حمل الظاهر على النص، حیث إنّ روایات الحلّیة نص فی الحلّیة؛ لأنّ الحلال لا یمکن أن یکون حراماً، بینما الروایات الناهیة لیست نصاً فی الحرمة؛ لأنّ (لا) مثلاً تنسجم مع الکراهة أیضاً کما تنسجم مع الحرمة، وإن کانت ظاهرة فی الحرمة. والجمع بین النص والظاهر هو بالحمل على الکراهة. ولا یحتاج هذا الوجه لمؤید؛ لأنّه من الجمع بین النص والظاهر.

ونتیجته هو القول بالحلیة وعدم ثبوت التحریم بالزنا.

المناقشة فی الوجوه المذکورة

أمّا الوجه الأوّل، فجوابه: أنّه کیف یمکن القول به فی الروایات التی تنص على الحلّیة فی مورد الزنا السابق على العقد؟ ومنها ما عن سعید بن یسار، قال: سألت أبا عبد الله ـ علیه السلام ـ عن رجل فجر بامرأة، یتزوّج ابنتها؟ قال: ((نعم یا سعید...))(2)، إذن فهو وجه غیر تام.

وأمّا الوجه الثانی، فجوابه: أنّه بعض روایات الحلّیة مشتملة على عبارات تأبى الحمل على مجرد الملاعبة، مثل: (فجر) و(أتى)، فالفجور لیس بمعنى الملاعبة، بل إنّه فی لسان الآیات والروایات بمعنى الزنا، کما أنّ الإتیان بمعنى الدخول. فهذا أیضاً غیر تام.

وأمّا الوجه الثالث، ففیه، أنّ الفرق بین الزنا السابق والزنا اللاحق لیس فی الحلّیة التقدیریة؛ لأنّ الحلّیة لیست تقدیریة فی أیٍّ منهما، بل هی فی مورد الزنا السابق بمعنى إیجاد النکاح، وفی مورد الزنا اللاحق بمعنى إدامة النکاح، فعندما یُقال: (ابنة الخالة حلال) المقصود أنّها حلال فعلاً، أی الزواج بها، وإذا کان المقصود حلیة الوطء فإنّها تکون حلالاً تقدیراً.

معنى عبارة (لا یحرم الحرام الحلال)

وردت هذه العبارة فی عدّة روایات کتعلیل فی مورد الزنا السابق، کما وردت فی عدّة روایات اُخرى کتعلیل فی مورد الزنا اللاحق، ووردت فی عدّة موارد بشکل مستقل، فما هو المانع من حملها على العموم، فنقول بأنّ الحرام لا یحرّم الحلال مطلقاً، سواء فی الحلال الابتدائی أو فی الحلال الاستمراری.

إذن فالحلال الإلهی لا یحرم بسبب الحرام، والنکاح الحلال هو الذی تترتب علیه المحرمات بالمصاهرة دون الزنا.

فإذا تمّ هذا الکلام فإنّه لا تصل النوبة حینئذٍ إلى ما استحسنه صاحب (الجواهر) قدّس سرّه.

والنتیجة: هی عدم تمامیة ما ذکره قدّس سرّه.

وقد تلخص من جمیع ما ذکرنا عدم تمامیة أیّ من وجوه الجمع الثلاثة الاُولى التی ذکرها صاحب (الجواهر) ـ قدّس سرّه ـ واستحسن ثالثها، وأمّا الجمع الرابع فیأتی الکلام عنه.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

________________________

(1) الجواهر 29: 372.

(2) الوسائل 20: 425، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، الباب 6، ح6.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2072