2 - الدّعامة العقلیّة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 1
3 ـ دعامة الشخصیّة1 ـ دَعامة الإنتفاع

الفلاسفة الّذین یعتقدون بحکومة العقل ولزوم اتّباعِه فی کلّ شیء، یعتبرون دعامة الأخلاق هی إدراک العقل: للقبیح والحسن من الأفعال والصّفات الأخلاقیّة، فمثلا یقولون أنّ العقل یُدرک جیّداً أنّ الشّجاعة فضیلةٌ والجبنُ رذیلةٌ، و الأمانةُ و الصّدقُ فضیلةٌ وکمالٌ، و الخیانةُ و الکذبُ نقصانٌ، ونفس إدراک العقل لها، هو الباعث والمحرّک لإتّباع الفضائل وترک الرذائل.

وقال البعض الآخر، إن إدراک الوجدان هو الأساس، فیقولون: أنّ الوجدان وهو العقل العملی، أهمّ شیء فی الإنسان، لأنّ العقل النّظری یمکن أن یُخطیء، ولکن الوجدان و الضّمیر لیس کذلک، وبإمکانه أن یقود البشریّة إلى ساحل الأمن والسّعادة.

و علیه، و بما أنّ الوجدان یقول: إنّ الأمانة و الصّدق و الإیثار، و السّخاء، و الشّجاعة هی اُمور حسنةٌ وجیّدةٌ، فهو بمفرده یکون دافعاً و مُحرّکاً، نحو نیل تلک الأهداف والفضائل. وکذلک بالنّسبة للبُخل، والأنانیّة و أمثالها، فإنّ الوجدان یقول أنّها قبیحة، وذلک یکفی فی الإرتداع عنها وترکها.

وهنا تتحد الدّعامة العقلیة و الوجدانیّة، فهما تعبیران مختلفان لحقیقة واحدة.

و لا شکّ أنّ وجود هذا الأساس و الدّعامة للأخلاق، لا یخلو من حقیقة، و هو فی حدّ ذاته دافعٌ حسنٌ للسّعی إلى تربیة النّفوس، و ترشید الفضائل الأخلاقیة، فی واقع الإنسان والمجتمع.

ولکن و بالنّظر إلى ما ذکرناه فی بحث الوجدان(1)، فإنّ الوجدان یمکن أن یُخدع، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى: أنّ الوجدان و بالتّکرار لفعل القبائح و الرّذائل، فإنّه سیأنس بها ویتعوّد علیها، بل قد یفقد الحسّاسیّة بالکامل تجّاه هذه الاُمور، أو یتحرک فی إدراکه لها، من موقع التأیید للرذائل على حساب إهتزاز الفضائل.

و من جهة ثالثة، إنّ الوجدان أو العقل العملی، رغم أهمیّته و قداسته، فإنّه کالعقل النّظری قابل للخطأ، ولا یمکن الإعتماد علیه وحده، بل یحتاج إلى أُسس و دعامات أقوى، یُطمأن إلیها فی تشخیص الحُسن و القُبح، بحیث لا یمکن خُداعها و لا تخطئتها، ولا تتأثر بالتّکرار، و لا تتغیّر أو تتحول.

وخلاصة الأمر: أنّ الوجدان الأخلاقی، أو العقل الفِطری والعقل العملی، أو أىّ تعبیر آخر یُعبّر عنه، هو أساسٌ و دعامةٌ جیَّدة، و لا بأس بها لنیل الفضائل الأخلاقیّة، ولکن وکما أشرنا آنفاً، تعوزه بعض الأمور، و لا یُکتفى به وحده.

 


1. الرّجاء الرجوع إلى، کتاب قادة عظماء، ص: (63 - 106).

 

3 ـ دعامة الشخصیّة1 ـ دَعامة الإنتفاع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma