اُصول الأخلاق الإسلامیّة فی الرّوایات

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 1
تنویهالعودة للاُصول الأخلاقیّة فی القرآن الکریم

إستعرضت الأحادیث و الرّوایات الإسلامیّة، الاُصول الأخلاقیّة الحسنة والسیئة، بطریقتها الخاصّة، لا کما جاء فی کتب حُکماء الیونان ومن جملتها:

1 ـ فی الحدیث المعروف الذی جاء فی کتاب: (اُصول الکافی)، عن الإمام الصادق(علیه السلام): أنّ أحد أصحاب الإمام(علیه السلام) و إسمه «سماعة بن مهران»، قال: کنت عند أبی عبدالله(علیه السلام)وجماعة من موالیه، فجرى ذکر العقل والجهل ، فقال أبوعبدلله(علیه السلام): «إعرفوا العقل وجنده، و الجهل وجنده تهتدوا»، فقلت: جُعلت فِداک لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا، فقال أبو عبدلله(علیه السلام):

«إنّ الله عزّوجلّ، خلق العقل، و هو أوّل خلق من الرّوحانیین عن یمین العرش، من نوره فقال له: أدبِر فأدبر; ثمّ قال له: أقبِل فأقبل; فقال الله تبارک وتعالى: خلقتک خَلقاً عظیماً وکرّمتک على جمیع خلقی، قال: ثمّ خلق الجهل، من البحر الاُجاج ظلمانیاً،فقال له: أدبر فأدبر; ثم قال له: أقبل فلم یُقبِل فقال له: إستکبرت، فلعنه. ثمّ جعل للعقل خمسة وسبعین جنداً، فلمّا رأى الجهل ما أکرم الله به العقل، و ما أعطاه أضمرَ له العداوة، فقال الجهل: یا ربّ هذا خلق مثلی، خلقته و کرّمته و قوّیته، و أنا ضِدّه ولا قوّة لی به، فأعطنی من الجند مثل ما أعطیته، فقال الله تعالى: نعم، فإن عَصیت بعد ذلک أخرجتک وجندک من رحمتی. قال: قد رضیت. فأعطاه خمسة وسبعین جنداً. فکان ممّا أعطى العقل من الخمسة و السّبعین الجند:

الخیر هو وزیر العقل، و جعل ضدّه الشرّ وهو وزیر الجهل;

والإیمان وضدّه الکفر;

والتصدیق وضدّه الحُجود;

و الرّجاء وضدّه القُنوط;

والعدل وضدّه الجور;

و الرّضا وضدّه السخط;

والشّکر وضدّه الکُفران;

والطّمع وضدّه الیأس;

والتوکّل وضدّه الحِرص;

والرّأفة وضدّه القسوة;

والرّحمة وضدّها الغضب;

والعلم وضدّه الجهل;

 

والفهم و الحمق;

والعفّة و ضدّها التهتک;

والزّهد و ضدّه الرّغبة;

و الرّفق و ضدّه الخرق;

والرّهبة وضدّها الجرأة;

والتّواضع وضدّه الکِبر;

والتؤدة وضدّها التّسرع;

والحلم وضدّه السّفه;

والصّمت وضدّه الهذر;

والإستسلام وضدّه الإستکبار;

والتّسلیم وضدّه الشّک;

والصّبر وضدّه الجزَع;

والصّفح وضدّه الإنتقام;

والغنى وضدّه الفقر;

والتّذکّر وضدّه السّهو;

والحفظ وضدّه النسیان;

والتعطّف وضدّه القطیعة;

والقنوع وضدّه الحرص;

والمؤاساة وضدّها المنع;

والمودّة وضدّها العداوة;

والوفاء وضدّه الغدر;

والطّاعة وضدّها المعصیة;

والخُضوع وضدّه التّطاول;

 

والسّلامة وضدّها البلاء;

والحبّ وضدّه البغض;

والصّدق وضدّه الکذب;

والحقّ وضدّه الباطل;

والأمانة وضدّها الخیانة;

والإخلاص وضدّه الشّوب;

والشّهامة وضدّها البلادة;

والفهم وضدّه الغباوة;

والمعرفة وضدّها الإنکار;

والمداراة وضدّها المکاشفة;

وسلامة الغیب و ضدّه المماکرة;

والکتمان وضدّه الإفشاء;

والصلاة وضدّها الإضاعة;

والصّوم وضدّه الإفطار;

والجهاد وضدّه النُکول;

والحجّ وضدّه نبذ المیثاق;

و صَون الحدیث وضدّه الّنمیمة;

وبرّ الوالدین وضدّه العُقوق;

والحقیقة وضدّها الرّیاء;

والمعروف وضدّه المُنکر;

والسّتر و ضدّه التّبرج;

والتقیّة وضدّها الإذاعة;

والإنصاف وضدّه الحمیّة;

 

والتهیئة وضدّها البغی;

والنّظافة وضدّها القذر;

والحیاء وضِدّه الجلع;

والقصد وضدّه العدوان;

والرّاحة وضدّها التّعب;

والسّهولة وضدّها الصّعوبة;

والبرکة وضدّها المحق;

والعافیة وضدّها البلاء;

والقوام وضدّه المکاثرة;

والحکمة وضدّها الهواء;

والوقار وضدّه الخفّة;

والسّعادة وضدّها الشّقاوة;

و التّوبة وضدّها الإصرار;

والإستغفار و ضدّه الإغترار;

والمحافظة وضدّها التّهاون;

و الدّعاء و ضدّه الإستنکاف;

والنّشاط و ضدّه الکسل;

والفرح وضدّه الحُزن;

والاُلفة وضدّها الفُرقة;

والسخاء و ضدّه البخل;

فلا تجتمع هذه الخصال کلّها من أجناد العقل، إلاّ فی نبیّ أو وصیّ نبی، أو مؤمن قد إمتحن الله قلبه للإیمان، وأمّا سائر ذلک من موالینا فإنّ أحدهم لا یخلو من أن یکون فیه بعض هذه الجنود حتّى یستکمل، وینفی من جنود الجهل. فعند ذلک یکون فی الدرجة العلیا مع الأنبیاء و الأوصیاء; و إنّما یُدرک ذلک بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده. وفّقنا الله وإیّاکم لطاعته ومرضاته»(1).

فالحدیث أعلاه، حدیث جامع لاُصول و فروع الأخلاق الإسلامیة، وبحثها بعض المؤلّفین والکتّاب فی کتب مستقلة.

—–

2 ـ نقرأ فی الکلمات القصار للإمام علی(علیه السلام)، فی نهج البلاغة، عندما سُئل الإمام(علیه السلام)عن الإیمان، (یتبیّن من ذیل الحدیث، أنّ المقصود من الإیمان هو الإیمان العلمی والعملی، الذی یشمل الاُصول الأخلاقیّة).

أجاب الإمام(علیه السلام):

«الإیمانُ عَلَى أَربَعِ دَعائِمَ، عَلَى الصَّبْرِ والیَقِینِ وَالعَدلِ وَالجِهادِ».

ثم أضاف قائلاً: «والصَّبرُ مِنْها عَلَى أَربَعِ شُعَب، عَلَى الشَّوقِ وَالشَّفَقِ وَالزُّهدِ وَالتَّرَقُبِ». (الإشتیاق للجنّة والمنح الإلهیّة، و الخوف من العقاب و النّار، دافعٌ للأعمال الصّالحة ورادع عن السیئات). و الزّهد بالدنیا وزبرجها یهوّن المصائب، و إنتظار الموت و نهایة الحیاة، تحثّ الإنسان لِفعل الأعمال الصّالحة.

وبعدها یضیف(علیه السلام):

«والیَقِینُ مِنها عَلَى أَربَعِ شُعَب، عَلى تَبصِرَةِ الفِطْنَةِ وَتَأَوُّلِ الحِکْمَةِ وَمَوعِظَةِ العِبرَةِ وَسُنَّةِ الأَوَّلِینَ».

ثمّ أضاف(علیه السلام):

«وَالعَدْلُ مِنهـا عَلَى أَربَعِ شُعَب، عَلَى غَائِصِ الفَهمِ، وَغَورِ العِلمِ، وَزُهْرَةِ الحُکْمِ، وَرَساخَةِ الحِلْمِ».

وقال(علیه السلام) خِتاماً:

«وَالجِهادُ مِنهـا عَلَى أَربَعِ شُعَب، عَلَى الأمرِ بِالمَعرُوفِ والنَّهِی عَنِ المُنکَرِ، والصِّدقِ فِی المَواطِنِ، وَشَنآنِ الفَاسِقِینَ».

وبعدها یبیّن شعب الکفر، و یشرحها واحداً تَلْو الآخر(2).

فکما تلاحظون أنّ الإمام علی(علیه السلام)، رسم الاُصول الإسلامیة للإیمان والکفر، بدقّة متناهیة، و آثارها فی المحتوى الداخلی للإنسان و على سلوکه الخارجی، و التی تشمل الأخلاق العملیّة، فذکر لکلّ فرع، فرعاً آخر، وتحلیل هذه الجزئیات یتطلب کتابة مقالة اُخرى.

3 ـ نقرأ فی حدیث آخر عن الإمام علی(علیه السلام):

«أَربَعٌ مَنْ اُعطِیهُنَّ فَقَدْ اُوتِیَ خَیرَ الدُّنیا والآخِرَةِ، صِدقُ حَدِیث وَأَداءُ أَمانة، وَعِفَّةُ بَطن وَحسنُ خُلُق»(3).

4 ـ - وجاء فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام)، فی نفس هذا المعنى، بتلخیص أکثر، حیث جاء إلیه أحد الأشخاص، و طلب منه أن یُعلّمه أمراً یکون فیه خیر الدنیا و الآخرة، و بشکل موجز، فقال الإمام(علیه السلام) فی معرض جوابه: «لا تِکْذِب تَکِذْبَ»(4).

و الحقیقة هی کذلک، لأنّ جذور کلّ الفضائل تمتد إلى حدیث الصّدق، فالإنسان لا یکذب على الناس ولا على نفسه ولا على الله تعالى، وعندما یقول فی صلاته: (إِیّاکَ نَعْبُدُ وَإِیّاکَ نَستَعِینُ )، ینبغی أن لا یکون فیها کاذباً أبداً، بل یبتعد عن کلّ ما هو شیطانی، و هوى النفس، وتکون حرکته فی دائرة خضوعه وتسلیمه لله فقط، ولا یعتمد على المال والجاه والقدرة والمقام، ویترک ما سوى الله تعالى و یکون إعتماده الأوّل و الأخیر على لطف الله تعالى ومعونته، فإذا أصبح الإنسان کذلک، فسوف یعیش الحیاة المعنویّة فی جمیع فروع واُصول الأخلاق.

—–

 

   الأخلاق فی القرآن / الجزء الاوّل

5 ـ ونقرأ فی الرّوایات الإسلامیّة تعابیر مثل: «أفضل الأخلاق»، أو «أکرم الأخلاق»، أو «أحسن الأخلاق»، أو «أجمل الأخلاق»، وفی هذه إشارةٌ اُخرى لأقسام مهمّة من الاُصول الأخلاقیّة، منها:

سئل الباقر(علیه السلام) عن أفضل الأخلاق، فقال: «الصَّبرُ والسّماحَةُ»(5).

و فی حدیث آخر عن الإمام علی(علیه السلام)، قال:

«أَکْرمُ الأَخلاقِ السَّخَاءُ وَأَعمُّها نَفعاً العَدْلُ»(6).

و فی حدیث آخر عن الإمام علی(علیه السلام) أیضاً، قال:

«أَشْرَفُ الخِلائِقِ التَّواضُعُ والحِلمُ وَلِینُ الجانِبِ»(7).

و فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام)، حیث سئل:

«أَیُّ الخِصالِ بِالمَرءِ أَجْمَلُ فَقالَ: وِقارٌ بلا مَهانَة، وَ سَماحُ بِلا طَلَبِ مُکافَاة، وَتَشاغُلٌ بِغَیرِ مَتاعِ الدُّنیا»(8).

—–

6 ـ أیضاً فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام)، بیّن فیه اُصول الأخلاق السّیئة، وعبّر عنها باُصول الکفر، فقال:

«اُصُولُ الکُفرِ ثَلاثَةٌ: الحِرصُ، والإِستِکبأرُ وَالحَسَدُ».

وأردف قائلاً فی بیان وتوضیح الاُصول الثلاثة:

«فَأَمّا الحِرصُ فإِنَّ آدَمَ حَینَ نُهِیَ عَنِ الشَّجَرَةِ حَمَلَهُ الحِرصِ أَنْ أَکَلَ مِنها، وَأَمَّا الإِستِکبَارُ فَإبِلِیسُ حِینَ اُمِرَ بِسُّجُودِ لآدَمَ إِستَکبَرَ، وَأَمّا الحَسَدُ فَإبنا آدَمَ حَیثُ قَتَلَ أَحَدَهُما صاحِبَهُ»(9)

و على هذا الأساس فإنّ مصدر جمیع المصائب الکبرى، التی حدثت فی عالم الإنسانیة، منذ صدر الخلیقة، هی هذه الصّفات الثّلاثة، فالحِرص :طرد آدم من الجنّة، والإستکبار: طرد إبلیس عن ساحة القدس إلى الأبد، والحسد: هو أساس کلّ قتل و جنایة حدثت فی العالم

—–

7 ـ و نختم کلامنا هذا بحدیث عن الرّسول الکریم(صلى الله علیه وآله) قال، الإمام الصادق(علیه السلام)، أنّ الرسول(صلى الله علیه وآله) قال:

«إِنَّ أَوَّلَ مَنْ عُصِیَ اللهُ عزَّوجَلَّ بِهِ سِتٌّ: حُبُّ الدُّنیا، وَحُبُّ الرِّیاسَةِ، وَ حُبُّ الطَّعامِ، وَحُبُّ النَّومِ، وَحُبُّ الرَّاحَةِ، وَحُبُّ النِّساءِ»(10).

—–

لقد تبیّن من مجموع ما ذکر آنفاً، اُصول الفضائل و الرّذائل الأخلاقیّة، ولکن وکما یُستفاد من مجموع الرّوایات، أنّه لا یوجد عدد خاص و معیّن، لهذه القیم والمبادىء الأخلاقیة، لأنّ الأخلاق الحسنة والقبیحة، لها دوافع ومقاصد متعدّدة و متنوعة ومختلفة، أو بعبارة اُخرى: کما أنّ الصّفات الجسمیّة للإنسان، لا عدد ولا حصر لها، فکذلک الصّفات الروحانیّة، و الملکات الأخلاقیّة الصّالحة و الطّالحة، لا عدد ولا حصر لها.

—–

 

 


1. أصول الکافی، ج1، ص20 إلى 23، ح14.
2. الکلمات القصار، نهج البلاغة، الکلمة 31 (مع التلخیص) وکذلک فی اُصول الکافی، ج2، ص 391، باب دعائم الکفر وشعبه.
3. غرر الحکم.
4. تحف العقول، ص264.
5. بحار الأنوار، ج36، ص358.
6. غرر الحکم.
7. المصدر السابق.
8. اُصول الکافی، ج2، ص240.
9. اُصول الکافى، ج 2، ص289.
10. بحار الأنوار، ج69، ص105، ح3.
 
تنویهالعودة للاُصول الأخلاقیّة فی القرآن الکریم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma