3 ـ موانع الذّکر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 1
الاستغلال السّیء2 ـ مراتب الذّکر

لا توجد موانع تقف فی طریق الذّکر اللّفظی، فیمکن لِلإنسان أن یذکر أسماء و صفات الله الجمالیّة و الجلالیّة، و یجریها على لِسانه فی أیِّ وقت شاء، إلاّ أن یکون الإنسان مُنشغلاً وغارقاً فی الدّنیا، لدرجة لا یبقى وقتٌ لِلذکر اللّفظی.

أمّا الذّکر القلبی و المعنوی، فتقف دونه موانعٌ و سدودٌ کثیرةٌ، أهمّها ما یَکمُنْ فی واقع الإنسان نفسه، فبالرّغم من أنّ الله تبارک و تعالى، مع الإنسان فی کلِّ مکان و زمان، و أقرب إلینا من کلّ شیء: (وَنَحْنُ أَقرَبُ إِلَیهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِیدِ )(1).

أو کما ورد فی الحدیث العلوی المشهور: «ما رأَیتُ شَیئاً إلاّ وَرَأیتُ اللهَ قَبلَهُ وَبَعدَهُ وَ مَعَهُ».

ولکن مع ذلک، فإنّ کثیراً من أعمال الإنسان و صفاته الشّیطانیّة، تضع الحُجب على عینه، فلا یُحسّ بوجود الله تعالى أبداً، من موقع الحضور و الشّهود القلبی، و کما یقول الإمام السّجاد(علیه السلام)، فی دعاء أبی حمزة الثمالی: «وإنَّکَ لا تَحتَجِبُ عَنْ خَلْقِکَ إِلاّ أَن تَحجُبَهُم الأَعمالُ دُونَکَ»، و أهم تلک الحُجب، هی « الأنانیّة» التی تذهل الإنسان عن ذکر ربه.

فالأنانی لا یعیش مع الله تعالى من موقع الوُضوح فی الرّؤیة، لأنّ الأنانیّة من أنواع الشّرک التی لا تتناسب مع حقیقة التّوحید!.

و نقرأ فی حدیث عن علیٍّ(علیه السلام) أنّه قال: «کُلُّ ما أَلهى مِنْ ذِکْرِ اللهِ فَهُوَ مِنْ إِبلِیسَ»(2).

و فی حدیث آخر عن علیِّ(علیه السلام) أنّه قال: «کُلُّ ما أَلهى عَنْ ذِکْرِ اللهِ فَهُوَ مِنْ المَیسرِ»(3).

ونعلم أن المَیسر، جُعِل فی القرآن الکریم، ردیفاً لعبادة الأوثان(4).

و نختم هذا الکلام عن موقع الذّکر، بحدیث عن الرّسول الأکرم، و قد جاء فی معرض تفسیره للآیة الکریمة: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا، لاَ تُلْهِکُمْ أَمْوَالُکُمْ وَلاَ أَوْلاَدُکُمْ عَنْ ذِکْرِ اللهِ، وَ

مَنْ یَفْعَلْ ذَلِکَ فَأُوْلَئِکَ هُمْ الْخَاسِرُونَ )(5).

قال(صلى الله علیه وآله): «هُم عِبادٌ مِنْ اُمَّتی، الصَّالِحُونَ مِنْهُم لا تُلهِیهِم تِجارَةٌ ولا بَیعٌْ عَنْ ذِکْرِ اللهِ وَ عنِ الصَّلاةِ المَفرُوضَة الخَمْسِ»(6).

نعم فإنّهم فی کلّ حرکاتهم و سکناتهم، یبتغون وجه الله تعالى، ولا غیر.

—–

 


1. سورة ق، الآیة 16.
2. میزان الحکمة، ج2، ث975، الطّبعة الجدیدة مبحث الذّکر.
3. المصدر السّابق.
4. راجع الآیة 90 من سورة المائدة.
5. سورة المنافقین، الآیة 9.
6. میزان الحکمة، ج2، ص975، الطبعة الجدیدة.

 

الاستغلال السّیء2 ـ مراتب الذّکر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma