إستثناءات الکذب

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
طریق الفرار من الکذب (التوریة)طرق علاج الکذب

وبالرغم من أنّ الکذب من أهمّ الذنوب وأخطرها بحال الإنسان على المستوى المادی والمعنوی، والفردی والاجتماعی، ولکن مع ذلک هناک موارد عدیدة وردت فی الروایات الإسلامیة وکلمات الفقهاء وعلماء الأخلاق على شکل إستثناء من قبح الکذب.

وهذه الموارد عبارة عن:

1 ـ الکذب لإصلاح ذات البین.

2 ـ الکذب لخداع العدو وفی میادین القتال.

3 ـ الکذب فی مقام التقیة.

4 ـ لدفع الظالمین.

5 ـ الکذب فی جمیع الموارد التی یجد الإنسان نفسه وناموسه فی خطر محدق ولا نجاة له إلاّ بالتوسل بالکذب.

ففی جمیع هذه الموارد یمکننا استخلاص قاعدة کلیة، وهی أنّه إذا کانت الأهداف الأهم فی خطر ولا یجد الإنسان لدفع هذا الخطر إلاّ بواسطة الکذب فیجوز له ذلک، وبعبارة اُخرى: إنّ جمیع هذه الموارد مشمولة لقاعدة الأهم والمهم، وعلى سبیل المثال فلو ابتلى الإنسان بجماعة متعصبة وجاهلة ومتوحشة وسألوه عن مذهبه، فلو أنّه قال الحقیقة لهم فأنّهم سوف یسفکون دمه فوراً، فالعقل والشرع هنا لا یبیحان له أن یصدقهم فی جوابه بل یجوز له الکذب حینئذ لإنقاذ نفسه من شرّهم، أو فی الموارد التی یکون هناک اختلاف شدید بین شخصین ویجد الإنسان لحلّ هذا الاختلاف والمشکلة العالقة بینهما طریقاً إلى ذلک بالاستعانة بالکذب (کأن یقول لأحدهما أنّ الشخص الفلانی یحبّک ویذکرک بالخیر دائماً فی المجالس) ممّا یثیر فی نفس الطرف الآخر أجواء المحبّة والصفاء والصلح بینهما، وهکذا فی أمثال هذه الأهداف المهمّة والغایات الخیّرة، لا أنّ الإنسان وبدافع من منافعه الشخصیة والمصالح الجزئیة یستخدم الکذب، فهذا الاستثناء لقبح الکذب تدخل فی دائرة الضرورة ولا یصح أن تکون مسوّغاً وذریعة بید الأفراد لاستخدام أداة الکذب فی کل مورد من الموارد الجزئیة.

وفی الحقیقة فإنّ اباحة الکذب فی هذه الموارد الضروریة هی من قبیل حلّیة (أکل المیتة) فی المواقع الضروریة حیث یجب التناول منها بمقدار الضرورة ولا یسلک الإنسان هذا الطریق إلاّ فی مواقع الضرورة.

والدلیل على هذه الاستثناءات مضافاً إلى القاعدة العقلیة المذکورة أعلاه (قاعدة الأهم والمهم) هو الروایات المتعددة المذکورة فی المصادر الإسلامیة عن المعصومین(علیهم السلام):

1 ـ ففی حدیث معروف عن الإمام الصادق(علیه السلام) قوله: «لَیسَ شَیءٌ مِمّـا حَرَّمَ اللهُ إلاّ وَقَد أَحَلَّهُ لِمَنِ اضطُرَّ إلَیهِ»(1).

 2 ـ وقد ورد عن الإمام علی(علیه السلام) عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أیضاً أنّه قال: «إحلِفْ بِاللهِ کـاذِباً ونَجِّ أَخـاکَ مِنَ القَتلِ»(2).

3 ـ وفی حدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أیضاً أنّه قال: «کُلُّ الِکذبِ یَکتُبُ عَلَى إبنِ آدَمِ إلاّ رَجُلٌ کَذَبَ بَینَ رَجُلَینِ یُصلِحُ بَینَهُما»(3).

4 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «الکِذبُ مَذمُومٌ إلاّ فِی أَمرَینِ دَفعُ شَرِّ الظَّلَمةِ وَإصلاحُ ذاتِ البَینِ»(4).

5 ـ وفی حدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «کُلُّ الکِذْبِ مَکتُوبٌ کِذباً لا مَحـالَةَ إلاّ أَنْ یَکذِبَ الرَّجُلُ فِی الحَربِ فَإِنَّ الحَربَ خُدعَةٌ أَو یَکُونَ بَینَ رَجُلَینِ شَحنـاءَ فَیُصلِحُ بَینَهُما أَو یُحَدِّثُ إِمرأَتَهُ یِرضِیهـا»(5).

والمراد من الجملة الأخیرة لیس هو أنّ الإنسان متى ما أراد الکذب على زوجته جاز له ذلک، بل ناظرة إلى موارد تکون الزوجة لها توقّعات کثیرة وغیر معقولة من زوجها أو أنّ إمکانات الزوج لا تستوعب کلّ هذه التوقّعات ولذلک یتحرّک الزوج فی تعامله معها من موقع الکذب والوعد بتحقیق مطالبها لیسکت اعتراضها ولیهدّیء من ثورتها ویحتمل أن تنسى ذلک فیما بعد وتنتهی المنازعة فیما بینهما.

ویصدق هذا المعنى أیضاً على توقّعات الزوج غیر المنطقیة کما وردت الإشارة إلى ذلک فی بعض الروایات أیضاً.

 


1. بحار الانوار، ج101، ص284.
2. وسائل الشیعة، ج16، ص134، ح4، الباب 12 من أبواب کتاب الإیمان.
3. المحجة البیضاء، ج5، ص245.
4. بحار الانوار، ج69، ص263.
5. المحجة البیضاء، ج5، ص245.

 

طریق الفرار من الکذب (التوریة)طرق علاج الکذب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma