الجدال والمراء فی الروایات الإسلامیة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
الآثار السلبیة للجدال والمراءالفرق ین الجدال والمراء والخصومة

نظراً إلى أنّ الجدال بالباطل یتسبب فی إخفاء الحق وزیادة عناصر التعصب والخشونة وما یترتب على ذلک من المفاسد والاضرار الکثیرة، نرى أنّ الروایات الإسلامیة قد نهت عن الجدال والمراء بشدّة خاصّة إذا کان بالنسبة إلى الاُمور الدینیّة ومن ذلک:

1 ـ ما ورد عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «مـا ضَلَّ قَومٌ بَعدَ أَنْ هَداهُمُ اللهُ إلاّ اُوتُوا الجَدَلَ»(1).

2 ـ وهذا المضمون ورد أیضاً فی حدیث آخر مع تفاوت یسیر عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)أیضاً حیث قال: «مـا ضَلَّ قَومٌ إلاّ أَوثَقُوا بالجَدَلَ»(2).

3 ـ وقد ورد فی حدیث عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «لَعَنَ اللهُ الَّذِینَ یُجـادِلُونَ فِی دِینِهِ اُولئِکَ مَلعُونُونَ عَلى لِسانِ نَبِیِّهِ»(3).

4 ـ وفی حدیث آخر عن هذا الإمام(علیه السلام) أیضاً أنّه قال: «الجَدَلُ فِی الدِّینِ یُفسِدُ الیَقِینَ»(4).

5 ـ فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إِیّاکُم وَالخُصُومَةَ فِی الدِّینِ فَإنَّهـا تُشغِلُ القَلبَ عَنْ ذِکرِ اللهِ عَزَّوَجَلَّ وَتُورثُ النِّفـاقِ، وَتَکسِبُ الضَّغـائِنَ، وَتَستَجِیرُ بالکِذبَ»(5).

والتعبیر بالخصومة فی الدین رغم أنّها لا تنطوی تحت عنوان الجدال ولکنّها من الموارد الشبیهة بهذا المعنى.

6 ـ ونظیر هذا المعنى ما ورد عن الإمام علی بن موسى الرضا(علیه السلام) أنّه قال: «إِیَّاکَ وَالخُصُومَةَ فَإنَّهـا تُورثُ الشَّکَّ وَتَحبِطُ العَمَلَ وَتُردِی بِصـاحِبِهـا»(6).

7 ـ ومن نصائح لقمان الحکیم لابنه فی ترک الجدال: «یـا بُنَیَّ لا تُجـادلِ العُلَمـاءَ فَیَمقُتُوکَ»(7).

8 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن أمیر المؤمنین(علیه السلام): «مَنْ طَلَبَ الدِّینَ بِالجَدَلِ تَزَندَقَ»(8).

9 ـ قال الإمام على بن موسى الرضا(علیه السلام) لأحد أصحابه: «أَبلِغْ عَنِّی أَولِیـائِی السَّلامَ وَقَلْ لَهُم أَنْ لا یَجعَلُوا لِلشِّیطـانِ عَلى أَنفُسِهِم سَبِیلاً وَمُرهُم بِالصِّدقِ فِی الحَدِیثِ وَأَداءِ الأَمـانَةِ وَمُرهُم بِالسُّکُوتِ وَتَرکِ الجِدالِ فِیمـا لا یَعنِیهم»(9).

10 ـ نختم هذا البحث بحدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) عن نسبة الإیمان والمراء والجدال، حیث یقول: «لا یَستَکمِلُ عَبدٌ حَقِیقَةَ الإِیمـانِ حتَّى یَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن کـانَ مُحِقّاً»(10).

أمّا المراء الذی سبق وأن قلنا بالفرق بینه وبین الجدال فحاصل الکلام هو أنّ الجدال یعنی کل شکل من أشکال الشجار اللفظی والنزاع الکلامی، فی حین أنّ المراء یأتی بمعنى المباحثة فی شیء یکون فیه شک وتردید، فتارة تکون هذه المباحثة بدافع من طلب الحق وتوضیح المطلب، واُخرى تکون بدافع من التعصّبواللّجاجة وإظهار التفوّق والفضل على الطرف الآخر، وهذه الحالة مذمومة جداً، وفی الروایات الإسلامیة ینصب الذم على هذا النوع من المباحثة اللفظیة، رغم عدم وجود تفاوت کبیر بینه وبین الجدال.

1 ـ ورد فی الحدیث الشریف معنى المراء بما تقدم أعلاه، فعن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)قال: «لا یَستَکمِلُ عَبدٌ حَقِیقَةَ الإِیمـانِ حتَّى یَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن کـانَ مُحِقّاً»(11).

وهذا إشارة إلى أنّ المناقشة والمنازعة اللفظیة من موقع اللجاجة وبدافع من إظهار التفوّق والفخر على الآخر حتّى فی المسائل الحقّة تکون سبباً فی سقوط الإنسان على المستوى الأخلاقی والعقائدی.

2 ـ وفی حدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أیضاً بواسطة عدّة أشخاص من الصحابة الذین قالوا: دخل رسول الله یوماً علینا ونحن نتمارى فی شیء من أمر الدین فغضب غضباً شدیداً لم یغضب مثله ثم قال: «إِنّمـا هَلَکَ مَنْ کـانَ قَبلَکُم بِهذا، ذَرُوا المِراءَ فَإِنَّ المُؤمِنَ لا یُـمارِی، ذَرُوا المِراءَ فَإنَّ المِمـاری قَدْ تَمَّتْ خَسـارَتُهُ، ذَرُوا المِراءَ فَانا المِمـاری لا أَشفَعُ لَهُ یَومَ القِیـامَةِ، ذَرُوا المِراءَ فَانا زَعِیمٌ بِثَلاثَةِ أَبیـات فِی الجَنَّةِ فِی رِیـاضِها وَأَوسَطِها وَأَعلاهـا لِمَنْ تَرَکَ المِراءِ وَهُوَ صـادِقٌ، ذَرُوا المِراءَ فَإنَّ أَوَّلَ مـا نَهـانِی عَنهُ رَبِّی بَعدَ عِبَـادَةِ الأَوثـانِ المِراءُ»(12).

3 ـ وفی حدیث آخر عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «ذَرُوا المِراءَ فَإنّه لا تَفهَمُ حِکمَتُهُ وَلا تُؤمَنُ فِتنَتَهُ»(13).

وهو إشارة إلى أنّ الشخص المماری یرى أنّه لم یعرف نفسه ولا الآخرین، ومثل هذا الشخص یعیش أجواء الحرمان من إدراک الحقائق الدینیة قطعاً.

5 ـ وجاء فی حدیث آخر أنّ رجلاً قال للإمام الحسین(علیه السلام) اُجلس اناظرک فی الدین، فأجابه الإمام: «یـا هذا أَنَا بَصِیرٌ بِدِینِی مَکشُوفٌ عَلَیَّ هُدای فَإن کُنتَ جـاهِلاًبِدِینِکَ فَاذهَبْ وَاطلُبهُ، مـالِی وَللمُماراتِ وإِنَّ الشَّیطـانَ لِیُوسوِسُ لِلرَّجُلِ وَیُنـاجِیهِ وَیَقُولُ نـاظِرِ النَّاسَ فِی الدِّینِ کَی لا یَظُنُّوا بِکَ العَجزَ وَالجَهلَ»(14).

6 ـ وفی حدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «أَربَعٌ یُمِتْنَ القُلُوبَ الذِّنبُ عَلى الذَّنبِ وَکَثرَةُ مُنـاقشَةِ النِّسـاءِ یَعنِی مُحـادَتَهُنَّ وَمُمـاراتُ الأَحمَقِ تَقُولُ وَیَقُولُ وَلا یَرجَعُ إِلى خَیر وَمُجـالَسَةُ المَوتى، فَقِیلَ: یـا رَسُولُ اللهِ وَمـا المَوتى، قَالَ: کُلُّ غَنِی مُترَفٌ»(15).

7 ـ جاء عن أمیرالمؤمنین قوله: «إِیّاکُم وَالمِراءِ وَالخُصُومَةَ فَإِنَّهُمـا یَمرُضـانِ القُلُوبَ عَلَى الإِخوانِ وَینبِتُ عَلَیهِمـا النِّفـاقِ»(16).

8 ـ ولهذا فقد ورد فی حدیث آخر عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال فی خطاب له أمام حشد من المسلمین: «أَورَعُ النّاسِ مَنْ تَرَکَ المِراءَ وَإِنْ کـانَ مُحِقـاً»(17).


9 ـ وفی روایة عن الإمام أمیرالمؤمنین(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «جِمـاعُ الشَّرِّ اللِّجـاجُ وَکَثرَةُ المِمـارَاةِ»(18).

10 ـ ونختم هذا البحث بحدیث آخر عن سلمان الفارسی عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)أنّه قال: «لا یُؤمِنُ رَجُلُ حَتّى یُحِبُّ أَهلِ بَیتِی وَحَتّى یَدَعَ المِراءَ وَهُوَ مُحِقٌّ فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطـابِ: مـا عَلامَةُ حُبِّ أَهلِ بَیتِکَ؟ قـالَ: هذا، فَضَرَبَ بِیَدِهِ عَلى عَلیِّ بنِ أَبِی طـالِب(علیه السلام)»(19).

ولا شک أنّ هذین الموضوعین یرتبطان ببعضهما برابطة وثیقة حیث ذکرهما النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی کلامه مقترنین، ولعل هذه الرابطة من جهة أنّ دلائل فضل الإمام علی وأهل بیته(علیهم السلام) إلى درجة من الوضوح والبداهة بحیث یقبلها کل إنسان یتحرّک من موقع الإنصاف ویبتعد عن الجدال والمراء والخصومة ویهدف إلى طلب الحقیقة.

* * *

إنّ الروایات الشریفة فی ذمّ المراء کثیرة جدّاً، وما ذکر من الروایات العشر أعلاه إنّما هی نماذج وعیّنات من هذا الباب والنظر الدقیق فی هذه الأحادیث والروایات یکفی لکی یحیط الإنسان بأخطار هذا الخلق الذمیم وعواقبه الوخیمة وآثاره المخرّبة على المستوى الفردی والاجتماعی.

 


1. احیاء العلوم، ج3، ص1553.
2. بحار الانوار، ج2، ص138، ح52.
3. المصدر السابق، ص129، ح13.
4. غرر الحکم.
5. بحار الانوار، ج2، ص128، ح6.
6. المصدر السابق، ص134، ح30.
7. مجموعة الورام، ج1، ص117، (باب ما جاء فی المراء والمزاح).
8. المحجة البیضاء، ج1، ص107.
9. میران الحکمة، ج1، ص273.
10. المحجة البیضاء، ج5، ص208.
11. بحار الانوار، ج2، ص139، ح53.
12. بحارالانوار، ج 2، ص 139، ح50.
13. المصدر السابق، ص134، ح31.
14. المصدر السابق، ح32.
15. المصدر السابق، ص128، ح10.
16. المصدر السایق، ص139، ح56.
17. المصدر السابق، ص127، ح3.
18. غرر الحکم.
19. سفینة البحار، مادة «مَرَء» بحار الانوار، ج27، ص107، ح79.

 

الآثار السلبیة للجدال والمراءالفرق ین الجدال والمراء والخصومة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma