أقسام حفظ السِّر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
معطیات حفظ السّر وإفشائهحفظ السِّر فی الروایات الإسلامیّة

لحفظ السّر أقسام متعددة منها:

1 ـ حفظ أسرار الآخرین.

2 ـ حفط أسرار النفس.

3 ـ حفظ أسرار أولیاء الدین.

4 ـ حفظ أسرار النظام والحکومة الإسلامیة.

أمّا ما ورد فی الروایات المذکورة آنفاً فإنّه یتعلّق بحفظ أسرار الآخرین، ولکن هناک روایات واردة فی حفظ أسرار النفس أیضاً حیث توصی المسلمین بحفظ أسرارهم الخاصة فی حیاتهم الفردیة، لأنّه قد تکون إذاعتها وإفشائها سبباً لإثارة عناصر الحسد والحقد والمنافسة غیر المنصفة، وبالتالی یقع الإنسان مورد عدوان الأشخاص الذین یعیشون الحقد وضیق الاُفق وتتعرّض مصالحه إلى خطر کما نقرأ فیما یلی نماذج لهذه الروایات:

1 ـ ما ورد فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «سِرُّکَ سُرُورُکَ إِنْ کَتَمتَهُ وإِنْ أَذَعَتَهُ کـانَ ثُبُورَکَ»(1).

2 ـ ویقول(علیه السلام) فی حدیث آخر: «سِرُّکَ أَسِیرُکَ فَإنْ أَفشَیتَهُ صِرتَ أَسِیرَهُ»(2).

3 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن هذا الإمام(علیه السلام) قوله: «صَدرُ العـاقِلِ صُندُوقِ سِرِّهِ»(3).

4 ـ ونقرأ فی حدیث شریف عن الإمام الصادق(علیه السلام) قوله: «سِرُّکَ مِنْ دَمِکَ فَلا یَجرِینَ فِی غَیرِ أَودَاجِکَ»(4).

5 ـ وجاء فی حدیث عمیق المعنى عن الإمام علی بن موسى الرضا(علیه السلام) أنّ المؤمن لا یکون مؤمناً إلاّ إذا توفّرت فیه ثلاث خصال: «فَسُنَّةٌ مِنْ رَبِّهِ کِتمـانُ سِرِّهِ قَـالَ اللهُ تَعالى: عـالِمُ الغَیبِ فَلا یُظهِرُ عَلى غَیبِهِ أَحَداً إلاّ مَنِ ارتَضى مِنْ رَسُول»(5).

ونقرأ فی بعض الروایات أیضاً أنّها توصی بحفظ الأسرار وعدم إذاعتها حتى لأقرب المقرّبین من الأصدقاء، لأنّه یمکن أن تتغیّر الظروف والأیّام وینقلب الصدیق إلى عدو وبالتالی سوف یتحرّک على مستوى إذاعة هذه الأسرار وإفشائها.

ویقول الإمام الصادق(علیه السلام): «لا تَطَّلِع صَدِیقَکَ مِنْ سِرِّکَ إِلاّ عَلى مـا لَو اطَّلَعتَ عَلَیهِ عَدُوَّکَ لَمْ یَضُرُّکَ فَإنَّ الصَّدِیقَ قَد یَکُونَ عَدُوُّاً یَوماً مـا»(6).

أمّا فی مورد إفشاء أسرار أولیاء الله تعالى والأئمّة المعصومین(علیهم السلام) فقد وردت روایات مهمّة جدّاً تؤکّد بشدّة على کتمان هذه الأسرار.

وهذه الأسرار یمکن أن تکون إشارة إلى المقامات المعنویة المهمّة للمعصومین بحیث أنّ الأعداء إذا اطّلعوا علیها حملوا ذلک على محمل الغلو وکان ذلک ذریعة بیدهم لتکفیر الشیعة أو تضعیفهم أو القضاء علیهم فی حین أنّها لیست من الغلو بل هی مقامات موافقة للقرآن الکریم وللسنة النبویة.

أو هی إشارة إلى أسرارهم بالنسبة إلى العمل فی نشر مذهب أهل البیت فی المناطق المختلفة من البلاد الإسلامیة حیث یثیر هذا الموضوع حساسیة المخالفین فیزدادوا تعصّباً ویعملوا على منع هذه الأعمال والنشاطات الدینیة.

أو أنّها إشارة إلى زمن الظهور للإمام القائم(علیه السلام) من أهل البیت(علیهم السلام) کما وردت الإشارة إلى ذلک فی بعض الروایات الشریفة وأنّ بعض الأئمّة المعصومین(علیهم السلام)عزم على القیام بوجه الحکومات الظالمة فی ذلک الزمان، ولکن بما أنّ بعض الشیعة أذاعوا أسرار هذه النهضة فإنّ ذلک أدّى إلى فشلها وإجهاضها، وقد وردت الإشارة إلى ذلک فی بعض الروایات التی تحث الشیعة على کتمان أسرار المعصومین(علیهم السلام) ومن ذلک:

1 ـ ما ورد فی الحدیث الشریف عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إِذا تَقـارَبَ هذا الأَمرُ کـانَ أَشَدُّ لِلتَّقِیَّةِ»(7).

2 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن هذا الإمام(علیه السلام) قوله: «مَنْ أَفشـى سِرَّنـا أَهلَ البَیتِ أَذاقَهُ اللهُ حَرَّ الحَدِیدِ»(8).

3 ـ ونقرأ أیضاً فی حدیث آخر عن الإمام الحسن العسکری(علیه السلام) أنّه قال لأحد أصحابه: «آمُرُکَ أَنْ تَصُونَ دِینَکَ وَعِلمَنـا الَّذِی أَودَعنـاکَ وَأَسرارنـا الَّذِی حَمَلنـاکَ فَلا تُبدِ عُلُومَنـا لِمَنْ یُقـابِلُهـا بِالعَنـادِ... ولا تُفشِ سِرَّنـا إِلى مَنْ یَشِیعُ عَلَینا عِندَ الجـاهِلِینَ بِأَحوالِنـا»(9).

ویستفاد من هذا الحدیث الشریف أنّ إذاعة أسرار الأئمّة المعصومین(علیهم السلام)أمام أهل الحق ومن یتحرّک فی سبیل طلب الهدایة والحق فإنّه لا بأس به ولا مندوحة منه، ولکنّ المنع الوارد فی الروایات یختصّ باذاعتها للأشخاص الذین یعیشون العناد والحقد وأنّهم لو سمعوا بمقامات أهل البیت وفضائلهم وعلومهم فإنّهم سیجدون فی أنفسهم الحسد وتتحرّک فیهم البغضاء فیتکلّمون بکلمات غیر مسؤولة ویثیرون المصاعب والمشکلات أمام أتباع أهل البیت(علیهم السلام).

4 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) قوله: «إِمتَحِنوا شِیعَتَنـا عِندَ ثَلاث: عِندَ مَواقِیتِ الصَّلاةِ کَیفَ مُحـافَظَتَهُم عَلَیهـا، وعِندَ أَسرارهِم کَیفَ حِفظُهُم لَهـا عَنْ عَدُوِّنـا وَإِلى أَموالِهِم کَیفَ مُواسـاتِهِم لإِخوانِهِم عَلَیهـا»(10).

5 ـ وورد فی حدیث شریف عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «مـا قَتَلَنـا مَنْ أَذاعَ حَدِیثَنـا قَتلَ خَطاء وَلَکِن قَتَلَنـا قَتلَ عَمد»(11).

6 ـ وفی الحقیقة أنّ الکثیر من المشکلات والمصاعب التی واجهها الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) وتعرّضوا بالتالی إلى الوقوع فی أسر الظالمین والأعداء بسبب أنّ بعض أفراد الشیعة لم یکونوا ملتزمین بالانضباط فی کلماتهم وأحادیثهم فکانوا یتحدّثون عن فضائل أهل البیت(علیهم السلام) ومناقبهم أو عن رذائل أعدائهم ونقاط ضعفهم ویذیعونها إلى القریب والبعید، فتصل إلى أسماع الحکّام والاُمراء فتؤدّی إلى مضاعفة عملیات التضییق والارهاب فی حق أهل البیت(علیهم السلام)وقد تفضی إلى قتلهم على ید حکومات الجور، وکذلک فی إذاعة الأخبار التی تتحدّث عن قائم أهل البیت(علیه السلام)وانتقامه من الأعداء والتی تورث هؤلاء الاعداء الخوف والوحشة، فیتحرّکون فی المقابل بالانتقام من أهل البیت(علیهم السلام).

7 ـ وجاء فی حدیث آخر بهذا المضمون ولکن بصیاغة جدیدة عن هذا الإمام أیضاً فی تفسیر الآیة الشریفة: (وَیَقْتُلُونَ الاَْنبِیَاءَ بِغَیْرِ حَقّ)(12)، قال: «أَمـا وَاللهِ مـا قَتَلُوهُم بِأَسیـافِهِم وَلَکن أَذاعُوا سِرَّهُم وَأَفشَوا عَلَیهِم فَقُتِلُوا»(13).

8 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن المفضّل بن عمر قال: دخلت على أبی عبدالله(علیه السلام)یوم صلب فیه المعلى فقلت له: یا ابن رسول الله ألا ترى هذا الخطب الجلیل الذی نزل بالشیعة فی هذا الیوم؟ قال: ومـا هُو؟ قال: قلت: قَتلُ المُعلى بن خُنیس، قال: «رَحِمَ اللهُ المُعلَّى قَد کُنتُ أَتَوقَّعُ ذِلِکَ أَنّهُ قَد أَذاعَ سِرَّنـا، وَلَیسَ النَّاصِبُ لَنـا حَرباً بِأَعظَمَ مَؤونَةً عَلَینا مِنَ المُذِیعُ عَلَینا سِرَّنـا»(14).

وعلى أی حال فإنّ حفظ أسرار أئمّة أهل البیت(علیهم السلام)، وبشکل عام حفظ أسرار المذهب من المسائل المسلّمة التی لا ینبغی التردید فیها، لأنّ هذه الأسرار إذا اُذیعت ووصلت إلى أیدی الأعداء فسوف یتحرّک فیهم عنصر الحسد بالنسبة إلى فضائل أهل البیت(علیهم السلام)ومناقبهم، فیسعون إلى التصدّی لنشاطات الأئمّة فی الدائرة الاجتماعیة والتربویة والثقافیة ویجهضوا أی عمل نافع للاُمّة، ولهذا السبب ورد التأکید فی الروایات الشریفة على حفظ هذه الأسرار.

والقسم الأخیر من حفظ السر هو المحافظة على الأسرار العسکریة والسیاسیة للدولة الإسلامیة،ووجوبه من البدیهیات، ولهذا نجد أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) إهتمّ بهذا الأمر غایة الاهتمام، وأوصى کذلک أصحابه بالمحافظة على هذه الأسرار أیضاً، والکثیر من الأنتصارات التی حققّها المسلمون على أعدائهم من المشرکین والیهود وقوى الانحراف الاُخرى کان بسبب الالتزام والانضباط فی هذه المسألة الدقیقة، فمثلاً نقرأ فی قصّة فتح مکّة أنّه لو أنّ تلک المرأة (سارة) کانت قد وصلت إلى مکة وأخبرت المشرکین بما یعدّه النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والمسلمون من الجیوش والقوى العسکریة لفتح مکّة، فمن الطبیعی أنّ فتح مکة لا یتیسّر للمسلمین بتلک السهولة، وقد تراق فی سبیل ذلک الکثیر من الدماء من الطرفین، ولکن تأکید النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) على حفظ الطرق وارساله من یعید هذه المرأة النمامة تسبب فی أن یصل جیش الإسلام إلى أسوار مکة بدون أیّة صعوبة وبسرعة فائقة حتى أنّ المشرکین انبهروا وتخاذلوا لما تفاجئوا من قوة الإسلام وسرعة المبادرة وعملیة المباغتة لهم واستسلموا جمیعاً.

ونقرأ فی الروایات الإسلامیة إشارات إلى هذه المسألة أیضاً بتعبیرات عمیقة المغزى، ومن ذلک:

1 ـ ما ورد عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «الظَّفَرُ بِالحَزمِ بِإجـالَةِ الرَّأَی، وَالرَّأی بِتَحصَینِ الأَسرارِ»(15).

2 ـ وورد فی الحدیث الشریف عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَیَّرَ قَوماً بِالإِذاعَةِ فَقَالَ: إِذا جـاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنُ أو الخَوفِ أَذاعُوا بِهِ، فَإِیَّاکُم وَالإِذاعَةِ»(16).

3 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الباقر(علیه السلام) قوله: «إِظهـارُ الشَّیءِ قَبلَ أَنْ یَستَحکُمَ مَفسَدَةٌ لَهُ»(17)، لأنّ المخالفین عندما یطلعون علیه فربّما تحرکوا فی سبیل المنع من تحقیقه ونجاحه.

 

 


1. غرر الحکم.
2. المصدر السابق.
3. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 6.
4. میزان الحکمة، ج4، ص427.
5. بحار الانوار، ج72، ص68.
6. میزان الحکمة، ج4، ص427، ح8419.
7. بحارالانوار، ج72، ص412.
8. المصدر السابق.
9. المصدر السابق، ص418.
10. المصدر السابق، ج80، ص22.
11. اصول الکافی، ج2، ص370، ح4.
12. آل عمران، الآیة 112.
13. مرآة العقول، ج11، ص64، الرقم الجدید7.
14. المصدر السابق، ص62.
15. نهج البلاغة، الکمات القصار، الکلمة 48.
16. مرآة العقول، ج11، ص65.
17. بحار الانوار، ج72، ص71.

 

 
معطیات حفظ السّر وإفشائهحفظ السِّر فی الروایات الإسلامیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma