3ـ القصّة المؤلمة لـ (فدک)

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأمثل 14
سورة الحشر / الآیة 8 ـ 10 2ـ جواب على سؤال

«فدک»: إحدى القرى المثمرة فی أطراف المدینة، وتبعد 140 کم عن خیبر تقریباً، ولمّا سقطت قلاع «خیبر» فی السنة السابعة للهجرة، الواحدة تلو الاُخرى أمام قوّة المسلمین، واندحر الیهود... جاء ساکنو فدک یطلبون الصلح مع رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأعطوا نصف أراضیهم وبساتینهم لرسول الله واحتفظوا بالقسم الآخر لأنفسهم، وتعهّدوا للرسول بزراعة أراضیه وأخذ الاُجرة عوض الجهد الذی یبذلونه.

ومن خلال ملاحظة التفاصیل التی وردت حول (الفیء) فی هذه السورة، فإنّ هذه الأرض کانت من مختّصات الرّسول(صلى الله علیه وآله) ومن صلاحیته أن یصرفها فی شؤونه الشخصیة، أو ما یراه من المصارف الاُخرى التی اُشیر إلیها فی الآیة السابعة من نفس هذه السورة، لذلک فإنّ الرّسول(صلى الله علیه وآله) وهبها لإبنته فاطمة(علیها السلام).

وهذا الحدیث صرّح به الکثیرون من المؤرّخین والمفسّرین من أهل السنّة والشیعة، ومن جملة ما ورد فی تفسیر الدرّ المنثور، نقلا عن ابن عبّاس فی تفسیر قوله تعالى: (فآت ذا القربى حقّه)(1) أنّه(صلى الله علیه وآله) عندما نزلت هذه الآیة علیه أعطى فدکاً لفاطمة، (أقطع رسول الله فاطمة فدکاً)(2).

وجاء فی کتاب کنز العرفان، أنّه جاء فی حاشیة مسند (أحمد) حول مسألة صلة الرحم أنّه نقل عن أبی سعید الخدری أنّ الآیة أعلاه عندما نزلت على  الرّسول(صلى الله علیه وآله) دعا الرّسول فاطمة، وقال: «یافاطمة لک فدک»(3).

وقد أورد الحاکم النیسابوری هذا المعنى فی تأریخه(4).

وقد ذکر ابن أبی الحدید قصّة فدک بصورة مفصّلة فی شرح نهج البلاغة(5)، کما ذکرت کذلک فی کتب اُخرى کثیرة.

إلاّ أنّ بعض أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله) کان یعتقد أنّ وجود (فدک) بید زوجة الإمام علی(علیه السلام) تمثّل قدرة اقتصادیة یمکن أن تستخدم فی مجال التحرّک السیاسی الخاصّ بالإمام علی(علیه السلام). ومن جهة اُخرى کان هنالک موقف وتصمیم على تحجیم حرکة الإمام(علیه السلام)وأصحابه فی المجالات المختلفة، لذا تمّت مصادرة تلک الأرض بذریعة الحدیث الموضوع: (نحن معاشر الأنبیاء لا نورث). مع أنّ (فدک) کانت بید فاطمة(علیها السلام)، وذو الید لا یطالب بشهادة أو بیّنة. والجدیر بالذکر أنّ الإمام علی(علیه السلام) قد أقام الشهادة على أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قد منح فدکاً إلى فاطمة(علیها السلام)، إلاّ أنّهم مع کلّ هذا لم یرتّبوا أثراً على هذه الشهادة.

وقد استعملت قضیّة فدک عبر العصور التأریخیة المختلفة کموضوع یراد التظاهر من خلاله بالودّ لأهل البیت(علیهم السلام) من قبل بعض الخلفاء وذلک لمآرب سیاسیّة، فکانوا یرجعون فدکاً لآل الرّسول تارةً، ویصادرونها ثانیة، وقد تکرّر هذا الفعل عدّة مرّات فی فترات حکم خلفاء بنی اُمیّة وبنی العبّاس.

وقصّة فدک وما رافقها من أحداث مؤلمة وقعت فی صدر الإسلام هی من أکثر القصص ألماً وحزناً، وفی نفس الوقت تکاد أن تکون من أکثر حوادث التاریخ عبرةً، ولابدّ من التوقّف عندها والتأمّل فی أحداثها المختلفة ضمن بحث محاید دقیق.

والجدیر بالملاحظة أنّه روى مسلم فی صحیحه قال: (حدّثنی محمّد بن رافع، أخبرنا حُجین، حدّثنا لیث بن عقیل، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبیر عن عائشة، أنّها أخبرته أنّ فاطمة بنت رسول أرسلت إلى أبی بکر الصدّیق تسأله میراثها من رسول الله ممّا أفاء الله علیه بالمدینة وفدک وما بقی من خمس خیبر، فقال أبو بکر: إنّ رسول الله قال: «لا نورّث ما ترکناه صدقة إنّما یأکل آل محمّد فی هذا المال» وانّی والله لا اُغیّر شیئاً من صدقة رسول الله عن حالها التی کانت علیها فی عهد رسول الله... فأبى أبو بکر أن یدفع إلى فاطمة شیئاً، فوجدت فاطمة على أبی بکر فی ذلک. قال: فهجرته فلم تکلّمه حتى توفّیت)(6).


1. الروم، 38.
2. تفسیر الدرّ المنثور، ج 4، ص 177.
3. کنز العمّال، ج2، ص158.
4. یراجع کتاب فدک، ص49.
5. شرح نهج البلاغه، لابن أبی الحدید، ج 16، ص 209 وما بعدها.
6. صحیح مسلم، ج 3، ص 1380، ح 52، عن کتاب الجهاد.
سورة الحشر / الآیة 8 ـ 10 2ـ جواب على سؤال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma