کأنّهم یهرعون إلى الأصنام!!

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأمثل 14
محتوى سورةسورة المعارج / الآیة 42 ـ 44

هذه الآیات وهی آخر آیات سورة المعارج جاءت لتنذر وتهدد الکفّار المعاندین والمستهزئین، یقول سبحانه: (فذرهم یخوضوا ویلعبوا حتى یلاقوا یومهم الذی یوعدون)(1).

لا یلزم الاستدلال والموعظة أکثر من هذا، فإنّهم لا یتعضون ولیس لهم الإستعداد للإستیقاظ، دعهم یخوضوا فی أباطیلهم وأراجیفهم کمایلعب الأطفال حتى یحین یومهم الموعود، یوم البعث ویرون کل شیء بأعینهم!

هذه الآیة وبهذا التعبیر وردت فی سورة الزخرف 83.

ثمّ تبیّن الآیة التالیة الیوم الموعود، وتذکر بعض علامات ذلک الیوم المرعب فیقول تعالى: (یوم یخرجون من الأجداث سراعاً کأنّهم إلى نصب یوفضون).

یا له من تعبیر عجیب، إنّه وصف یوم القیامة فی وقت یتجهون فیه سراعاًإلى محکمة العدل الإلهی اتجاهاً یشبه اسراعهم فی یوم احتفال أو عزاء باتجاه أصنام، ولکن أین ذلک من هذا؟ إنّه فی الحقیقة استهزاء بعقائدهم التافهة التی کانوا یعتقدون بها فی الدنیا.

«الأجداث»: جمع جدث ـ على وزن (عبث) ـ وتعنی القبر.

«سراع»: جمع سریع، مثل (ظراف وظریف) وتعنی الحرکة السریعة للشیء أو الإنسان.

«نصب»: جمع نصیب، ویقول البعض: إنّه جمع نصب ـ على وزن (سقف) ـ المراد منه هو ما ینصب کعلامة، وتطلق على الأصنام الحجریة إذ کانوا ینصبونها فی مکان ما لیعبدوها ویُقدّم لها القرابین ثمّ یلطخون دماءها علیها، واختلافه مع الصنم هو أنّ الصنم کان على هیئة صورة وشکل خاص، وأمّا النصب فهو قطعة من الحجر لا شکل له، وکانوا یعبدونه لسبب ما، ونقرأ فی الآیة 3 من سورة المائدة: (وما ذبح على النصب) أی أنّ من جملة اللحوم المحرّمة هی ما یذبحون من الحیوانات على النصب.

«یوفضون»: من (إفاضة) وتعنی الحرکة السریعة المشابهة لحرکة الماء المنحدر من العین، وقال البعض: إنّ المراد من النصب فی الآیة التی نحن بصددها هو الأعلام التی ینصبونها فی وسط الجیش أو القوافل، وعلى کل منهم أن یوصل نفسه بسرعة إلیها، ولکن التّفسیر الأوّل هو الأنسب.

ثمّ تذکر الآیات حالات اُخرى لهؤلاء فتضیف: (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة)(2) من شدّة الهول والوحشة وقد غرقوا فی ذلّة مهینة وفی آخر الآیة یتابع قوله: (ذلک الیوم الذی کانوا یوعدون).

نعم هذا هو الیوم الموعود الذی کان یسخرون منه ویقولون أحیاناً: لنفترض أنّ هناک یوماً کهذا، فإنّ حالنا فی ذلک الیوم هو أفضل من حال المؤمنین، ولکنّهم لا یجرؤون أن یرفعوا رؤوسهم فی ذلک الیوم لشدّة الخوف والوحشة، وقد تعفرت وجوههم ورؤوسهم بغبار الذلّة، وغرقوا فی کتل الهموم الهائلة، ومن المؤکّد أنّهم یندمون فی ذلک الیوم، ولکن ما الفائدة؟

اللّهم: ألبسنا ثوب رحمتک فی ذلک الیوم المهول.

ربّنا: إنّ مصائد الشیطان وحبائله قویة، وهوى النفس غالب، والآمال الطویلة والبعیدة خداعة، فترحم علینا بالیقظة وعدم الانحراف عن المسار الصحیح.

اللّهم: اجعلنا ممن آمن ووفى بعهده وبذل عمره فی طاعتک.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة المعارج


1. «یخوضوا» من أصل «خوض» ـ على وزن حوض ـ وتعنی فی الأصل الحرکة فی الماء، ثمّ جاءت بصیغة الکنایة فی موارد یغطس فیه الإنسان فی الباطل.
2. «ترهقهم» من أصل «رهق» على وزن (سقف) ویراد به غشیان الشیء بقهر.
محتوى سورةسورة المعارج / الآیة 42 ـ 44
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma