الرّابطة بین التقوى والعمران

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأمثل 14
سورة نوح / الآیة 15 ـ 20 ثمرة الإیمان فی الدنیا

نستفید من الآیات المختلفة فی القرآن، ومنها الآیات التی هی محل بحثنا، أنّ الإیمان والعدالة سبب لعمران المجتمعات، والکفر والظلم والخطایا سبب للدمار، نقرأ فی الآیة 96 من سورة الأعراف: (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا علیهم برکات من السماء والأرض). وفی الآیة 41 من سورة الروم نقرأ: (ظهر الفساد فی البر والبحر بما کسبت أیدی الناس) وفی الآیة 30 من سورة الشورى: (وما أصابکم من مصیبة فبما کسبت أیدیکم) وفی الآیة 66 من سورة المائدة: (ولو أنّهم أقاموا التوراة والإنجیل وما أنزل إلیهم من ربّهم لأکلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم).

وآیات اُخرى من هذا القبیل.

هذه الرابطة لیست رابطة معنویة، بل هناک رابطة مادیة واضحة فی هذا المجال أیضاً.

الکفر وعدم الإیمان هو عدم الإحساس بالمسؤولیة، وهو الخروج عن القانون، وتجاهل القیم الأخلاقیة، وهذه الاُمور هی التی تسبب فقدان وحدة المجتمعات، وتزلزل أعمدة الإعتماد والطمأنینة، وهدر الطاقات البشریة والاقتصادیة، واضطراب العدالة الاجتماعیة.

ومن البدیهی أنّ المجتمع الذی تسیطر علیه هذه الاُمور سوف یتراجع بسرعة، ویتخذ طریقه إلى السقوط والفناء.

وإذا کنّا نرى أنّ هناک مجتمعات تحظى بتقدم نسبی فی الاُمور المادیة مع کفرهم وانعدام التّقوى فیهم، فإنّ علینا أن نعرف أیضاً أنّه لابدّ أن یکون ذلک مرهوناً بالمحافظة النسبیة لبعض الاُصول الأخلاقیة، وهذا هو حصیلة میراث الأنبیاء والسابقین، ونتیجة أتعاب القادة الإلهیین والعلماء على طول القرون، وبالإضافة إلى الآیات السالفة هناک روایات کثیرة أیضاً اعتمدت هذا المعنى، وهو أنّ الاستغفار وترک المعاصی یبعث على إصلاح المعیشة وازدیاد الرّزق.

ففی حدیث ورد عن الإمام علی(علیه السلام): «أکثر الاستغفار تجلب الرّزق»(1).

ونقل فی حدیث آخر عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) قال: «من أنعم اللّه علیه نعمة فلیحمد اللّه تعالى ومن استبطأ الرّزق فلیستغفر اللّه، ومن حزنه أمر فیقل: لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه»(2).

ونقرأ فی نهج البلاغة أیض(3) : «وقد جعل اللّه سبحانه الاستغفار سبباً على الرّزق ورحمة الخلق، فقال سبحانه: (استغفروا ربّکم إنّه کان غفّاراً * یرسل السماء علیکم مدرار).

والحقیقة أنّ الحرمان فی هذا العالم سببه العقوبات على الذنوب، وفی الوقت الذی یتوب فیه الإنسان ویتخذ طریق الطهارة والتقوى یصرف اللّه تعالى عنه هذه العقوبات(4).


1. تفسیر نور الثقلین، ج5، ص424.
2. المصدر السّابق.
3. نهج البلاغة، الخطبة 143.
4. لنا شرح آخر فی هذا الباب تحت عنوان «الذنوب وهدم المجتمعات» فی تفسیرنا هذا، ذیل الآیة 52 من سورة هود.
سورة نوح / الآیة 15 ـ 20 ثمرة الإیمان فی الدنیا
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma