المقام الثانی: هل الحرمة فیها ذاتیة؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
المقام الثّالث: ما المراد بالولایة؟المقام الأوّل: حکمها على سبیل الإجمال مع أدلّتها

ظاهر کلام المحقّق(رحمه الله) فی الشرائع أنّ الحرمة فیها لیست ذاتیة، لقوله «وتحرم من قبل الجائر إذا لم یؤمن إعتماد ما یحرم»(1).

ولکن صرّح بعضهم بحرمتها ذاتاً، وحکی عن العلاّمة الطباطبائی(قدس سره) فی مصابیحه میله إلى هذا القول، وأنّها تتضاعف إثماً بإشتمالها على المحرّمات(2).

وعن فقه القرآن للراوندی أن تقلید الأمر من قبل الجائر جائز إذا تمکّن من العیال الحقّ لمستحقّه بالإجماع المتردّد(3).

والعمدة فی إثبات هذا القول ما هو المعلوم بالأدلّة أنّ الحکومة حقّ لله ولأولیائه المأمورین من قبله، فغیره غاصب لها غیر مستحقّ لشیء منها، فالتغلّب علیها حرام وان عدل فیهم، کما أنّ التصدّی للقضاء لمن لم یؤذن له فی الشرع حرام، وان حکم بالحقّ وعدل فی الحکم.

وبالجملة، الحکومة والولایة والقضاء وبیان الفتوى اُمور محتاجة إلى الإذن منه تعالى أو من أولیائه، فالتصدّی لها بدونه حرام ذاتاً (أی مع قطع النظر ممّا یترتّب علیه من الآثار).

وأمّا التغلّب على اُمور الناس بغیر رضىً منهم کما هو الغالب فی الحکومات والولایات حتّى أنّ غیره نادر جدّاً، وتصرّفهم فی اُمورهم ودعوتهم إلى التسلیم لأمرهم ونهیهم، وجعل العقوبات على المخالفین لهم فهی محرّمات اُخرى، ویؤیّد ما ذکرنا ما مرّ فی بعض الروایات السابقة.

 

وأمّا من الأدلّة الخاصّة فالحرمة الذاتیة بالمعنى الذی ذکرنا وإن کان ظاهر روایة تحف العقول ـ بناءاً على کون المفاسد المذکورة فیها من قبیل الحکمة لا العلّة ـ ولکن دعوى کونها علّة، بل وإنصراف عنوان الحکومة إلى ما یتلبّس الحاکم بشیء من أعماله التی لا تنفکّ عن الحرمة بمکان من الإمکان.

وکذلک غیره ممّا یظهر منه ذلک فی بدو النظر لا سیّما ما رواه: ابن بنت الولید بن صبیح الکاهلی عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «من سوّد إسمه فى دیوان ولد سابع حشره الله یوم القیامة خنزیراً»(4).

وروایات 6/45 و 7/45 و 9/46 و 12/46.

ولکن حمل جمیع ذلک على ما ینصرف إلیه الإطلاق فی أمثال المقام من التلبّس بأعمالهم المحرّمة غیر بعید.

ویشهد لهذا التقیید قوله (علیه السلام): واحدة بواحدة، فی روایة 9/46 وروایة 4/45:

وما رواه فی المقنع قال: سئل أبو عبدالله(علیه السلام) عن رجل یحبّ آل محمّد(صلى الله علیه وآله وسلم)وهو فی دیوان هؤلاء فیقتل تحت رایتهم فقال: «یحشره الله على نیّته»(5).

وما رواه زید الشحّام قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد(علیه السلام) یقول: «من تولّى أمراً من اُمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر فى اُمور الناس کان حقّاً على الله عزّوجلّ أن یؤمن روعته یوم القیامة ویدخله الجنّة»(6).

وقوله(علیه السلام): هو بمنزلة الأجیر، فیما رواه الحلبی قال: سئل أبو عبدالله(علیه السلام) عن رجل مسلم وهو فی دیوان هؤلاء وهو یحبّ آل محمّد(صلى الله علیه وآله وسلم) ویخرج مع هؤلاء فی بعثهم فیقتل تحت رایتهم. قال: «یبعثه الله على نیّته». قال: وسألته عن رجل مسکین خدمهم رجاء أن یصیب معهم شیئاً فیعینه الله به فمات فی بعثهم قال: «هو بمنزلة الأجیر أنّه إنّما یعطى الله العباد على نیّاتهم»(7).

فالعمدة فی الحرمة الذاتیة ما عرفته من مقتضى الاُصول.

والذی یقتضیه التحقیق فی الجمع بین هذه الروایات أنّ تسوید الإسم فی دیوانهم إذا کان موجباً لقوّتهم، وکان خالیاً عن فائدة للناس وعن اجراء العدالة کان حراماً، وکذا العمل معهم أو التصدّی للاُمور العامّة من قبلهم.

نعم، إذا عدل فی الناس ونظر فی اُمورهم بما یرضاه الله من الأعمال جاز ذلک، بل کان مثاباً به.

والحاصل إنّ قبول الولایة والتصدّی لها على أنحاء:

2 ـ إذا اضطرّ الناس إلیه وکان کهفاً لهم، وهو أیضاً کذلک.

3 ـ إذا لم یکن شیء من ذلک، ولکن لم یأت إلاّ بما هو مقتضى العدالة، فالظاهر جوازه لا سیّما بمقتضى ما ورد فی الکتاب العزیز فی یوسف(علیه السلام) (اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الاَْرْضِ)(8) وما ورد فیه وفی الباب 48 مضافاً إلى ما مرّ من روایات الباب 46 مثل 6/46 و 7/46 و2/48 و4/45 وغیرها.

ویحمل ما دلّ على الحرمة على ما إذا إقترنت بالحرام، وفی الروایات شواهد جمعت علیه، وعلى هذا لا تکون الحرمة ذاتیة.

ویمکن الجمع بینه وبین ما دل على کون الولایة والحکومة من حقوق الله وأولیائه بأنّ الحرام هو فیما إذا أسّس أساس الحکومة، ولکن إذا کانت الحکومة الجائرة موجودة، ولکن لحق بهم مجتنباً أعمالهم، ولم یصدر منه غیر الحقّ جاز، أو تحمّل الأخبار المجوّزة على غیر الاُمور الهامّة.

وبعبارة اُخرى: هنا ثلاث طوائف من الأخبار: ما یدلّ على الحرمة، وما یدلّ على الجواز، وما یدلّ على الترغیب، والجمع بینها بوجوه ثلاثة:

الأوّل: ما ذهب إلیه فی الشرائع من الجواز عند عدم إرتکاب ما یحرم، والإستحباب عند القدرة على الأمر بالمعروف.

الثانی: إختصاص الحرمة بما إذا لم یأمن من الحرام.

الثالث: إنّ الحرمة تختصّ بما إذا کان قبوله بدافع حبّ الریاسة، أمّا إذا کان قصده الخیر، فتجوز، وان کان لخصوص الحقّ فهو راجح.

والمسألة غیر خالیة عن الإشکال، وسیأتی تتمّة الکلام فی ذلک فی المقام الخامس إن شاء الله.

 


1. نقلا عن الجواهر، ج 22، ص 156.
2. المصدر السابق، ص 159.
3. المصدر السابق، ص 160.
4. وسائل الشیعة، ج 12، ص 130، الباب 42، من أبواب ما یکتسب به، ح 9. ولیعلم أنّ کلمة «سابع» مقلوبة عن کلمة «عبّاس» وکان لأجل التقیّة فالمنظور کتابة الإسم فی دیوان بنی عبّاس.
5. وسائل الشیعة، ج 12، ص 139، الباب 46، من أبواب ما یکتسب به، ح 6.
6. المصدر السابق، ص 140، ح 7.
7. المصدر السابق، ص 146، الباب 48، ح 2.
8. سورة یوسف، الآیة 54.

 

المقام الثّالث: ما المراد بالولایة؟المقام الأوّل: حکمها على سبیل الإجمال مع أدلّتها
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma