الحکمة هی الخیر الکثیر !

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
آیـات الولایـة فی القرآن
الإمام علی (علیه السلام) صاحب الحکمةأبعاد البحث

 (یُؤْتِی الْحِکْمَةَ مَنْ یَشاءُ) ذکروا للحکمة معانی کثیرة من قبیل : «أن الحکمة عبارة عن معرفة أسرار عالم الوجود» و«العلم بحقائق القرآن» و«الوصول إلى الحقّ على مستوى القول والعمل» وأخیراً «الحکمة هی معرفة الله»(1) ویمکن جمع هذه المعانی کلّها بمعنى ومفهوم واسع.

 وبما أن القرآن الکریم تحدّث فی الآیة السابقة (الآیة 268 من سورة البقرة) أن الله تعالى وعد أن یبارک على الإنفاق وأن یغفر لمن ینفق فی سبیل الله وحذّره من وسوسة الشیطان وتخویفه من الفقر، ففی هذه الآیة الشریفة أشار إلى هذه الحقیقة القرآنیة وهی أن «الحکمة» هی الأداة والوسیلة للتمییز بین «الإلهی» و«الشیطانی» وبذلک یستطیع الإنسان أن یتخلص من وساوس الشیطان ویبعد نفسه عن الوقوع فی مصائده وفخاخه.

 وأما فی عبارة «من یشاء» فلا تتضمن أن الله تعالى یرزق الحکمة والمعرفة بدون مبرر وبطریقة عشوائیة بل إنّ مشیئة الله وإرادته مقرونة دائماً مع الحکمة، أی أنه لا یعطی الحکمة لمن لا یستحق ولا یلیق بها، بل یؤتی الحکمة ویروی عطش الإنسان لها فیما لو کان الإنسان قابلاً لها ومستعداً لتقبلها.

 (وَمَنْ یُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ اُوتِیَ خَیْراً کَثیراً).

 وبالرغم من أن الله تعالى هو الذی یؤتی الحکمة لعباده إلاّ أن هذه الآیة لم تذکر الفاعل لهذا العطاء، بل اقتصرت على القول «ومن یؤتَ الحکمة» وهذا التعبیر یشیر إلى أن الحکمة والمعرفة بذاتها حسنة وجیّدة من أی مکان حصل علیها الإنسان فلا یختلف حالها فی الحسن باختلاف مصدرها، والملفت للنظر أن الآیة الشریفة تقرر هذه الحقیقة، وهی أن کلّ من رزق العلم والمعرفة والحکمة فقد رزق الخیر الکثیر لا «الخیر المطلق» لأنّ الخیر المطلق أو السعادة المطلقة لا تکمن فی العلم والحکمة فقط بل إنّ العلم والحکمة هی أحد أدوات الخیر والسعادة.

 (وَما یَذَّکَّرُ إلاّ اُولُوا الاَْلْبابِ) «تذّکر» یعنی حفظ العلوم والمعارف فی واقع النفس والروح و«الألباب» جمع «لُب» وبما أن لُب الشیء هو أهم جزء من أجزائه وأفضل أقسامه ولذلک اطلق على العقل کلمة «لُب» لأنه أفضل أجزاء الإنسان، فالآیة الشریفة تقول : إنّ أصحاب العقل والمعرفة هم فقط الذین یدرکون هذه الحقائق، ویتذکرونها وینتفعون منها،
ورغم أن جمیع الناس یتمتعون بالعقل «سوى المجانین» ولکنّ اُولوا الألباب لا یقال لجمیع العقلاء بل المراد الأشخاص الذین یستخدمون عقولهم ویتحرکون فی سلوکهم العملی من موقع الإستفادة من نور العقل وضیاء الحکمة ویتدبّرون فی اُمورهم.


1 . وردت الإحتمالات الأربعة مع ستة احتمالات اُخرى فی «مجمع البیان» : ج 2، ص 382.

 

الإمام علی (علیه السلام) صاحب الحکمةأبعاد البحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma