یواصل الإمام(علیه السلام)
نعم خشیة الله وخشیة مقارفة الذنوب والمعاصی لا تکفی لوحدها، بل لابدّ من الإتیان بالأعمال الصالحة البعیدة عن کافة أشکال الریاء والسمعة، والریاء یعنی مراءاة الآخرین ولفت أنظارهم لما یقوم به الإنسان من أعمال، والسمعة أن یقوم بالعمل لله، إلاّ أنّه یسعى لإسماعه الآخرین، بحیث یجلب انتباههم إلیه، و إلاّ یفعل ذلک یسر لسماع الآخرین فیثنون علیه ویطرونه.
والمعروف بین العلماء أنّ السمعة لا تبطل العمل، إلاّ أنّها مذمومة خلقاً ومدعاة لانحطاط الإنسان الروحی والمعنوی، ولعلّها تؤدّی إلى زوال الأجر والثواب. وقد استدل الإمام(علیه السلام)فی تحذیره من السمعة والریاء بأنّ الله سبحانه لا یقبل إلاّ العمل الخالص لوجهه فإنّ شرک العبد معه أحد آخر وکله الله إلیه لیأخذ منه أجره، وبالطبع فإنّه لا یملک القدرة على إعطاءه الأجر والثواب. والعبارة هى مضمون حدیث قدسی معروف نقل عن رسول الله(صلى الله علیه وآله)أنّ الحق سبحانه قال: «أنا خیر شریک ومن أشرک معی شریکاً فی عمله، فهو لشریکی دونی، لأنی لا أقبل إلاّ ما خلص لی»(5).
ثم اختتم الإمام(علیه السلام) کلامه قائل: «نسأل الله منازل الشهداء ومعایشة السعداء ومرافقة الأنبیاء». حیث یهدف الإمام(علیه السلام) إلى تعریف الأُمّة بالقیم الإلهیة الحقّة من قبیل الشهادة ومرافقة الأنبیاء وهى الاُمور التی لا تنال بسهولة کما لا تمنح للإنسان بالمجان (ومن یطع الله وَمَنْ یُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَاُولـئِکَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِـیِّینَ وَالصِّـدِّیقِـینَ وَالشُّـهَداءِ وَالصّالِحِـینَ وَحَسُنَ أُولـئِکَ رَفِـیقاً * ذ لِکَ الفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَکَفى بِاللّهِ عَلِـیم)(6).
فالمراحل الثلاث ـ الشهادة والسعادة ورفقة الأنبیاء ـ التی وردت فی کلام الإمام(علیه السلام)یمکن أن تکون من قبیل العلّة والمعلول، فالشهادة سبب السعادة، والسعادة سبب مرافقة الأنبیاء. کما یمکن أن یکون الکلام إشارة لطیفة إلى حوادث المستقبل وشهادة الإمام(علیه السلام).