فصل فی الضعف والمساومة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
الخطبة 25المساومة والمصناعة

إنّ من الفوارق الأساسیة بین الساسة الربانیین والساسة العادیین إنّما یکمن فی أنّ ساسة الدنیا لا یتورّعون عن أیّة وسیلة من أجل تحقیق أطماعهم وأغراضهم الشخصیة، وغالباً ما یساومون العدو على المبادئ الإنسانیة ومصالح مجتمعاتهم ویتجاهلون الحق والعدالة، بغیة حفظ مواقعهم السیاسیة والاجتماعیة، فی حین لیست هنالک من مساومة فی قاموس الساسة الربانیین، بل غالباً ما یضحی هؤلاء بمواقعهم الحساسة حرصاً على حفظ المبادئ ورعایة للحق والعدل والقسط; الأمر الذی نلمسه بوضوح فی سیرة الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) وتلمیذه أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام). فما أکثر الأفراد الذین اعترضوا على سیاسة علی(علیه السلام) من قبیل استمالة الآخرین عن طریق التمییز فی العطاء من بیت مال المسلمین: أو الإبقاء على معاویة فی حکومة الشام، دون أن یحدثوا أنفسهم بالأسالیب التی یتبعها معاویة فی حکومته للناس أو المبادئ التی سیعبر علیها فی هذه الحکومة! أو الاقتراح الذی طرحه علیه عبد الرحمن بن عوف فی الشورى بتسلیمه مقالید الاُمور شریطة العمل بسیاسة الشیخین، أو تفویض طلحة والزبیر ولایة البصرة والکوفة. وقد اقترح من قبل، على رسول الله(صلى الله علیه وآله) بعض الاقتراحات من قبیل اقتضاء المصلحة لطرده الضعفاء والمستضعفین. فاُولئک وإن کانوا یفیضون إیماناً بالله ورسوله، إلاّ أنّ المصلحة تقتضی استقطاب الأغنیاء وتعبئتهم ضدّ العدو رغم خلو قلوبهم من الإیمان! ویبدو أنّ اختلاف الرؤیة (على ضوء السیاسة الإلهیة والسیاسة الشیطانیة) واختلاف المصلحة من الواقع هى التی دفعت باُولئک الأفراد والفئات الدنیویة للاعتراض على السیاسة النبویة والعلویة.

والإمام(علیه السلام) یوضح فی هذه الخطبة السیاسة التی سیتبعها وأنّه لیس من أولئک الساسة الذین یرون للمجاملة والمداهنة من مکان فی سیاسته وتعامله مع المارقین عن الحق والعدالة، ولیس لدیه من وسائل سوى التقوى وامتثال التکالیف الشرعیة دون الإکتراث لهذا أو ذاک من المساومین والمعترضین، ونوکل المزید من الکلام فی هذا الموضوع إلى محلّه.

 

الخطبة 25المساومة والمصناعة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma