تأمّل: علة هذا الذم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الرابعالاجتماع على الباطل والفرقة عن الحق

إنّ أدنى نظرة إلى کلام أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) فی هذه الخطبة تثیر السؤال التالی: لم کل هذا الذم من الإمام (علیه السلام)لأهل الکوفة حتى خاطبهم لاحقاً «لوددت أنی لم أرکم ولم أعرفکم معرفة والله جرت ندماً وأعقبت سدماً، قاتلکم الله لقد ملأتم قلبی قیحاً وشحنتم صدری غیظاً وجر عتمونی نغب التهام أنفاساً، وأفسدتم علی رأیی...». ولعل أدنى نظرة إلى تأریخ الکوفة وأهلها ونقض المواثیق ونکث البیعة والنفاق والضعف والوهن الذی سادها تفسر لنا فلسفة هذا الذم القاسی والشدید. وکأنّ الإمام (علیه السلام) سلک السبیل الأخیر الذی من شأنه علاج مرضهم العضال حیث لم تعد لهم حساسیة تجاه أی شیء، فقد لجأ الإمام (علیه السلام)إلى هذا الاسلوب لعله یثیر ما تبقى لدیهم من مشاعر وأحاسیس تجاه عدوهم، وقد أثبتت الدراسات أنّ هذا الاُسلوب عملی جداً تجاه بعض الأفراد من الناحیة النفسیة. فهذه الکلمات فی الواقع تشیر إلى مدى الیأس من تلک العناصر الضعیفة الهزیلة التی لم تجد معها النصائح والمواعظ أیة فائدة. بل الأعجب من ذلک أنّ کل هذه الکلمات اللاذعة لم تتمکن من إثارة یقظة وجدانهم، بحیث لم یلتحق به إلاّ النفر القلیل حین تجهز للقاء الأعداء، ممّا اضطره إلى دعوة اُولئک الأفراد الذین کانوا یقطنون القرى والمناطق المتاخمة لأطراف الفرات ویعبئها للقاء العدو. ولعل حالة أهل الکوفة تشبه إلى حد بعید تلک الحالة التی سادت بنی اسرائیل حین حرضهم نبیّهم موسى (علیه السلام)على قتال عدوهم وتحریر بیت المقدس، فقد ردوا علیه بالقول: (قالُوا یا مُوسى إِنَّ فِـیها قَوْماً جَبّارِینَ وَ إِنّا لَنْ نَدْخُلَها حَتّى یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنّا داخِلُونَ... فَاذهَبْ أَنْتَ وَرَبُّکَ فَقاتِلا إِنّا هـهُنا قاعِدُونَ)(1)


1. سورة المائدة / 22 ـ 24.

 

القسم الرابعالاجتماع على الباطل والفرقة عن الحق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma