1 ـ الاتباع الطلحاء والقادة الأکفاء

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
2 ـ الإجابة على سؤالإدماء القلب

لاشک أنّ معادلات الهزیمة والانتصار لیست عبثیة، وأنّ اولئک الذین ینسبون النصر أو الهزیمة إلى بعض الأسباب المجهولة والعوامل الغامضة من قبیل المصادفة والحظ إنّما یسعون للقرار من الحقائق المریرة والابتعاد عن تحلیلها والوقوف على کنهها. وعادة ما تذهب التحلیلات إلى أنّ العامل الأصلی الذی یکمن وراء النصر والهزیمة إنّما یتمثل بقدرة القیادة وحکمتها فی إدارة شؤون الأمُة، بینما تکون القضیة معکوسة فی بعض الحالات، فقد تتحلى القیادة بالقوة والاقتدار وارتفاع المعنویة والاحاطة بفنون الإدارة والتعامل مع الاحداث ; الأمر الذی یفید بما لا یقبل الشک أنّ العنصر الذی یقف وراء الهزیمة إنّما یتمثل بالاتباع الضعفاء الذین لا یتحلون بالارادة إلى جانب سذاجتهم وقلّة تجربتهم بما یجعل من المتعذر علیهم مواکبة قیادتهم فی ادراک الأهداف فضلاً عن تطبیقها فی الواقع، وهنا تتلاشى قدرة الزعیم الکفوء فی ظل فساد وانحراف مثل هؤلاء الأتباع ; الأمر الذی یؤرق فکر القائد ویقض مضجعه. وهذا هو السر فی تلک الکلمات الشدیدة التی أطلقها الإمام (علیه السلام)بحق أهل الکوفة، فقد بلغت الفرقة والشقاق والنفاق حداً جعل حتى أصحاب الإمام (علیه السلام) ـ فضلاً عن أعدائه ـ من اُولئک الذین شهدوا بطولات الإمام (علیه السلام) وصولاته فی الغزوات الإسلامیة یتهمونه بعدم العلم بفنون القتال! فما کان منه (علیه السلام)إلاّ أن ذکرهم بتأریخه المشرق ومواقفه المشهورة التی تنکفی فیها الأبطال ; لقد نهضت بأمر القتال ولم أبلغ العشرین وقد ذرفت الآن على الستین، فکیف اُتهم بعدم العلم بالحرب؟ نعم قد بلیت باتباع بعیدین عن الانضباط من أهل الهوى والطیش الذین یتصرفون على ضوء ما تملیه علیهم أهوائهم، وعلیه فلیست هنالک من نتیجة سوى الهزیمة والفشل. وأفضل شاهد على ذلک النتیجة المریرة لمعرکة صفین والخدعة التی عمد إلیها معاویة وعمرو بن العاص فی حمل المصاحف على أسنة الرماح، والأنکى من کل ذلک قضیة التحکیم وترشیح أبی موسى الأشعری وفرضه على الإمام (علیه السلام). فیکاد یجمع الجمیع الیوم بما فیهم المحققون وغیرهم أنّ النصر أصبح قاب قوسین أو أدنى فی صفین لولا حالة النفاق والفرقة والعصیان التی دبت فی جیش الإمام (علیه السلام) ولما وقعت تلک الأحداث التی سود بها الأمویون وجه التأریخ ومن هنا تعتبر موقعة صفین من أقسى الأحداث التی شهدها التأریخ الإسلامی وبالذات سیرة الإمام علی (علیه السلام). ولیت ذلک الأمر اقتصر على زمان علی (علیه السلام)، بل مازال هنالک الیوم الکثیر من الجهال الذین یشککون فی السیاسة الحربیة لأمیر المؤمنین (علیه السلام) وکیفیة إدارة شؤون البلاد، وما هذا إلاّ دلیل صارخ على عمق مظلومیة الإمام (علیه السلام)، الإمام (علیه السلام)الذی جعل التأریخ یدین بالفضل لذلک العهد العظیم الذی عهده لعامله على مصر مالک الأشتر فی کیفیة إدارة شؤون البلاد، فما زالت مبادئه وأسسه قائمة فاعلة رغم مرور أربعة عشر قرناً علیه، لیکون ذلک العهد مصداقاً لقوله سبحانه (کَشَجَرَة طَـیِّبَة أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِی السَّماءِ * تُـؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِـین بِـإِذنِ رَبِّه)(1). فقد أذعن العدو والصدیق لعمق الأصول والتعالیم التی أوردها الإمام (علیه السلام)فی نهج البلاغة والتی تمثل عمق سیاسة الإمام (علیه السلام)، مع ذلک ینبری هذا وذاک من الحین إلى الآخر لاتهام الإمام (علیه السلام). وقد أشار الإمام (علیه السلام) فی عدة مواضع إلى هذه الحقیقة المریرة المتمثلة بالغدر والخیانة ونقض العهود والمواثیق. فقد خطبهم (علیه السلام)بعد حادثة الأنبار وغارت أهل الشام قائل: «والله ما تکفوننی أنفسکم فکیف تکفوننی غیرکم إن کانت الرعایا قبلی لتشکوا حیف رعاتها واننی الیوم لأشکو حیف رعیتی کأننی المقود وهم القادة أو الموزوع وهم الوزعة»(2). کما قال (علیه السلام)فی موضع آخر: «اُرید أن أداوی بکم وأنتم دائی»، ثم شکاهم (علیه السلام)بالقول: «اللّهم قد ملت أطباء هذا الداء الدوی وکلت النزعة بأشطان الرکی! أین القوم الذین دعوا إلى الإسلام فقبلوه وقرأوا القرآن فأحکموه وهیجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها»(3).


1. سورة ابراهیم / 24 ـ 25.
2. نهج البلاغة، الکلمات القصار / 261.
3. نهج البلاغة، الخطبة 121.

 

2 ـ الإجابة على سؤالإدماء القلب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma