1 ـ الدنیا والآخرة فی الأحادیث

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
2 ـ الخسارة العظمىالدنیا والآخرة عند الإمام علی(علیه السلام)

یرى الدین الإسلامی الحنیف وجمیع الأدیان السماویة أنّ الدنیا دار طارئة متبدلة جعلت لیتزود منها الإنسان ویکسب فیها السمو والکمال والمعرفة التی تحلق بها إلى عالم الخلود، ومن هنا فإنّ الله یبتلی العباد فیها بأنواع البلاء والامتحان من خلال العبادات والطاعات وترک الشهوات وتحمل المصائب والمشکلات التی من شأنها تربیة الإنسان وصقل شخصیته وتهیئته لعالم الآخرة المفعم بالخیر والبرکة. وقد تظافرت الروایات التی تعرضت لبیان حقیقة الدنیا بعدة تعبیرات مختلفة رائعة، ومن ذلک الخطبة التی نحن بصددها والتی شبّه فیها الإمام (علیه السلام) الدنیا بالدورة التدریبیة التی یستعد فیها الإنسان لسباق الآخرة، الذی یحصل فیه الغالب على الجنّة والخاسر النار. وقد جاء فی الحدیث أن «الدنیا مزرعة الآخرة»(1) ومن الواضح أنّ المزرعة لیست مکاناً للحیاة والاستقرار بل هى مکان للتزود من أجل مکان آخر، وقد عبّر عنها بالمتجر ودار الموعظة والمصلى، کما أورد ذلک الإمام علی (علیه السلام) فی نهج البلاغة فقال «إنّ الدنیا دار صدق لمن صدقها... ودار موعظة لمن اتعظ بها، مسجد أحباء الله ومصلى ملائکة الله ومهبط وحی الله ومتجر أولیاء الله»(2). وروی عن الإمام السجاد (علیه السلام)أنّ المسیح (علیه السلام) قال للحواریین: «إنّما الدنیا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها»(3). کما عبر عنها الإمام علی (علیه السلام)بأنّها «دار ممر»(4) و«دار مجاز»(5). وأخیراً فقد وصفها الإمام الهادی (علیه السلام)بالسوق الذی یتضمن الربح والخسارة «الدنیا سوق ربح فیها قوم وخسر آخرون»(6). والخلاصة فانّ کل هذه العبارة ترشد إلى عدم النظر إلى الدنیا على أنّها هى الهدف النهائی، بل هى وسیلة لادخار العمل الصالح وکسب المعارف من أجل الظفر بالدار الآخرة. ولعل البعض یرى أنّ هذا الموضوع ساذج، إلاّ أنّ الواقع هو أنّ أهم مسألة مصیریة فی حیاة الإنسان فی أنّه کیف یتعامل مع الإمکانات المادیة التی زود بها فی هذه الحیاة وکیف ینظر إلى هذه الدار، هل یراها وسیلة وأداة من أجل الوصول إلى هدف معیّن، أم یراها هى الهدف النهائی ولیس وراءها شیء. والواقع أنّ تأکید الإمام(علیه السلام) فی بدایة الخطبة على أن الدنیا میدان الإستعداد لسباق الآخرة إنما یشکل الدعامة الأساسیة الراسخة لسائر المواعظ المهمة التی وردت فی هذه الخطبة.


1. ورد هذا الحدیث النبوی فی غوالی اللئالی 1 / 267.
2. نهج البلاغة، الکلمات القصار / 131.
3. بحار الأنوار 14 / 319 ح 21.
4. نهج البلاغة، الکلمات القصار / 133.
5. نهج البلاغة، الخطبة 203.
6. بحار الأنوار 75 / 366، مواعظ الإمام الهادی (علیه السلام)

 

2 ـ الخسارة العظمىالدنیا والآخرة عند الإمام علی(علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma