عوامل ضعف أهل الکوفة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثانیالشرح والتفسیر

هنالک سؤال یطرح نفسه وهو: لم کل هذا الضعف الذی ساد أهل الکوفة مع وجود ذلک الإمام العادل والحکیم المعروف والمجرب فی ساحات الوغى، فی حین کان أهل الشام أکثر قوة وفاعلیة منهم والحال کان حاکمهم معاویة؟ ویبدو أنّ الجواب على هذا السؤال کما أشرنا سابقاً یکمن فی الآلیة الاجتماعیة التی کانت علیها الناس آنذاک. فالکوفة لم تکن تتمتع بسابقة تأریخیة تذکر، بل کانت منطقة حدیثة ضمت أقواماً مختلفة ذات ثقافات متنوعة، عاشت حالة من التنافس الظاهری والباطنی، خلافاً لأهل الشام الذین کانوا یتمتعون بالوحدة واللحمة. أضف إلى ذلک فانّ أغلب خصوم الدعوة من منافقی المدینة وسائر المناطق کانوا قد اتجهوا صوب الکوفة وأخذوا یمارسون دعایاتهم المغرضة التی تهدف إلى شق الصفوف وزرع بذور الفرقة والاختلاف فی صفوف أهل الکوفة، إلى جانب العمل على إضعافهم فی مجابهة العدو. من جانب آخر فان الفتّوحات الإسلامیة آنذاک قد جرت ثروات طائلة، ولا یخفى أن طبیعة الثروة إنّما تختزن الدعة والرفاه والعافیة ; الطبیعة التی لا تنسجم وروح القتال والجهاد.

ومن هنا کان أهل الکوفة یقتنصون الأعذار التی تمکنهم من أداء وظیفتهم الجهادیة حتى فی أحلک الظروف التی شنت علیهم الغارات وجرعوا فیها غصص الذل والهوان من قبل بنی أمیة وجیوش الشام. نعم إنّ الأمّة کانت تلهث وراء الحکام الذین عبثوا ببیت المال وأغدقوا مافیه على الرعیة، ولم یکن أمیر المؤمنین (علیه السلام) مستعداً للتفریط بصاع من بیت مال المسلمین لأقرب المقربین کائناً من کان. وهذه هى العلة الاُخرى التی ساقها أمیر المؤمنین فی کشفه النقاب عن روحیة الأمّة «وإنّی لعالم بما یصلحکم ویقیم أودکم ولکنی لا أرى صلاحکم بافساد نفسی»(1).


1. نهج البلاغة، الخطبة 69.

 

القسم الثانیالشرح والتفسیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma