1 ـ الحق یؤخذ ولا یُعطى

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
2 ـ الدفاع عن الوطنالشرح والتفسیر

ما نفهمه من قوله (علیه السلام) «لا یدرک الحق إلاّ بالجد» أنّ الحق یؤخذ ولا یعطى ; أی لا یمکن التطلع إلى الحصول على الحق فی ظل الحکومات الغاشمة التی تعتمد اسلوب القوة وتمارس الظلم والاضطهاد بحق الطبقات المحرومة والمستضعفة ; ولا غرو فأساس قوتهم وقدرتهم إنّما تکمن فی غصبهم لحقوق الآخرین، وعلیه فلا تعنى إعادة هذه الحقوق المغتصبة سوى تجریدهم من هذه القوة ; الأمر الذی لن یحدث قط. وهنا یحث الإمام (علیه السلام)کافة المحرومین والمستضعفین على الوحدة ورص الصفوف لاستعادة حقوقهم السلیبة من الظلمة والطواغیت وأنّهم غالبون لا محالة، فالطغاة لیسوا مستعدین للتضحیة، بینما یضحی المستضعفون بالغالی والنفیس من أجل إحقاق حقوقهم. طبعاً ملئت الدنیا الیوم بالشعارات التی تتبنى حقوق الإنسان وتطالب بإعادة حقوق المحرومین، غیر أنّ التجربة أثبتت بالأدلة القاطعة أن هذه الشعارات لاتعد کونها مصائد تهدف اغفال الطبقات المسحوقة والمعدمة والاستسلام إلى ارادة الأقویاء ; الأمر الذی یثبت أنّ الحق یؤخذ ولا یعطى. فالمؤمنون لا یسعهم الوقوف مکتوفی الأیدی حیال الظالمین الذین یتلاعبون بمقدراتهم. وعلیهم أن یتعلموا الدروس والعبر التی لقّنها الإمام الحسین (علیه السلام) البشریة جمعاء فی الصبر والتضحیة والفداء، فما زالت صرخاته تدوی فی الاسماع «ألا وإنّ الدعی ابن الدعی قد ترکنی بین السلة والذلة! وهیهات له ذلک! هیهات منی الذلة! أبی الله لنا ذلک ورسوله والمؤمنون وحدود طهرت وحجور طابت، أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الکرام»(1). کما أکد القرآن الکریم على جانب الصبر والصمود والمقاومة لدى المؤمنین، ومن ذلک الآیة 214 من سورة البقرة (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ وَالضَّـرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى یَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِیبٌ). وهى الحقیقة التی نلمسها بوضوح فی کافة الغزوات الإسلامیة من قبیل بدر وأحد والأحزاب وتبوک وحنین، التی کان ینتصر فیها المسلمون بسلاح الإیمان والصبر، صحیح أنّ النصر من عند الله، إلاّ أنّ الامداد الغیبی والعنایة الإلهیة کانت مکملة للأسباب الظاهریة والعدة والعدد التی کان علیها المسلمون. فهذا أحد القوانین التأریخیة الثابتة، فلا یقتصر على صحب النبی(صلى الله علیه وآله) والإمام الحسین(علیه السلام)، کما لایرتبط بالأمس والیوم، بل یشمل المستقبل کالماضی على حد سواء.


1. بحار الأنوار 45 / 83 .

 

2 ـ الدفاع عن الوطنالشرح والتفسیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma