2ـ قطوف من سیرة طلحة والزبیر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
3ـ شروط الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر1ـ رد فعل الزبیر تجاه رسالة الإمام(علیه السلام)

طلحة من قریش وأبوه عبدالله بن عثمان من السابقین فی الإسلام وقد شهد غزوات رسول الله (صلى الله علیه وآله)، ولم یشهد یدرا حیث وجهه رسول الله (صلى الله علیه وآله) حینها إلى الشام فلما عاد طالب بسهمه من الغنائم.

فقال له رسول الله (صلى الله علیه وآله): لک سهمک وأجرک. وقیل آخى رسول الله (صلى الله علیه وآله)فی مکة بین طلحة و الزبیر، وآخى بین طلحه وأبی أیوب فی المدینة. وروی عن طلحة أنّ النبی (صلى الله علیه وآله)أسماه یوم أحد طلحة الخیر. أمّا قتاله مع رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی حرو به فمما لا شک فیه مع ذلک فقد کان محباً للجاه و المقام حتى تغییر نهجه بعد وفاة رسول الله (صلى الله علیه وآله)، کما کانت تسمع منه بعض الکلمات ومن ذلک قوله أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) یأمر بنات أعمامنا بالاحتجاب منا، ویتزوج بنسائنا بعد إنفصالهن عنا: فما الذی یغنیه حجابهن الیوم وسیموت غدا فننکحهن، وهنا نزلت آیة التحریم بالزواج من نساء النبی (صلى الله علیه وآله)(1) فقد ذکر الفخر الرازی فی سبب نزول الآیة أن طلحة قال:«سأتزوج من عائشة إذا مات رسول الله (صلى الله علیه وآله)». فنزلت آیة تحریم الزواج من نساء النبی (صلى الله علیه وآله) بعد وفاته.(2)

وورد فی قصة الشورى التی شکلها عمر أنه أقبل على طلحة وقال: أقول أم أسکت؟ فقال طلحة: قل، فانّک لا تقول من الخیر شیئاً. فقال عمر: لقد مات رسول الله (صلى الله علیه وآله) ساخطاً علیک بالکلمة التی قلتها یوم اُنزلت آیة الحجاب.(3)

على کل حال کان من أشد الناقمین على عثمان، ومن هنا کان یراه مروان من قتلة عثمان، وقد رماه بسهم فی الجمل فقتله، وقال: الآن أدرکت دم عثمان من طلحة. وقد دفعه حبّ الجاه لاشعال فتیل الجمل وسفک دماء المسلمین ولم یظفر بالخلافة حتى قتل فی معرکة الجمل. وذکر البعض أنّ الإمام(علیه السلام) حدثه ببعض الکلمات عى غرار الزبیر فندم وانصرف من المعرکة فرماه مروان بسهم فقتله. إلاّ أنّ الخطبة تفند هذا الکلام، فهى تفید یأس الإمام (علیه السلام)من هدایته وعودته إلى الحق. وفی روایة أنّ أمیر المؤمنین (علیه السلام) مر یقتلى الجمل فقال بشأن طلحة هذا من نکث بیعتی و أشعل نار الفتنة وألب الناس على قتلی وأهل بیتی» ثم خاطبه (علیه السلام): یا طلحة إنّی وجدت ما وعدنی ربّی حقاً فهل وجدت ما وعد ربک حقاً، ثم انصرف. فقال له بعض أصحابه: أتکلمه بعد الموت یا أمیرالمؤمنین. فقال(علیه السلام) والله لقد سمعنی کما سمع الکفّار کلام رسول الله (صلى الله علیه وآله) وهم قتلى فی قلیب یدر(4).

وهنا یبرز هذا السؤال وهو أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) کان یثنی أحیانا على طلحة، حتى ذهب البعض إلى أنّه من العشرة المبشرة بالجنّة، فکیف یصح هذا الثناء؟ ونقول فی الجواب على فرض أنّ هذا الکلام صحیح، فانّ الإنسان یعیش بعض المراحل المتألقة فی سنی حیاته بحیث یکون یوماً إلى جانب الحق ویستحق الجنّة، ویوماً یخرج من هذا الحق ویلتحق فی صفوف الباطل فیستحق غضب الله وسخطه. فالتأریخ الإسلامی حافل بالأفراد الذین کانوا على الحق وهجروه إلى الباطل أو بالعکس، وإلاّ فمن یسعه القول بأحقیة من أجج نار الحرب ضد إمام زمانه وسفک کل هذه الدماء؟ فهل من انسجام بین هذا الکلام والمنطق؟ والشاهد على ما قلنا ما صرح به القرآن الکریم بشأن السابقین فی الإسلام من المهاجرین والأنصار والتابعین، الذین وعدهم بالجنّة (وَالسّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِینَ وَالأَنْصارِ وَالَّذِینَ اتَّـبَعُوهُمْ بِإِحْسان رَضِـیَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَـنّات تَجْرِی تَحْتَها الأَنْهارُ خالِدِینَ فِـیها أَبَداً ذ لِکَ الفَوْزُ العَظِـیمُ).(5)

فالآیة تشمل جمیع المهاجرین والأنصار، بینما نعلم هنالک من انحرف منهم عن الحق کعبد الله بن أبی سرح(6) وثعلبة ابن حاطب الأنصاری(7) فاستحقوا غضب الله وسخطه، وقد کانوا من المهاجرین والأنصار الذین وقفوا إلى جانب رسول الله (صلى الله علیه وآله)؟ کما نعلم أن بعض المنافقین الذین ذمّهم القرآن بشدّة کانوا من صحابة رسول الله (صلى الله علیه وآله). وعلى هذا الضوء فلابدّ من تقییم أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله) على ضوء أعمالهم حتى آخر أعمارهم، وإلاّ شهدنا حالة من التناقض لا یمکن الخروج منها بتبریر وأما الزبیر فهو الزبیر بن العوام واُمّه صفیة عمة رسول الله (صلى الله علیه وآله) اسلم فی الخامسة عشرة من عمره وهو رابع أو خامس من أسلم، هاجر إلى الحبشة ثم قدم المدینة، وقد أخى رسول الله (صلى الله علیه وآله) بینه وبین عبدالله بن مسعود. شهد غزوات رسول الله (صلى الله علیه وآله)فی بدر وأحد والخندق وحنین وقد اُبلى فیها بلاءً حسناً حتى أثنى علیه رسول الله (صلى الله علیه وآله). وکان أحد أعضاء الشورى الذی بایع علیاً (علیه السلام) ولم یبایعه طلحة. وللاسف فانّ حب الجاه وتأثیر طلحة قد دفعه للانحراف عن الحق فاشترک مع طلحة فی تأجیج نار الجمل التی فرقت صفوف المسلمین وأراقت دمائهم بعد أن نقض البیعة. وقد ذکر المؤرخون انه إستمع لمواعظ علی (علیه السلام)قبل بدء المعرکة فعاد إلى الحق وانسحب من المیدان فاتجه صوب صحراء تعرف باسم «وادی السباع» فلما وقف للصلاة تقدم نحوه ابن جرموز فقتله حین الصلاة وانتزع خاتمه وسیفه فاتى بها إلى الإمام(علیه السلام).

فاستاء الإمام(علیه السلام) وقال: «هذا السیف طالما فرج الکرب عن وجه رسول الله» وقیل إنّ الإمام (علیه السلام) لم یأذن لابن جرموز بالدخول علیه وقال: «بشر قاتل ابن صفیة بالنار» وقال البعض أنّ ابن جرموزغضب غضباً شدیداً فقتل نفسه. وقد صرحت بعض المصادرالتأریخیة أن معاویة هو الذی شجع طلحة والزبیر على نقض البیعة والقیام ضد علی (علیه السلام)(8).

لا شک إنّ قضیة طلحة والزبیر بینبغی أن تکون لنا درساً وعبرة فلا ننغر بأعمالنا، وکیف أنّ الإنسان یعیش مع الحق ویجاهد فی سبیله ثم یستلل حب الدنیا والحیاه إلى قلبه فیقوده إلى الباطل اللّهم إجعل عاقبة أمرنا خیراً.


1. سورة الاحزاب / 53; الدر المنثور 5 / 214.
2. تفسیر الفخر الرازی 25 / 225.
3. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1 / 184.
4. الاحتجاج للطبرسی، نقلا عن سفینة البحار، مادة (طلح).
5. سورة التوبة / 100.
6. ورد ذمه فی تفسیر الآیة 93 من سورة الانعام فی الدر المنثور (الدر المنثور 3 / 30) وذکر صاحب أسد الغابة أنه کان من کتاب الوحی ثم ارتد فأمر رسول الله (صلى الله علیه وآله) بقتله (اسد الغابة، شرح أخبار عبدالله بن سعد بن أبی سرح).
7. جاء فی أسد الغایة فی معرفة الصحابة فی أخبار هذا الرجل أن النبی (صلى الله علیه وآله)طرده، کما طردهالخلقاء الثلاثة (ابوبکر وعمر وعثمان) ولم یقبلوا زکاته، رغم قوله أنه من أصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله) حتى توفی فی خلافة عثمان.
8. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1 / 231.

 

3ـ شروط الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر1ـ رد فعل الزبیر تجاه رسالة الإمام(علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma