2ـ التنکر للقیم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
القسم الثانى1ـ ما مفهوم فساد الزمان؟

المسألة التی تلعب دوراً مهما فی مصیر المجتمعات البشریة والتی قد یغفل عنها الأعم الأغلب من الناس إنّما تتمثل بنظام القیم والمبادى التی تسود المجتمع.

فالمجتمع إنّما ینطلق فی مسیرته نحو المثل والقیم التی یلهمها لأفراده والمقرة من قبلهم، وعلیه فالمجتمع یتجه نحو التأکل والزوال إذا ما شهد تغیبب القیم والمبادئ.

ونقصد بالمجتمع حرکة جمیع أفراده ولایقتصر ذلک على بعض الأفراد الذین یتحلون بالایمان والتقوى فیقفون دائما ضد حالات الفساد والانحراف.

وبناءاً على ما تقدم فانّ القیم المقرة فی المجتمع إذا کانت تتجسد فی المال والثروة فانّ کافة الأفراد سیتجهون نحو الثراء کهدف دون الإکتراث لمسائل الحلال والحرام.

والإنسان یتجه بوحی من طبعه إلى صنع الشخصیة ولایأل جهدا فی السعی لتحقیق هذا الأمر، فاذا کانت القیم السائدة تتمثل بالشخصیة الکاذبة فان الأفراد سیتحرکون لامحالة لمثل هذه الشخصیة.

والشباب عادة یلهثون خلف السمعة والشهرة ویعشقون الابطال، و علیه فلا یبدو غریباً تقلید الشباب لهؤلاء الابطال حتى فی الثیاب واسلوب المشی، ولو کان هؤلاء الابطال هم العلماء والمفکرین فمن الطبیعی أن ینطلق الشباب نحو العلم والمعرفة.

بالمناسبة هنالک قصة طریفة مشهورة بشأن العلاّمة الکبیر الشیخ البهائی، حیث قرر الشاه عباس الصفوی مکافئة جهوده العلمیة وخدماته العمرانیة بتقدیم هدیة تلیق بشأنه، فطلب الشیخ أن یستقل مرکبه الخاص ویمشی الشاه خلفه لمسافة معینة فی الشوارع والازمة ـ فالواقع أراد الشیخ بهذا العمل أن یثبت بأنّ القیم والمثل التی تسود المجتمع ینبغی أن تتمحور حول العلم والمعرفة.

و قد قیل أنّ إقبالاً منقطع النظیر قد حدث للعلم بما لم یشهده أبداً فی السابق. جدیر بالذکر أنّ القیم والمثل التی کانت تحکم المجتمع الجاهلی قبل الإسلام مصداقاً لقوله (علیه السلام):«بأرض عالمها ملجم وجاهلها مکرم».(1)

حیث أبطالها هم أبوسفیان وأبوجهل وأمثالهما، حتى انبثق الإسلام لیرفع شعار التقوى «إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاکُمْ» فیقضی على اولئک الابطال الکاذبین ویستبدلها بالابطال من قبل أبی ذر وأمثاله. وممّا یؤسف له أن هناک بعض الأعمال الخاطئة التی وقعت فی عصر الخلافة الراشدة فادت إلى تغییب تلک القیم الإسلامیة المثلى لتعود النعرة الجاهلیة من جدید فتصدر المجتمع عمرو بن العاص وأبو موسى الاشعری بدلاً من مالک الاشتر وأبی ذر وعمار بن یاسر; الأمر الذی کان یدمی قلب الإمام (علیه السلام)، وأدنى ذلک ما أورده (علیه السلام) بقوله «یعد فیه المحسن، مسیئا ویزداد الظالم فیه عتواً».

ومن هنا کان هدف الإمام (علیه السلام) فی أغلب خطبه فی نهج البلاغة یکمن فی إحیاء القیم والمثل التی کانت سائدة فی صدر الإسلام.


1. نهج البلاغة، الکلمات القصار، 126 .

 

القسم الثانى1ـ ما مفهوم فساد الزمان؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma