الکفاف والعفاف

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثانی
الخطبة 46الدنیا دار المنى

لقد تضمنت الخطبة إشارات إلى مختلف أبعاد الحیاة الدنیا رغم قلة عباراتها وألفاظها. فقد أشارات إلى طبیعة الحیاة الدنیا والتی تکمن فی الفناء والزوال ورحیل أهلها عنها شاءوا أم أبوا. کما تطرقت إلى ظاهرها الأنیق الذی یشد الأنظار إلیه، ومن هنا یتجه نحوها من یخدع بالمظاهر، بینما یحذرها من یتمعن فی العواقب. وتناولت حب الدنیا الذی یقود بالتدریج إلى تربعها فی قلب الإنسان حتى تصبح جزءاً من کیانه; الأمر الذی یجعل من المتعذر علیه نزع حبّها من قلبه ثم أرشدت إلى النجاة من أخطارها وآفاتها بالقناعة بالکفاف والعفاف، والمراد بالکفاف(1) والعفاف (أو العفاف والکفاف» أن یقنع الإنسان فی الدنیا بقدر حاجته إلیها ویدع الرغبة بالمزید جانباً ویغض طرفه عن جمع الأموال; الأمر الذی یجعله یعیش الاستقرار والسکینة فی حیاته الدنیا ویحد من حمله فی حیاته الاُخرویة، وذلک لأنّ طامة الإنسان فی الحرص والطمع وعدم القناعة. طبعاً إذا کان تطلعه للمزید من أجل إغاثة الضعفاء والمحرومین فانّ ذلک لیس فقط لا یتنافى والعفاف والکفاف فحسب، بل من شأنه أن یقود الآخرین إلى الکفاف. فقد ورد فی القرآن الکریم: (یا أَیُّها الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَکُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا یُحِبُّ المُعْتَدِینَ)(2)، کما ورد هذا المعنى فی الروایات الإسلامیة، فقد ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام)أنّ النبی(صلى الله علیه وآله)کان یدعو بهذا الدعاء: «اللّهم اُرزق محمداً وآل محمد ومن أحبّ محمداً وآل محمد العفاف والکفاف»(3). وعن أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) أنّه قال: «قلیل یکفى خیر من کثیر یردی» (4) فالفرد إذا قنع باللازم من حیاته کان ذلک زینة له من الذنب وتحلى بالکفاف والعفاف: «من اقتنع بالکفاف أداه إلى العفاف»(5) أضف إلى ذلک وبغض النظر عن الجوانب المعنویة والأخلاقیة للقناعة بالضروری فی الحیاة فانّما مدعاة للسکینة والاستقرار الروحی والنفسی فی الحیاة الدنیا، فقد ورد عن الإمام علی(علیه السلام) أنّه قال: «ومن إقتصر على بلغة الکفاف فقد إنتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة»(6). وقد أثنى رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)على شخص فدعا له قائل: «اللّهم اُرزقه الکفاف» کما قال رسول اللّه: «إنّ ما قلّ وکفى خیر ممّا أکثر وألهى; اللّهم اُرزق محمّداً وآل محمد الکفاف».


1. الکفاف من مادة کف بمعنى کف الید، ولما کان الإنسان یبعد الشىء عنه بکفه فقد وردت هذه المفردة بمعنى المنع والسلب، ومنه المکفوف لمن سلب بصره، ویقال للجماعة کافة لأنها تمنع العدو.
2. سورة المائدة / 87 .
3. اصول الکافی 2 / 140.
4. غرر الحکم، ح 234.
5. غرر الحکم، ح 286.
6. نهج البلاغة / 371.

 

الخطبة 46الدنیا دار المنى
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma