رؤیة رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
1 ـ أصحاب علی(علیه السلام)الخطبة 70

روى محمد بن حبیب البغدادی فی کتاب المغتالین عن أبی عبدالرحمن السلمی أنّه قال: عدت أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) فقال: ادن منی (کأنه لم یرد إسماع الآخرین)، بینما کانت النسوة تبکی. فقال(علیه السلام): «ملکتنی عینی وأنا جالسٌ فسنح( 1) لی رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)...». على کل حال فانّ هذا الکلام یعبر عن مدى الاذى الذی تعرض له(علیه السلام)من تلک الجماعة. وبالطبع فهذه لیست المرة الاولى التی یشکو فیها الإمام(علیه السلام)بل ورد ذلک فی أکثر من خطبة من خطب نهج البلاغة والتی تفید بأجمعها عدم معرفة مقامه(علیه السلام) ورعایة حرمته إلى جانب الآذى والألم الذی جرعوه إیّاه. فقد إستهل کلامه(علیه السلام) بالقول: «ملکتنی عینی وأنا جالسٌ » فالعبارة «ملکتنی عینی » من فصیح الکلام الذی أراد به(علیه السلام) غلبنی النوم، لأنّ العین هى العضو الأول الذی تظهر علیه آثار النوم، ومن هنا استعملت کنایة عن مفهوم النوم. ثم قال(علیه السلام):«فسنح لی رسول اللّه صلّى اللّه علیه وآله وسلّم، فقلت: یا رسول اللّه! ماذا لقیت من أمّتک من الاود واللّدد؟ ». لعلنا لا نرى نظیراً للإمام(علیه السلام)من أولیاء اللّه طلیة التأریخ ممن جوبهوا بمثل هذا العداء والتمرد العصیان والاذى. ولم یقتصر ذلک على تلک المدة التی حکم فیها، بل إمتد لیشمل حتى تلک الفترة التی أصبح فیها جلیس الدار مدة خمس وعشرین سنة، فقد تعرض لمثل ذلک الاذى طیلة الخلافة الراشدة ولا سیما إبان خلافة عثمان حین ضاق ذرعاً بالممارسات الخطیرة التی طالت بیت مال المسلمین فحاول الإصلاح لإعادة الاُمور إلى مجاریها، فجوبه بسخط واسع ونقمة عامة، الأمر الذی بلغ ذروته حین آلت إلیه الخلافة. وعلیه فلایبدو من العجیب أن یشکو الإمام(علیه السلام)الاُمّة إلى النبی(صلى الله علیه وآله) رغم ما وصف به من الصبر والتحمل، فهو الذی صبر وفى العین قذى وفى الحلق شجى. ولنرى جواب النبی(صلى الله علیه وآله)لعلی(علیه السلام):«فقال: «اُدع علیهم»، فقال الإمام(علیه السلام):«فقلت: أبدلنی اللّه بهم خیراً منهم، وأبدلهم بی شرّاً لهم منّی». والسؤال الذی یقتدح إلى الذهن: لم أمر الرسول(صلى الله علیه وآله)بالدعاء علیهم وهو الموصوف بأنّه «رحمة للعالمین»؟ ونقول فی الجواب أنّ طغیان طائفة من الناس وتمردها قد یصل درجة تغلق معها کافة منافذ الرحمة بوجهها فلا تبقى لنفسها سوى العذاب وسلب النعمة، وهکذا نرى الأنبیاء الذین یمثلون ذروة الصبر والتحمل والحکمة واللطف والرحمة یرون هذه المفردات إنّما تتجسد فی الدعاء على أقوامهم بعد وصولهم إلى مرحلة لایرجى بعدها هدایتهم. فهذا نبی اللّه نوح(علیه السلام) قد جهد تسعمائة وخمسین سنة فی تبلیغ رسالة ربه وتحمل ذلک الاذى فی سبیل هدایة قومه، ولما لم یر من سبیل سوى الدعاء علیهم تضرع إلى اللّه سبحانه قائلاً: (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَـذَرْ عَلى الأَرْضِ مِنَ الکافِرِینَ دَیّار)(2) فاغرقوا جمیعاً بالطوفان. على کل حال فان سیرة الإمام(علیه السلام)تجسدت فی مداراة الأعداء فضلاً عن الأصدقاء ، حتى أوصى مالکاً حین ولاه مصر باستشعار قلبه الرحمة لکافة الناس بغض النظر عن أدیانهم ومعتقداتهم: «فالناس صنفان اما أخ لک فی الدین أو نظیر لک فی الخلق» ومن هنا کان لابدّ من تصور مدى الاذى والتمرد الذی واجهه الإمام(علیه السلام)حتى إضطر إلى الدعاء علیهم. جدیر بالذکر الادب الذی تحلى به الإمام(علیه السلام)حیال رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)حیث لم یقدم على الدعاء علیهم إلا بعد أن أذن له النبی(صلى الله علیه وآله). مضمون الدعاء هو الآخر جدیر بالتأمل حیث سأله أولاً النجاة من هؤلاء المردة ثم سأل اللّه أن یسلبهم نعمة وجوده ویسلط علیهم حاکماً ظالماً لیجرعهم مرارة أعمالهم. امّا العبارة «أبدلهم بی شرّاً لهم منّی» لاتعنی أنّ الإمام(علیه السلام)کان والعیاذ باللّه سیئاً وقد سأل اللّه أن یسلط علیهم أسوأ منه، لأنّ مفردتی الخیر والشر فی الاداب العربیة لا تقتضی جزماً معانی صیغة التفضیل، وهکذا العبارة «ابدلنی اللّه بهم خیراً منهم» فاولئک کانوا نفاقاً وشراً ولم یکونوا من الاخیار. والشاهد على ذلک عدة آیات قرآنیة کالآیة الخامسة عشرة من سورة الفرقان: (قُلْ أَذلِکَ خَیْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخُلْدِ)والآیة السادسة والعشرون من سورة الصافات: (أَذلِکَ خَیْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ).

على کل حال استجیب دعاء الإمام(علیه السلام) لیستشهد الإمام(علیه السلام) بعد أن ضرب فی محرابه ففاز بلقاء اللّه وجوار رسوله(صلى الله علیه وآله)، بینما تسلط من بعده معاویة ویزید والحجاج على أهل العراق لیجرعوهم الموت غصة بعد غصة.

وقال السید الرضی (ره) آخر الخطبة «یعنی بالاْود: الاْعْوجاج، وباللّدد: الْخصام. وهذا من أفصح الکلام».


1. «سنح» من مادة «سنوح» على وزن حضور، بمعنى العبور السریع لشیء فی مقابل الانسان، وکذلک تأتی بمعنى عرض الشیء أمام الانسان.
وقد فسر عدد من أرباب اللغة لفظ «سانح»، بحرکة الشیء من الیسار إلى الیمین وفی مقابل الانسان، وعلى القاعدة فان ذلک یعتبر طالعٌ أو فأل خیر، ویقابل ذلک اصطلاح «بارح» وهى الحرکة من الیمین إلى الیسار، وهو طالع غیر مبارک وغیر حسن.
2. سورة نوح / 26.  

 

1 ـ أصحاب علی(علیه السلام)الخطبة 70
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma