کما یفهم من عنوان الخطبة أنّها وردت بشأن عمرو بن العاص الذی کان من مقربی معاویة، بل یمکن القول أنّ استمرار خلافة معاویة وتحقیقه لبضع الانتصارات الظاهریة إنّما تمّ فی ظل مکائد بن العاص ومکره، فالشخص الثانی بل الأول فی تلک الخلافة المنحرفة کان عمرو بن العاص ورغم قصر عبارات الإمام(علیه السلام) إلاّ أنّها رسمت صورة واضحة عن مدى ضلال هذا الفرد المنحرف وإضلاله للأمّة، بحیث یمکن الوقوف على تمام تفاصیل سیرته من خلال هذه الکلمات، إلى جانب ذلک فهى توضیح سر العلاقة بینه وبین معاویة. والجدیر بالذکر هو أنّ الإمام(علیه السلام) خطب هذه الخطبة حین وصفه عمرو بن العاص بأنّه ذو دعابة.
«عَجَباً لاِبْنِ النّابِغَةِ! یَزْعُمُ لاَِهْلِ الشّامِ أَنَّ فِیَّ دُعابَةً، وأَنِّی امْرُؤٌ تِلْعابَةٌ: أُعافِسُ وأُمارِسُ! لَقَدْ قالَ باطِلاً، ونَطَقَ آثِماً. أَما ـ وشَرُّ الْقَوْلِ الْکَذِبُ ـ إِنَّهُ لَیَقُولُ فَیَکْذِبُ، ویَعِدُ فَیُخْلِفُ، ویُسْأَلُ فَیَبْخَلُ، ویَسْأَلُ فَیُلْحِفُ، وَیَخُونُ الْعَهْدَ، ویَقْطَعُ الاِْلَّ; فَإِذَا کَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَیُّ زَاجِر وآمِر هُوَ! مَا لَمْ تَأْخُذِ السُّیُوفُ مَآخِذَها، فَإِذَا کَانَ ذَلِکَ کَانَ أَکْبَرُ مَکِیدَتِهِ أَنْ یَمْنَحَ الْقَرْمَ ]القوم [سَبَّتَهُ. أَما واللّهِ إِنِّی لَیَمْنَعُنِی مِنَ اللَّعِبِ ذِکْرُ الْمَوْتِ، وإِنَّهُ لَیَمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ نِسْیانُ الاْخِرَةِ، إِنَّهُ لَمْ یُبایِعْ مُعاوِیَةَ حَتَّى شَرَطَ أَنْ یُؤْتِیَهُ أَتِیَّةً، ویَرْضَخَ لَهُ عَلَى تَرْکِ الدِّینِ رَضِیخَةً».