مصیر الجبابرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الثانیالشرح والتفسیر

یعتقد کل من یؤمن باللّه وعدله أنّ أساس هذا العالم قائم على العدل والقسط، وأنّ الظلم والجور طارئ على طبیعة عالم الخلیقة، ومن هنا یراود البعض هذا السؤال: إذا کان العدل هو الأساس، فما تفسیر تسلم الجبابرة لمقالید الاُمور ومنحهم فرصة ممارسة نشاطهم وفعالیتهم؟ وللإجابة على هذا السؤال لابدّ من القول بأنّ هنالک عدة دوافع تقف وراء ذلک منها: أولاً: فساد الناس ومثل هذه الحکومات هى عذابهم الدنیوی; الأمر الذی نلمسه فی وصیة الإمام علی(علیه السلام) لمن ترک النهی عن المنکر: «فیولى علیکم شرارکم ثم تدعون فلایستجاب لکم».( 1)

ثانیاً: قد یتحلى بعض الجبابرة ببعض الخصال الحسنة التی تستلزم منحهم تلک المهلة التی یتقلبوا فیها فی البلاد، فقد جاء فی الخبر أنّ موسى(علیه السلام) قال: إلهی أمهلت فرعون أربعمائة سنة وقد إدعى الربوبیة وکذب نبیک وآیاتک! فجاءه الخطاب: إنّه حسن الخلق وسهل الحجاب، (أی لم تکن هناک من صعوبة لدى الناس فی الدخول علیه) وانی أحب أن أثیبه على هذه الصفات.(2)

ثالثاً: ما ورد فی الخطبة حیث قال الإمام(علیه السلام): «أمّا بعد فان اللّه لم یقصم جباری دهر قط إلا بعد تمهیل ورخاء» لعلهم یفیقون من غفلتهم ویکفون عن ظلمهم وعدوانهم.

رابعاً هو أن بعض الجبابرة قد أغلقوا جمیع أبواب الهدایة بوجوههم، فاللّه یمهلهم إستدراجاً لیزدادوا ذنوباً وآثاماً فیضاعف علیهم العذاب، بالضبط کالذی یصعد شجرة وعاقبته السقوط، فکلما تسلق أکثر کان أذاه ومصابه أشد وأعظم. أما القرآن فقد صرح بهذا الشأن قائلاً: (وَلا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لاَِنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِـیَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِـینٌ).(3)

وبناءاً على ما تقدم فلاینبغی أن یتفر إلینا الشک فی مسئلة العدل إذا ما رأینا ظالماً وقد تحکم بمصیر أمة، وذلک لاختلاف الأسباب المؤدیة إلى ذلک والتی أشرنا إلى جانب منها سابقاً.


1. نهج البلاغة، الرسالة 47.
2. بحارالأنوار 13/129.
3. سورة آل عمران / 178. 

 

القسم الثانیالشرح والتفسیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma