خلق الشمس والقمر والشهب والکواکب

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
1ـ الکواکب الثابتة والسیارةالقسم العاشر

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة إلى خلق الشمس والقمر والکواکب وفلسفتها الوجودیة، ثم شرح بعبارات بلیغة الفوائد والبرکات لهذه الکواکب، حیث أشار إلى خلق الشمس وما یختزنه ضیاؤها من برکات: «وجعل شمسها آیة مبصرة لنهارها».

ثم أضاف(علیه السلام) قائل: «وقمرها آیة ممحوة من لیلها».

حیث إختلفت أقوال شرّاح نهج البلاغة فی تفسیر هذه العبارة فقال البعض المراد ممحوة بلیالى المحاق اللیالى الظلماء فی آخر الشهر. وقال البعض الآخر القطع السوداء على سطح القمر. وقیل أیضاً المراد بهوت لون القمر تدریجیاً بعد منتصف اللیل. ولکن لا یبدو أی من هده التفاسیر تاماً، والمراد بقوله ممحوة هو قلّة ضیاء القمر بالنسبة لضیاء الشمس. على کل حال فانّ هذه العبارة تتفق تماماً والآیات القرآنیة التی عدت اللیل والنهار من آیات اللّه: (وَمِنْ آیاتِهِ اللَّیْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ)(1) ولاتخفی برکات ضیاء النهار وأشعة الشمس على حیاة البشریة التی یعزی إلیها کافة الأنشطة والفعالیات والسعى والحرکة من أجل العیش والحیاة، کما أنّ الضیاء المتواضع واللطیف للقمر فی اللیالى الظلماء والذی یقود إلى حل أغلب مشاکل الحیاة البشریة، کما کان یستعین الإنسان حین الضرورة فی الطرق بضیاء القمر ولاسیما فی الصحراء. وفی ذات الوقت فانّه لیس على درجة من القوة بحیث یعیق حرکته ونشاطه فی النهار، وهذه نعمة اُخرى من نعمه سبحانه.

ثم تطرق الإمام(علیه السلام) إلى حالات الشمس والقمر وفلسفتهما الوجودیة فقال: «واجراهما فی مناقل(2) مجراهما، وقد سیرهما فی مدارج درجهما، لیمیز بین اللیل والنهار بهما، ولیعلم عدد السنین والحساب بمقادیرهما»، وهو الأمر الذی أشار إلیه القرآن الکریم بقوله: (هُـوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّـمْسَ ضِـیاءاً وَالقَمَرَ نُوراً وَقَـدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِـینَ وَالحِسابَ)،(3) فمعلوم إنفصال اللیل عن النهار بواسطه الشمس. ثم تطرق الإمام(علیه السلام) إلى الکواکب فقال: «ثم علق فی جوها فلکها، وناط(4) بها زینتها، من خفیات دراریه(5)، ومصابیح کواکبها». فقد أشار(علیه السلام)إلى نوعین من الکواکب السماویة: الأول الکواکب الصغیرة التی عبر عنها الإمام(علیه السلام)بقوله خفیات دراریها، والثانی الکواکب الکبیرة والتی عبر عنها بالقول مصابیح. ونعلم بالطبع أنّ هذا التقسیم للکواکب إلى صغیرة وکبیر إنّما یستند إلى رؤیتنا، وإلاّ فأنّ أغلب هذه الکوکب الصغیرة قد تکون عظیمة الکبر حتى أنّها لتکبر شمسنا التی تعتبر إحدى الکواکب السماویة المتوسطة إلاّ أنّها تبدو صغیرة بسبب بعدها عن أبصارنا، وعلى العکس من ذلک بالنسبة للکواکب التی تبدو لنا کبیرة (من قبیل کوکب الزهرة) والذی یعدّ جزءاً من سیارات المنظومة الشمسیة، وبسبب قربه یبدو شدید الاشعاع، والحال لیست الزهرة إلاّ کوکب صغیر. على کل حال فانّ هذه الکواکب السماویة لتزین اللیل بما یجعله یخطف البصر، فضلاً عن دلالتها على عظمة الحق سبحانه وعدم تناهى قدرته وحکمته.

طبعا تشکل الکواکب بدورها عالما مستقلاً، ویرى أغلب العلماء أنّ معظمها قد یکون مأهولا بالسکان وتسودها الحیاة; غیر أنّه یتعذر علینا تصور کیفیة الحیاة علیها، على کل حال فانّ دور هذه الکواکب فی حیاتنا لا یقتصر على تزیین السماء لیلاً فحسب، بل یمکن الاهتداء بها فی البحار والصحارى; الأمر الذی أشار إلیه القرآن الکریم: (وَهُوَ الَّذِی جَعَلَ لَکُم النُّجومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالبَحْرِ)(6) و بغض النظر عن ذلک فلعل الجاذبیة بین الکواکب و الأجرام السماویة هى التی ضمنت حفظ و بقاء الکرة الأرضیة ثم أشار الإمام(علیه السلام)إلى ظاهرة اُخرى من الظواهر السماویة العجیبة وهى الشهب «ورمى مسترقى(7) السمع بثواقب شهبها».تحدثنا سابقاً بالقدر الکافی عن الشهب وارجعنا القارئ إلى المصدر الذی اسهب فی شرح هذا الموضوع، ولکن یبدو تکرارها فی هذا الموضع من کلام الإمام(علیه السلام)هو أنّها قد تبدو للناظر فی الأرض أحیاناً ککوکب متحرک، ومن هنا أشار إلیها الإمام(علیه السلام) إلى جانب تقسیمه للکواکب. ثم تناول الإمام(علیه السلام) بعض خصائص هده الکواکب فقال: «وأجراها على أذلال(8)، تسخیرها من ثبات ثابتها، ومسیر سائرها، وهبوطها وصعودها، ونحوسها وسعدها» وسنخوض فی المباحث القادمة فی موضوع الکواکب الثابتة والسیارة والهبوط والصعود وکیفیه نحسها وسعدها.


1. سورة فصلت/37.
2. «مناقل» جمع «منقل» من مادة «نقل» بمعنى الطریق.
3. سورة یونس / 5.
4. «ناط» من مادة «نوط» على وزن موت توقف الشی على آخر.
5. «دراری» جمع «درى» من الدر الکواکب والقمار.
6. سورة الانعام/97.
7. «مسترقى» جمع «مسترق» بمعنى السارق ومنه استرق السمع، أى سماعة خفیة.
8. «أذلال» جمع «ذل» بکسر الذال المجرى والمسیر. 
1ـ الکواکب الثابتة والسیارةالقسم العاشر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma