المکانة الرفیعة للأنبیاء

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثالثالقسم الثانی

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذه الخطبة إلى الأنبیاء الذین بعثهم الله طیلة تاریخ البشریة، لیکمل بحث التوحید ببحث النبوة. وتفید القرائن أن هناک مقاطع محذوفة بین هذا القسم وذلک الذی سبقه، فالأقسام مقتطفات من خطبة طویلة للإمام(علیه السلام).

على کل حال فان الخطبة أشارت فی الواقع إلى الاُمور المهمة التالیة.

الأول: أنّ الأنبیاء قد غطوا جمیع التاریخ البشری وقد نهضوا الواحد تلوا الآخر بمهمتهم فی الوعظ والإرشاد.

الثانی: أنّهم ینشدون جمیعاً هدفاً واحداً.

الثالث: أنّهم تربوا فی أصلاب شامخة وأرحام مطهرة.

فقال(علیه السلام): «فاستودعهم فی أفضل مستودع، وأقرهم فی خیر مستقر»، ثم خاض(علیه السلام) فی شرح هذا المجمل بأنّ الله قد قلبهم فی الأصلاب الکریمة والأرحام المطهرة. فقال(علیه السلام) بهذا الشأن: «تناسختهم(1) کرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام».

فالواقع هو أنّ «أفضل مستودع» یراد به أصلاب کرام الآباء من أهل الفضل و«خیر مستقر» یراد به الأرحام الطاهرة للاُمهات.

ثم أشار(علیه السلام) إلى استمرار رسالة الأنبیاء وامتدادها، وکلما رحل منهم أحد، خلفه آخر لیواصل سبیله: «کلما مضى منهم سلف، قام منهم بدین الله خلف».

فالواقع هو أنّ حدیقة الحیاة الإنسانیة لم تخل قط من شجرة الأنبیاء الطیبة، لتتغذى البشریة على الدوام على ثمارها المعطاء: (تُـؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِـین بِـإِذنِ رَبِّه)(2) فترتوی من فیضها وتزدان قوة فی روحها وبدنها.

أمّا قضیة طهارة أصلاب الأنبیاء وأرحامها فمن الاُمور المهمة التی أسهبت فی ذکرها الروایات الإسلامیة والزیارات، وذلک لاهمیتها من جانبین: الأول من ناحیة قانون الوراثة الذی ینطوی على آثار عمیقة والثانی: من الناحیة الاجتماعیة وثقة الاُمّة بالأنبیاء، إلى جانب الرابطة بین الاُمم والأنبیاء بما لا یمکن انکار دوره.

ومن هنا صرحت الروایات التی وردت بشأن انتخاب الزوجة بأن تکون من اُسرة دینیة مشهورة بعفتها وطهارتها وورعها وتقواها، والعکس صحیح فی اجتناب الاُسرة الوضیعة وان کانت هناک بعض الصفات فی المرأة. فقد جاء فی الحدیث عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «أیها الناس إیاکم وخضراء الدمن! قیل: یا رسول الله وماخضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء فی منبت السوء».(3)

والنقطة الجدیرة بالذکر أنّ العبارة: «کلما مضى منهم سلف، قام منهم بدین الله خلف»، إشارة إلى هذه الحقیقة هى أنّ الأنبیاء وبمصداق (لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ)(4)، لهم برامج واحدة، وأصول مشترکة، وإن کان هناک بعض الاختلاف فی الفروع بسبب تفاوت الزمان والمکان; فکانوا یدعون جمیعاً إلى التوحید والعدل والمعاد، حتى أنّهم کانوا سواسیة فی اصول المسائل الفرعیة; فهم یدعون إلى التضرع والعبودیة ویحثون على الفضائل ومکارم الأخلاق ویحذرون من الصفات الرذیلة، وبالتالی احترام القانون ورعایة النظام.


1. «تناسخ» من مادة «نسخ» بمعنى الازالة وانتقال الشیء، وتعنی هنا انتقال نطفة الآباء إلى أرحام الاُمهات.
2. سورة ابراهیم/25.
3. وسائل الشیعه 14/29 ح 4.
4. سورة البقرة/285. 

 

 

القسم الثالثالقسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma