3 ـ حقیقة الصحابة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
الخطبة 982 ـ ممیزات أهل الکوفة والشام

لعل هناک من یفهم من اطلاق کلام أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) أنّ هذه الخصائص قد جمعت فی کافة أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وعلیه فهو دلیل على ماذهبوا إلیه من نظریتهم المعروفة فی تنزیه الصحابة، والحال أنّ هذه الخصائص إنّما تتصف بها فئة خاصة من اصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله) کسلمان وأبی ذر وعمار والمقداد ومن کان على شاکلتهم، لا جمیع الصحابة. وذلک لأنّه أولا: أنّ هذا الموضوع یخالف السیر والتواریخ، حیث لم تدون لهم کل هذه الصفات، ثانیاً: تفید أغلب آیات القرآن الکریم أنّ بینهم من عرف بالنفاق والذنوب والخطایا والمعاصی. ومن ذلک أن بعضهم قد خان رسول الله(صلى الله علیه وآله) وجیش المسلمین، وقد تابوا بعد أن افتضح أمرهم; کحاطب بن أبی بلتعة وأبی لبابة، وقصتهم معروفة، وعمود التوبة فی مسجد النبی(صلى الله علیه وآله)شاهد حی على هذه الحقیقة.

وفیهم من اعترض على رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی حکم الزکوة، والمال و منهم من عاهد الله بالانفاق أن آتاهم من فضله ومنهم ثعلبة بن حاطب الانصاری الذی وردت قصته فی الآیات 75 ـ 77 من سورة التوبة.

وفیهم من تخلف عن غزوة تبوک وتمرد على أوامر رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وقد وردت قصتهم فی ذیل الآیة 118 من سورة التوبة.

وفیهم الحِواسیس الذین وصفتهم الآیة 47 من سورة التوبة: (وَفِـیکُمْ سَـمّاعُونَ لَهُمْ).

وفیهم من بنى مسجد ضرار بهدف ایجاد الفرقة والاختلاف بین صفوف المؤمنین، وقد وردت قصتهم فی الآیات 107 ـ 110 من سورة التوبة.

وفیهم من سار على الصراط على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) ثم انقلبوا بعده فاثاروا الفتن واشعلوا نیران الحروب وسفکوا دماء المسلمین، کطلحة والزبیر الذین أججا نار الجمل وخرجا على إمام المسلمین، ومعاویة الذی آثار الفتن ومنها فتنة صفین.

وعلیه یبدو من السذاجة أن نتغاضى عن هذه الحقائق والوقائع التأریخیة وصریح الآیات القرآنیة، لنعتبر الصحابة منزهین جمیعاً یتصفون بالطهر والعفاف والورع والتقوى.

وبناءاً على ما تقدم فان أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) إذا مدح الصحابة وأثنى علیهم ـ فی هذه الخطبة أو سائر الخطب ـ فالمفروغ منه أن مراده خاصة صحب رسول الله(صلى الله علیه وآله) لاجمیعهم.

وهم ثلة معدودة من صحابه کانت تقتفی آثار رسول الله(صلى الله علیه وآله) وتلتحق به فی کافة المعارک والغزوات، حتى استشهد أغلبهم على عهده(صلى الله علیه وآله).

على کل حال فانّ هذه الثلة من أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله) التی انطوت على أعظم دروس العبودیة والاستقامة والصمود والتضحیة فی سبیل الله والإسلام، وتعلمتها من معلم البشریة الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) لجدیرة بان تکون قدوة للمسلمین فی کل عصر وزمان.

وهم الذین قال قیهم المؤرخون أنّهم کانوا یتلون لبعضهم البعض الآخر سورة العصر حین یفترقون، لیوصی کل منهم الاخربالایمان والعمل الصالح والتحلی بالحق والصبر.(1)

وصفهم القرآن بقوله: (سِـیماهُمْ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ).(2)

وهم المعروفون بشدتهم وصلابتهم تجاه الاعداء، واللین والرحمة تجاه الأصدقاء: (وَالَّذِینَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلى الکُفّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ)(3).


1. اسد الغایة 3/144.
2. سورة الفتح/29.
3. سورة الفتح/29. 

الخطبة 982 ـ ممیزات أهل الکوفة والشام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma