الغیب لله ولکن...

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
وهنا لابدّ من طرح هذه الأسئلةالقسم الثالث

حین خاض الإمام (علیه السلام) فی تلک الحادثتین المهمتین (قیام صاحب الزنج وفتنة المغول) وذکر خصوصیاتهما «فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَقَدْ أُعْطِیتَ یَا أَمِیرَالْمُؤْمِنِینَ عِلْمَ الْغَیْبِ!».

فالعبارة وإن کانت على سبیل الإخبار، لکنّها فی الواقع استفهامیة، لأنّه سمع أن علم الغیب مختص بالله سبحانه، ولذلک طلب توضیح الإمام (علیه السلام): «فَضَحِکَ (علیه السلام)، وَقَالَ لِلرَّجُلِ، وَکَانَ کَلْبِیّاً: یَا أَخَا کَلْب، لَیْسَ هُوَ بِعِلْمِ غَیْب، وَإِنَّمَا هُوَ تَعَلُّمٌ مِنْ ذِی عِلْم».

قطعاً أنّ ضحک الإمام (علیه السلام) لم یکن بدافع السخریة ولم یفرزه الغرور، بل کان ضحک الفرح والسرور، ولعل مرد ذلک إلى حسن الأمر فی طرح ذلک السؤال من الرجل الکلبی لیکشف الإمام (علیه السلام) عن کنه ذلک الموضوع أمام الجمیع.. أو أنّ ضحکه کان من تعجبه فی أنّه لا ینبغی أن یکون مثل هذا الأمر بخفی على أحد، على کل حال فانّ عبارة الإمام (علیه السلام) تشیر إلى حقیقة فی أنّ ذلک العلم مختص بالله وهو علم ذاتی، والعلم الممکن لما سوى الله، فهو العلم الحاصل من التعلم والذی له بُعد إکتسابی، یعنی یتعلّمه الإمام (علیه السلام) من النّبی (صلى الله علیه وآله) والنّبی عن طریق الوحی الإلهی (سیأتی شرح هذا المطلب).

ثم قال الإمام (علیه السلام): «وَإِنَّمَا عِلْمُ الْغَیْبِ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَمَا عَدَّدَهُ اللّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِوَیُنَزِّلُ الْغَیْبُ، وَیَعْلَمُ مَا فِی الاَْرْحَامِ، وَمَا تَدْرِی نَفْسٌ مَاذَا تَکْسِبُ غَداً، وَمَا تَدْرِی نَفْسٌ بِأَیِّ أَرض تَمُوتُ ...)(1)».

ثم أوضح معنى ذلک قائلاً: «فَیَعْلَمُ اللّهُ سُبْحَانَهُ مَا فِی الاَْرْحَامِ مِنْ ذَکَر أَوْ أُنْثَى ، وَقَبِیح أَوْ جَمِیل، وَسَخِیٍّ أَوْ بَخِیل، وَشَقِیٍّ أَوْ سَعِید، وَمَنْ یَکُونُ فِی النَّارِ حَطَباً، أَوْ فِی الْجِنَانِ لِلنَّبِیِّینَ مُرَافِقاً».

فخلص (علیه السلام) إلى نتیجة نهائیة مؤدّاها: «فَهَذَا عِلْمُ الْغَیْبِ الَّذِی لاَ یَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلاَّ اللّهُ، وَمَا سِوَى ذلِکَ فَعِلْمٌ عَلَّمَهُ اللّهُ نَبِیَّهُ فَعَلَّمَنِیهِ، وَدَعَا لِی بِأَنْ یَعِیَهُ(2) صَدْرِی، وَتَضْطَمَّ(3) عَلَیْهِ جَوَانِحِی(4)».

فالذی یستفاد من مجموع هذه العبارات:

أولاً: أنّ علم الغیب علم ذاتی مختص بالله سبحانه وتعالى، لکن العلم الإکتسابی والإعطائی لا یسمى بعلم الغیب، بل هو ذ لک العلم الذی علّمه الله سبحانه نبیّه وعلّمه النبی من یراه مستعداً لذلک العلم.

ثانیاً: لهذه العلوم التعلیمیة استثناءات وردت خمسة منها فی الآیة الشریفة الأخیرة من سورة لقمان، وهذه مصادیق علم الغیب التی لم یعلّمها الله سبحانه أحداً من الخلق.


1. سورة لقمان / 34.
2. «یعی»: من مادة «وعی» على وزن سعی بمعنى حفظ الشیء فی القلب، أو بعبارة أخرى التعلم والایداع فی الحافظة.
3. «تضطم»: من مادة «ضم» بمعنى جمع الشیء.
4. «جوانح»: جمع «جانحة» الأضلاع تحت الترائب ممّا یلی الصدر.

 

وهنا لابدّ من طرح هذه الأسئلةالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma