ممر یعرف باسم الدنیا

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
نتیجة الخطبةالقسم الثالث

خلص الإمام (علیه السلام) إلى نتیجة بعد مقدمات دقیقة أوردها فی بدایة ووسط هذه الخطبة بشأن علم الله بکل شیء سیّما بأعمال العباد ونیّاتهم وکذلک قرب الموت والاعتبار بحیاة الماضین فقال: «فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ(1) ]بَرز [مَهَلُهُ(2)، وَفَازَ عَمَلُهُ».

فمن الواضح أنّ التقوى إذا تجذرت فی أعماق قلب الإنسان ظهرت ثمارها على یدیه ولسانه وعینه وسمعه، وذلک لأنّ التقوى ملکة نفسیة تتمثل بخشیة الله وهى الدافع القوی للإتیان بالأعمال الصالحة وحاجز عن الذنوب والمعاصی.

ثم واصل الإمام کلامه فقال: «فَاهْتَبِلُوا هَبَلَهَ(3)، وَاعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا»، إشارة إلى أنّ الجنّة لا تعطى لأحد بالمجان، کما لا تتأتى من خلال الظن والتصور والخیال والزعم الفارغ، فمفتاح الجنّة الأعمال الصالحة، والأعمال الصالحة تنبعث من التقوى.

ثم قال (علیه السلام) فی مواصلة لشرح وضع الدنیا والآخرة ومنزلة کل جماعة: «فَإِنَّ الدُّنْیَا لَمْ تُخْلَقْ لَکُمْ دَارَ مُقَام، بَلْ خُلِقَتْ لَکُمْ مَجَازاً لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الاَْعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ»، فالنظرة الإسلامیة التی تعرض لها القرآن الکریم ونهج البلاغة مراراً تکمن فی أنّ الدنیا دار ممر وأنّها قنطرة ومیدان للتدریب وبالتالی فهى متجر ومقدمة للآخرة الموضوع الأصلی للإنسان، وإن اعتمدنا هذه النظرة للدنیا آنذاک سیبدو لنا کل شیء بصیغة أخرى وستحول دون مقارفتنا للذنب والظلم، وتسوقنا نحو الخیر والاحسان.

أمّا أتباع المدارس المادیة التی ترى الدنیا ولذاتها هدفها النهائی، وقد غفلت تماماً عن الآخرة، فلیس هناک من حد لتلوثها بالذنوب والنزاعات من أجل الاستحواذ على الأموال والمناصب الظاهریة، وعلیه فلا أمل فی إطفاء غائلة المعارک والنزاعات بینها، وأخیراً خلص الإمام إلى نتیجة رائعة عمیقة المعنى فقال: «فَکُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَاز(4). وَقَرِّبُوا الظُّهُورَ لِلزِّیَالِ(5)»، فی إشارة إلى أنّ الوقت ضیق والموانع کثیرة وزمان الرحیل مجهول تماماً، ولا ینبغی أن یقتصر التأهب على الکهول، بل لابدّ أن یعیش ذلک التأهب حتى الشباب على الدوام، فما أکثر من بقی من الآباء الکهول والعجزة، بینما رحل الشبان الأشداء.


1. «برز»: من مادة «بروز» بمعنى الظهور والسبقة، وتوضیح ذلک أنّ هذه المفردة تکون أحیاناً على هیئة ثلاثی مجرّد (على وزن ضرب) بمعنى الظهور، وأحیاناً أخرى من باب تفعیل (على وزن صرّف) بمعنى السبقة، وقد استعملت فی العبارة الثانی، وإن وردت بصیغة الثلاثی المجرد فی بعض النسخ.
2. «مهل»: له معنى الاسم المصدری وتعنی الوفق والمداراة، کما تستعمل بمعنى الفرصة للقیام بالعمل الصالح.
3. «هبل»: نعنی أحیاناً الهلکة وفقدان الشیء أحیاناً، وأخرى بمعنى الغنیمة والاهتبال بمعنى الخدعة، کما یعنی الاغتنام والاستیلاء على شیء، والمعنى الثانی هوالمراد بالعبارة.
4. «أوفاز»: جمع «وفز» على وزن نبض السرعة والعجلة والاستعداد للسفر.
5. «الزیّال»: بمعنى الفراق والعبارة «قربوا الظهور للزیّال» تعنی أعدوا المراکب للرحیل من الدنیا ولازمة ذلک الإتیان بالأعمال الصالحة والتوبة من الذنوب وأداء حقوق المخلوق والخالق.

 

نتیجة الخطبةالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma