شرح المفردات

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
(الانحرافات والرین والأمراض والأکنة والأقفال)حُجُب المعرفة

قبل کل شیء ینبغی الخوض فی البحث عن المفردات المختلفة والظریفة التی استعملت فی الآیات السابقة التی أشارت إلى حجب المعرفة وحرمان الإنسان منها،کلُّ منها تشیر إلى مرحلة من مراحل انحراف ذهن الإنسان وحرمانه من المعرفة، فتبدأ بالمراحل الأضعف، وتنتهی بمراحل أشد وأقوى من الحرمان بحیث تسلب الإنسان قدرته على التمییز، بل تصوّر له الحقائق بالعکس فیرى الشیطان ـ من جرائها ـ مَلَکاً بریئاً، والقُبح حُسناً، والباطل حقاً!

إنّ «زیغ» تـعنی ـ کما یقول کثیر من أئـمة اللغة ـ الانـحراف ، أو الانـحراف عن الحق والصواب، ولهذا جاء فی القرآن: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا). (آل عمران / 8)

و«رَانَ» من مادة « رَیْن » (على وزن عَین) وهو الصدأ الذی یـصیب بعض الفلزات. هذا ما قاله الراغب فی مفرداته، وقد قال بعض أهل اللغة: « إنّه قشر أحمر یترسب من الهواء ویظهر على سطح بعض الفلزات مثل الجدید»، وهذا الصدأ علامة للإستهلاک والتلف وزوال شفافیة ولمعان الفلز.

وقد فسّر البعض هذه المفردة بـ «غلبة أمر على أمر آخر» أو «الوقوع فیما لا مخرج منه».

وقد قیل للشراب المسکر «رَیْنه» لأنّه یتغلب على العقل(1).

«الوَقْر»: على وزن (عَقل) هو الثقل فی السمع بدرجة یصعب السمع بها.

أمّا «الوِقْر» على وزن (فِکر) فهو الثقل الذی یوضع على ظهر الإنسان أو رأسه، کما یقال «وِقْر» للحمل الثقیل، ولهذا قیل لصاحب العقل «ذی وقار».

«الغشاوة»: تطلق على کل شیء غطّى شیئاً آخر ، ومن هذا الباب قیل للستارة غشاوة، وقد اُطلق، لفظ «غاشیة» على یوم القیامة من حیث إنّ الخوف الناشیء منها یغطی جمیع الناس ویخیّم علیهم، وقد اطلقت هذه المفردة على اللیل الأظلم کذلک لأنّه کالستار یغطی الأرض ، کما اطلقت على « الخیمة » کذلک.

«أکِنة»: جمع کِنان ، وفی الأصل تعنی غطاء یُستر به شیء، و « الکِنّ » على وزن (جِن) یعنی الوعاء الذی تحفظ به الأشیاء، وقد أطلقت هذه المفردة على البیت أو على أی شیء یحفظ الإنسان من الحرارة والبرودة، وجعل الأکِنة على القلوب یعنی: سلب قدرتها فی التمییز.

«الغُلْف»: على وزن (قفل) جمع «أغلُف» ومن مادة «غِلاف» وتعنی غلاف السیف أو غلاف أی شیء آخر، و«قلوب غلف» تعنی قلوباً لا تفهم ولا تعی الحقیقة، وکأنها مُغلَّفة.

«قَسَتْ» من مادة « قَسْوَة» على وزن (مرْوة)، وَالقساوة تعنى الصلابة والغـلظة وفقدان المرونة، ویـقال للفضة غیر الخالصة « قسّی »، والقلوب القاسیة هی غیر اللینة والغلیظة تجاه الحق والعدالة.

و«نَطْبع»: من مادة «طَبْع» ویعنی الختم أو النقش، ومن هذا الباب تستعمل المفردة هذه فی مجال المسکوکات الذهبیة والفضیة ، ویقال للخاتم الذی تُختم به الکتب والرسائل طابع، وعندما تستعمل هذه المفردة فی مجال العقل فتعنی أنّه مُغطَّى ومختوم علیه فلا یفهم ولا یعی شیئاً ، وکأنّ أبوابه مغلقة ومختوم علیها ، أمّا مفردة « طَبَع » فتعنی الصدأ الذی یعلو السیف کما تطلق على المعاصی والذنوب التی تعلو القلب وتغطیه.

و«الخَتْم»: یعنی الانتهاء والفراغ من الشیء ، وبما أنّ الرسائل تختم عند الفراغ منها ، قیل لوسیلة الختم خاتم، وفی الماضی کان کثیر من الناس ینقشون أسماءَهم على فصوص ما یتختمون به ، فیختمون بها الرسائل ، ولهذا اُطلق على خاتم الید خاتماً.

وکان وما زال العرف ( إذا أرادوا أن یغلقوا بیتاً أو صندوقاً بحیث لا یفتحه أحد) یغلقون الباب أولا بحبل أو قفل ، ثم یصبون مادة لصقة أو طین لزج على القفل أو الحبل ثم یختمون على تلک المادة ، بحیث إذا أراد شخصٌ فتح الباب أو الصندوق اضطرَّ لأنّ یکسر الختم.

إنّ استعمال القرآن لهذه المفردة فی مجال العقول ، إشارة إلى أنّها عقول مقفلة ومختوم علیها ولا تعی شیئاً بدرجة لا یمکن أن تحصل على بصیص للوصول إلى طریق العلم والمعرفة.


1. تفسیر الفخر الکبیر ذیل الآیة 14 من سورة المطففین والمنجد مادة (رین).

 

(الانحرافات والرین والأمراض والأکنة والأقفال)حُجُب المعرفة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma