شرح المفردات

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
ظاهرة الریح والأمطار والأسرار الکامنة فیه تمهید

«الریاح»: تکررَ هذا اللفظُ عشرَ مرات فی القرآن الکریم ، تسعٌ منها إشارة إلى الریاح التی تُحرکُ الغیوم وتُعِدُّها لتنزل الأمطار .و«الریاح»: فی الأصل جمع ( ریح ) وتعنی الهواء المتحرک ، وأصلُها « رَوْحْ » ، وغالباً ما تعتبر مؤنثاً لفظی ، والجدیر بالذکر أنّها تستخدم بصیغة الجمع دائماً فی الآیات التی تتعلق بحرکة الغیوم ونزول الأمطار فی القرآن الکریم ، وذکر البعض دلیلا على ذلک بأنَّ الریاح إذا تحرکت بشکل جماعی فانّها تنشر الغیوم وتُکوِّنُ أمطاراً غزیرة وملیئة بالبرکة ، وإذا تحرکت على هیئة أجزاء متفرقة فانّها تکون عقیمة وغیر مفیدة ، بل مضرّةً عندئذ ، لذلک ورد فی الدعاء: «اللّهم اجعلهاُ ریاحاً ولا تجعلها ریح »(1) .ویقول « الراغب فی المفردات » : فی جمیع الموارد التی ذکر الله تعالى لفظة «الریح» بصورة مفردة ( فی القرآن ) فهی تحکی عن « العذاب » ، وأینما ذکرت بصیغة الجمع فهی تحکی عن الرحمة .وقول الراغب صائبٌ فی ما یَخص « الریاح » فی صیغة الجمع ، ولکن لیس هناک تعمیمٌ فی مورد « الریح » بصیغة المفرد ، لإنَّ « الریح » استخدمت فی القرآن بصیغة المفرد فی مورد النعمة أیض ، کما فی قوله تعالى: ( حَتَّى إِذَا کُنْتُمْ فِى الْفُلْکِ وَجَرَیْنَ بِهِمْ بِرِیح طَیِّبَة وفَرِحُوا بِهَ ) .( یونس / 22 )ونقرأ أیضاً بخصوص سلیمان (علیه السلام) : ( وَلِسُلَیَْمانَ الرِّیْحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَواحُهَا شَهْرٌ ) .( سبأ / 12 ) و( تَصْریفِ الرِّیاح ) تعنی نقل الریاح من حال إلى حال ( من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال ) ، وهی من مادة ( صرف ) ( على وزن حرف ) أی تحویل الشیء من حالة إلى حالة اُخرى أو إِبداله بشیء آخر(2) .وقد یکون هذا التعبیر إشارة إلى أنّ الریاح لو سارت باتجاه واحد باستمرار فمن الممکن أن تدفعَ بالرطوبة والغیوم المتصاعدة من البحار نحو جهة واحدة فقط أما تغیُّر الریاح فانّه یؤدّی إلى أن تتحرک الغیوم من مکان إلى مکان آخر ، وتَستفید أغلبُ المناطق الجافة من الأمطار إلى اقصى حد .

فضلا عن ذلک وکما سیأتی فإنّ فائدة الریاح لا تنحصر بحرکة الغیوم ، بل لها منافع کثیرة اُخرى سنشیر إلیها فی تفسیر الآیات إن شاء الله(3) .

و«السَّحاب»: من مادة « سَحْب » ( على وزن مَحْو ) ، وتعنی فی الأصل الجرَّ ، حیثُ تُسحبُ الغیوم بواسطة الریاح ، أو أنّ الغیوم تسحبُ المیاهَ نحو أیِّ اتجاه ، فیُطلقُ اسم « السحاب » علیه ، وقد یُستخدم هذا المفهوم بمعنى الظِّل أو الظلام من باب التشبیه .واللطیف إنَّه قد تمَّ التعبیر فی الآیات أعلاه بـ «سُقناه» من مادة « سوق » أی « الدفع » وقد استُعمِلَ هذا التعبیر لأنَّ الله تبارک وتعالى یدفعها نحو اتجاه معیَّن ( بالرغم من أنّ السحاب یتحرک طبیعی ) .و«مُزن»: على وزن « حُزن » وتعنی « الغیوم الواضحة » ، وفسَّرها البعض ب ( الغیوم الممطرة )(4) .

ولهذا یُطلقُ على الهلال الذی یبرز من بین الغیوم بـ ( ابن مُزنة ) ، و( مازن ) تعبیرٌ یطلق على بیض النمل.

و«بُشْر»: ( على وزن عُشْر ) ، وحسب ما جاء فی ( مصباح اللغة ) فهی مأخوذة من ( بَشَرْ ) ( على وزن سَقَرْ ) أی السرور والفرح(5) .والسببُ فی تسمیة القرآن الکریم للغیوم بـ «بُشْر» و«مُبَشِّرات» لأنّها غالباً ما تکون مبشِّرات بهطول المطر الذی یَهَبُ الحیاة .


1. مجمع البحرین ـ مادة ( ریح ) .
2. مجمع البحرین، ومفردات الراغب .
3. یُقسِّمُ العربُ الریاحَ إلى اربعة اقسام : « الشمالیة » التی تهب من الشمال ، و« الجنوبیة » التی تهبُّ من الجنوب ، و« الصب » التی تهبُّ من الشرق ، و« الدبور » التی تهبُّ من الغرب .
4. مفردات الراغب ولسان العرب، مادة (مُزن).
5. « بُشْر » اسم مصدر وتأتی بمعنى اسم فاعل ( مُبَشِّر ) أیضاً .

 

ظاهرة الریح والأمطار والأسرار الکامنة فیه تمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma