یعلم ما تعملون

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
هو السمیع والعلیم هو السمیع البصیر

بعد أن أمر الله سبحانه وتعالى عباده فی الآیة الثانیة بأداء الأمانات إلى أهلها والحکم بین الناس بالعدل ، وصف نفسه بهاتین الصفتین اللتین لهما علاقة وثیقة ولطیفة بالأمرین الواردین فی بدایة الآیة حیث قال تعالى : (إِنَّ اللهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الاَْمَانَاتِ اِلَى اَهْلِهَا وَاِذَا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النَّاسِ اَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ اِنَّ اللهَ نِعِمَّا یَعِظُکُمْ بِهِ اِنَّ اللهَ کَانَ سَمِیعاً بَصِیراً).

وکما نعلم فإنّ الأمانات الواردة فی الآیة ذات معنى واسع وعمیق ، وقد ورد فی روایات أهل البیت (علیهم السلام) بأنّها تشمل حتى مسألة إمامة وقیادة الناس ، فهی أمانات إلهیّة ویجب أن تودع عند أهله(1) .

وکذلک فإنّ تعبیره سبحانه بکلمة (الناس) یشمل جمیع البشر حتى من هم غیر مسلمین ، أی ینبغی رعایة اُسس العدالة بین جمیع بنی البشر ، ومعاملة الصدیق والعدو ، والغریب والقریب بالتساوی .

للبحث حول مسألتی الأمانة والعدالة ، اللتین هما روح المجتمع الإنسانی وروح الحکومة الإسلامیّة ، محلٌّ آخر طبع ، وسنتاول ذلک فیما بعد . الغرض هنا هو معرفة علاقة هاتین المسألتین بصفتی «السمیع» و«البصیر» المنسوبتین إلى الله تعالى.

وهذه الجملة بالحقیقة هی تحذیر لکل من یتولى منصباً رئاسی ، أو یأخذ على عاتقه حمل أمانة معینة ، أو قضاءً وحکماً بین الناس ، وهذا التحذیر کأنّه یقول لن : إعلموا بأنّ الله تعالى رقیب علیکم یعلم ما تعملون ، ویسمع ماتقولون ، وهذا یثبت بأنّ لصفات الله جانباً تربویاً بالإضافة إلى مسألة العقیدة .

بالإضافة إلى أنّه من المحتمل أن تکون هاتین الصفتین إشارة إلى نقطة اُخرى ، وهی أنّ مسألة أداء الأمانة والحکم بین الناس تحتاج إلى اُذُن سمیعة وعین بصیرة ، فلا یمکن البتّ فی الاُمور بدون سماع صوت المظلومین ، ومعرفة حقیقة مظالمهم ، والتمعُّن الکامل فی هذه الأمور ، ویجدر الإلتفات إلى أن فعل (کان) یدل على ملازمة هذه الصفات للذات الالهیّة المقدّسة ، فهو سبحانه وتعالى سمیعٌ بصیرٌ دائما وأبد .

وما یجدر ذکره هو تقارن هاتین الصفتین (السمیع والبصیر) فی مواضع اُخرى أیضاً من القرآن .

والملفت للنظر هو تقدم صفة السمیع على البصیر فی کل مواضع القرآن التی وردت فیها هاتان الصفتان سویّة ، ولعلّ السّر فی ذلک یکمن فی کون القول یسبق العمل ، وحیث إنّ هذه الآیات تهدف إلى تنمیة الحالات التربویة للإنسان، فهی ترید أن تخاطب الإنسان وتقول : «یاأیّها الإنسان إنّ ربّک یسمع أقوالک ثم یرى أعمالک» .


1. وردت روایات کثیرة فی هذا المجال ، ولزیادة الاطّلاع راجع تفسیر البرهان، ج 1 ، ص 380 ; وتفسیر نور الثقلین، ج 1 ، ص 496 .

 

هو السمیع والعلیم هو السمیع البصیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma