وأمّا الآیة الرابعة والأخیرة فقد وبّخت وبشدة اُولئک الذین سألوا الرؤیة .
قال تعالى :(وَقَالَ الَّذِینَ لاَیَرجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَیْنَا المَلاَئِکَةُ أَو نَرَى رَبَّنَا) . إنّ استکبارهم وعدم إیمانهم بالمعاد کان وراء طلبهم هذین الأمرین، ثم یضیف تعالى : (لَقَدِ استَکبَرُوا فِى أَنفُسِهمِ وَعَتَو عُتوّاً کَبِیراً) .
فهم قد سألوا أحد أمرین : إمّا نزول الملائکة علیهم أو رؤیة الله عزّ وجلّ، والمقصود من الملائکة هو ملک الوحی جبرائیل ، أی أن ینزل علیهم بصورة مباشرة بدلا من رسول الإسلام محمّد(صلى الله علیه وآله) ، أو أن ینزل علیهم لیشهد على صدق الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)!
وقد نزل الجواب القرآنی على شطرین أیض ، والذی یُعتقد بأنّ الأول یخص سؤال نزول الملائکة فیقول : (لَقَدِ اَستکبَرُوا فِى أَنفُسِهِم) بسؤالهم هذا .
والشطر الثانی یخص سؤال رؤیة الله حیث قال : (وَعَتَوْ عُتُوّاً کَبِیراً) .
وأیُّ عتّو أکبر من مقارنة الذات الإلهیّة الفریدة بالأجسام المادیّة والموجودات الممکنة الوجود ، وجعلها عُرضةً للزمان والمکان والعوارض الجسمانیّة ؟
ویشیر لحن الآیة بوضوح إلى عدم إمکانیة رؤیة الله عزّ وجلّ ، لأنّه لو کان ممکناً لما کان هنالک خلل وإشکال فی سؤالهم ذاک .