الجواب الإجمالی المختصر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
القرآن والجواب الإجمالی على مسألة الآفات والبلایا:لنتطرّق الآن إلى نقد وتحلیل هذه الإشکالات

بمراجعة النقاط التالیة نحصل على جواب واضح وقصیر لجمیع هذه الأسئلة، والذی یُمکن أن یُخرجنا من هذا المأزق:

لا ریب فی کون ما نعلمه من المجهولات قلیلا جدّاً، وما نعلمه عن أسرار الخلق والوجود بالقیاس إلى ما نجهله منها کقطرة من بحر عظیم.

هذه حقیقة اعترف بها جمیع العلماء الإلهیین والمادییّن، لذا، فإنّ جمیع وجهات نظرنا تجاه حوادث هذا العالَمِ تقع فی حدود دائرة معلوماتنا ولیست مُطلقة بتاتاً.

فإذا عجزنا عن معرفة أسرار هبوب العواصف، أو حدوث الزلازل فإننا لا نستطیع أن نتّهم مُسببّها بشیء، فهل نحن متیقّنون من عدم وجود أثر إیجابی من الدمار الناشیء عن العاصفة أو الزلزلة یطغى على سلبیات هذا الدمار؟

کُنّا فی الماضی نُعِدُّ الکثیر من المسائل من الآفات والبلایا، لکننا الیوم وفی ظل التطورات العلمیة وکشف أسرار جدیدة عن الکون نعتقد بفائدتها، فمثلا کان الرأی السائد فی السابق هو أنْ بکاء الأطفال الموالید لا ینجم إلاّ عن ألم أو أذى لا غَیْر، فی حین یُقال الیوم بأنّه لولا هذا البکاء لکان من المحتمل أن یفقد هذا المولود سلامته بالمرّة، وأنّ البکاء خیر ریاضة لبدنه، فهو ینشّط الجهاز التنفّسی ویُسرّع جریان الدم فی عروقه، ویُغذی جمیع ألیاف البدن، ویقوّی عضلات الیدین والرجلین والصدر والبطن، علاوةً على طرده الرطوبة الزائدة الموجودة فی دماغه والتی یُمکن أن تُحدث التهابات معینة فیه.

وما إلى ذلک من قبیل هذه النماذج.

ومن جهة اُخرى، إنّنا نقف على النظام الدقیق المدهش الحاکم على أغلب الموجودات، عندما ننظر إلى عالم الوجود، وقد ذکرنا شرحه بصورة تامّة فی بحوث معرفه الله، ولیس لهذا النظام من تفسیر سوى وجود عقل کُلّی وعلم غیر محدود فی ما وراءه.

علاوةً على ذلک، فإنّنا فی البحوث المنطقیة فی مجال صفات الله، توصّلْنا إلى أنّه تعالى لا یحتاج إلى أی أحد وهو بکل شیء علیم، لذا فذاته المقدّسة منزّهة عن الظلم الناشیء من الجهل والعجز، فما المبرر فی أن یظلم أصغر عباده؟

إذن، إنّ ما نعتقد بکونه ظُلماً أو خلافاً للعدل ناجمٌ قطعاً عن محدودیّة اطلاعنا وعلمنا.

وبتعبیر أوضح: کما یحتوی القرآن الکریم (کتاب التدوین) على آیات محکمات وأُخر متشابهات، أی أنّ أغلب الآیات مجملة لا تخلو من الإبهام لوحدها، فعلّمنا القرآن هنا اُسلوباً منطقیاً لحل ابهام واجمال المتشابهات، وأمرنا بالاستعانة بالمحکمات فی تفسیر وتحلیل المتشابهات، وأمرنا بالمقارنة فیما بینها لدفع جمیع الإشکالات.

وتوجد فی (کتاب التکوین) أی عالم الکائنات ـ آیات محکمات کثیرة أیضاً، وهی النُّظم والقوانین المفیدة الحاکمة فیه، وإلى جنب هذه المحکمات یُلاحظُ وجود بعض المتشابهات کالزلازل والعواصف، التی تحدث أحیاناً، وبغض النظر عن بعض المشوّهین للحقائق الذین یشکّلون نسبة ضئیلة بین الناس فانَّ الإنسان العاقل والمدرک یؤمن بأنَّ لهذه الآیات التکوینیة الواضحة مسائل وحسابات معینة، مع أنّنا نجهلها بسبب محدودیة علمنا.

فلو أُعطینا کتاباً ضخماً (یحتوی على ألف صفحة مثلا) ملیئاً بالعناوین البدیعة، والبحوث الغنیّة، والحقائق القیّمة الواضحة، لکنّنا تحیّرنا فی تفسیر عدّة جُمل منه لأنَّ فیها شیئاً من الإبهام والإجمال، فهل من الصحیح أن ننفی علم ومعرفة ومنطق الکاتب بسبب بعض العبارات التی لا نُدرک تفسیرَها؟ بل بالعکس فبالنظر إلى کثرة المطالب العلمیة فی الکتاب سنعترف بعجزنا عن تفسیر تلک العبارات المعدودة.

إذا وجدنا عمارة عظیمة تجلّى فیها رونقُ الفن المعماری بکل أشکاله، وصادفنا جانباً صغیراً منها لم نستطع أن نفهم فلسفته، فهل نخطّیء المعمار؟ أم أنفسنا؟ لا سیّما إذا عرفنا من القرائن الأُخرى مهارة معمار تلک البنایة وکماله العلمی، وصفو وصدق نیّته أیضاً.

وخلاصة القول: هو أنّنا لو ألقینا نظرة على هذه الحوادث الخاصّة، بل ولو نظرنا إلیها إلى جانب مجموعة نظام العالَم، وحَکَمْنا حُکماً شمولیّاً لتوصلنا مجملا إلى هذه النتیجة وهی: إنّ هذه الأمور ذات أسرار خاصّة أیضاً، بالرغم من جهلنا، ویُحتمل انکشاف قسم منها بمرور الزمان وتطوّر العلم، کما انکشف قسمٌ منها لحد الآن، وفی نفس الوقت یُحتمل أن یبقى قسمٌ آخر منها مستوراً عنّا إلى الأبد، لکننا مع ذلک نعلم بأنّ فی جمیع هذه الأمور أسراراً خفیّة.

 

القرآن والجواب الإجمالی على مسألة الآفات والبلایا:لنتطرّق الآن إلى نقد وتحلیل هذه الإشکالات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma