إنّ وجود الاختلاف فی الآراء والأفکار من ممیزات الحیاة الدنیا، حتى أنّ أصحاب المذهب الواحد غالباً ما ینقسمون إلى فرق متعددة ذات عقائد مختلفة.
وهذا الاختلاف ینتقل أحیاناً من المجتمع الکبیر إلى الاُسَر، وترى کل واحد من أعضاء الاُسرة یحمل عقیدة معیّنة ویدافع عن فکر معین.
لا شک أنّ کل إنسان یتألّم لوجود هذه الاختلافات فی هذه الدنیا، ویتمنى الجمیع أن یأتی الیوم الذی تقلع فیه جذور جمیع هذه الاختلافات.
ومن البدیهی إنّ الذی خلق الإنسان من أجل التکامل والهدایة سوف لن یحرمه من نیل هذه الأمانی بمقتضى مقام ربوبیته، وبما أنّ هذا الهدف لم یتحقق فی هذه الدنیا ـ للأسباب التی سوف نطرحها فیما بعد وللشواهد الدالة على هذا المعنى أیضاً، فإنّ رفع الاختلافات والوصول إلى الوحدة سوف یتحقق فی الدار الآخرة.
فالقرآن المجید أکّد کثیراً على هذا الأمر، وهناک أکثر من عشر آیات فی القرآن تشیر إلى هذا الموضوع وهو أنّ إزالة الاختلافات لا تتمُّ إلاّ فی الدار الآخرة، وإنّ الله تعالى سوف ینجز هذا الأمر.
بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن لنتمعن خاشعین فی الآیات الکریمة الآتیة:
1 ـ (وَاَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ اَیْمَانِهِمْ لاَ یَبْعَثُ اللهُ مَنْ یَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَیْهِ حَقّاً وَلکِنَّ اَکْثَرَ النّاسِ لاَ یَعْلَمُونَ * لِیُبَیِّنَ لَهُمُ الَّذِى یَخْتَلِفُونَ فِیْهِ). (النحل / 38 ـ 39)
2 ـ (ثُمَّ اِلى رَبِّکُمْ مَّرْجِعُکُمْ فَیُنَبِّئُکُمْ بِمَا کُنتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ). (الانعام / 164)
3 ـ (اِنَّ رَبَّکَ یَقْضِى بَیْنَهُمْ یَوْمَ القِیَامَةِ فِیَما کَانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ). (یونس / 93)
4 ـ (اَللهُ یَحْکُمُ بَیْنَکُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِیَما کُنْتُمْ فِیهِ یَخْتَلِفُونَ). (الحج / 69)
5 ـ (اِنَّ الَّذِیْنَ آمَنُوا وَالِّذِینَ هَادُوا وَالصَّابِئِینَ والنَّصَارى وَالَْمجُوْسَ وَالَّذِیْنَ اَشْرَکُوا اِنَّ اللهِ یَفْصِلُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ القِیَامَةِ اِنَّ اللهَ عَلَى کُلِّ شَىء شَهیدٌ)(1). (الحج / 17)