3 ـ فلسفة کتاب الأعمال

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
4 ـ أقسام کتب الأعمال 2 ـ ماهیة صحف الأعمال

ممّا لا شک فیه أنّ البیان المفصل لکتاب الأعمال فی الآیات القرآنیة والروایات ، مع الأخذ بعین الاعتبار أنّ هذا الکتاب لا یغادر صغیرة ولا کبیرة من أعمالنا وأقوالنا ونیّاتنا إلاّ أحصاها یهدف بالدرجة الاُولى إلى إیجاد آثار تربویة على نفس الإنسان.

ولقد ذکرنا أنّ القرآن اتخذ من بیان جمیع المعارف الواقعة وسیلة لتهذیب النفوس وتکامل الأرواح وتنمیة مکارم الأخلاق وتقویة عامل التقوى عند الإنسان، کما أنذر الناس کافة لیراقبوا أفعالهم وأقوالهم وسلوکهم وصرّح بأنّ کل شیء فی کتاب وسوف تعرض الأعمال من خلاله یوم القیامة من غیر نقصان .

حقّاً إنّ الاحاطة العلمیة لله تعالى هی فوق کل شیء، ومن یؤمن إیماناً کاملاً بالاحاطة العلمیة لله وحضوره الوجودی فی کل شیء وفی کل زمان لا حاجة له بکتاب الأعمال ولکن فی الغالب یمکن أن یکون الالتفات لهذه الحقیقة منشأً لکثیر من الآثار على أغلب الناس، فمن یعلم بأنّ هناک أشرطة لتسجیل صوته أینما کان وهناک جهاز مجهز بأفلام لتصویر کل حرکاته وسکناته ، سرّها وعلنه ، ظاهرها وباطنه ، وأنّ هذه الأشرطة والأفلام سوف تعرض على شکل ملف کامل غیر قابل للانکار فی احدى المحاکم الکبیرة ، فیقیناً أنّ مثل هذا الإنسان سوف یراقب کل أفعاله وأقواله وسلوکه بشکل کامل وتکون التقوى هی الحاکمة على ظاهره وباطنه .

إنّ الإیمان بکتاب الأعمال الذی لا یغادر صغیرة ولا کبیرة إلاّ أحصاها والإیمان بالملائکة الذین یراقبون الإنسان لیلاً ونهاراً ویحصون علیه کل أعماله ، وکذلک الاعتقاد بأنّ هذه الصحف سوف تنشر یوم القیامة فی ساحة المحشر ویکشف فیها عن جمیع السرائر فتوجب الخزی والفضیحة أمام الأصدقاء والأعداء ، کلّها لها أثر عجیب فی الکفّ عن الذنوب وارتکاب المآثم .

هذا على عکس کتاب الأبرار الذی یکون موجباً للفخر والکرامة فی المحشر وحتى أنّه أفضل وأعلى وأکثر تأثیراً ممّا ذکر فی مقال الشریط والفلم ، وهذا عامل مهم جدّاً للتزود من الأعمال الصالحة، ولولا ضعف الإیمان أحیاناً ووجود حجب الغفلة التی تکون العامل فی أبعاد الإنسان عن هذه الحقائق المهمّة لکان الاعتقاد بهذا المبدأ القرآنی کافیاً لتربیة وتزکیة کل إنسان .

ونذکر هنا إنّ بعض الأدعیة تتضمن دروساً تربویة للإنسان وترکز على ابراز هذا المعنى فنقرأ فی الدعاء المعروف بدعاء کمیل: «وکل سیئة أمرت بإثباتها الکرام الکاتبین الذین وکلتهم بحفظ ما یکون منی ، وجعلتهم شهوداً علیّ مع جوارحی ، وکنت أنت الرقیب عَلیَّ من ورائهم والشاهد على ما خفی عنهم » .

ونختم هذا البحث بذکر حدیث للإمام الصادق(علیه السلام) ، جاء فی الاحتجاج للطبرسی أنّه : سأل رجل الإمام الصادق (علیه السلام) : عن علة وجود الملائکة المأمورین بتثبیت الأعمال الصالحة والسیئة ونحن نعلم بأنّ الله (عالم السر والخفیات وما هو اخفى) .

فقال الإمام(علیه السلام): «استعبدهم بذلک وجعلهم شهوداً على خلقه لیکون العباد لملازمتهم إیّاهم أشدّ على طاعة الله مواظبةً وعن معصیته أشدّ انقباض ، وکم من عبد یهم بمعصیته فذکر مکانهما فارعوى وکفّ ، فیقول ربّی یرانی ، وحفظتی علیّ بذلک تشهدُ !»(1).


1. الاحتجاج، ج 2، ص 95.

 

4 ـ أقسام کتب الأعمال 2 ـ ماهیة صحف الأعمال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma