8 ـ الأکواب والصحاف والکؤوس

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
9 ـ ألبسة الجنّة7 ـ أفضل شراب أهل الجنّة

ممّا لا شک فیه أنّ المطلوب الرئیس من الأغذیة والأشربة هو نفسها لا الأوانی ، ولکن بلا ریب أنّ لکیفیة عرض الغذاء والأوانی المستعملة فیها تأثیر عمیق فی جذابیة الأطعمة والأشربة وصفائها ومضاعفة اللذّة الناتجة منها، لهذا السبب رسم القرآن الکریم وفی آیات عدیدة صورة إجمالیة عن هذه الأوانی التی هی فی منتهى الروعة والجمال فی عبارات قصیرة عمیقة المحتوى .

إنّ جمیع هذه الألفاظ والمعانی لا تمثل إلاّ صورة باهتة عن الوضع هناک، وإلاّ فکل شیء هناک فوق حد التصور .

قال تعالى : (یُطَافُ عَلَیْهِم بِصِحَاف مِـّن ذَهَب وَأَکْوَاب ) . (الزخرف / 71)

«صحاف»: جمع (صَحفة) على وزن (صفحة) وتعنی : الأوانی الکبیرة والواسعة (لأنّ هذه المادة فی الأصل بمعنى الاتساع ).

«اکواب» : جمع (کَوْب) وهو القدح الذی لا عروة له (وهناک معان اُخرى ولکن المشهور هو هذا القول) .

والجدیر بالذکر أنّ وصف (من ذهب) ذکر بخصوص الصحاف ولکن عطفها على الأکواب یدلل على أنّها من ذهب أیض (1) .

وقال تعالى فی موضع آخر : (بِاَکْوَاب وَّاَبَارِیقَ وَکَأْس مِـّنْ مَّعِین ). (الواقعة / 18)

«أباریق» : جمع (ابریق) وحسب ماصرح به أرباب اللغة أنّها مشتقة من الکلمة الفارسیة (آبریز) بمعنى القدح الذی له عروة وخرطوم لسکب السوائل .

یقول : «الجوالیقی» فی «المعرب من الکلام الأعجمی» إنّ هذه الکلمة تعنی فی الفارسیة، إمّا طریق العبور من الماء ، أو سکب الماء ، وقیل : إنّ هذه الکلمة مأخوذة من مادة «برق» والتی هی کلمة عربیة(2) ، وبناءً على ذلک فإنّ ما جاء فی تفسیر مجمع البیان والقرطبی (فی ذیل الآیة) غیرصحیح .

«کأس» : القدح الممتلی بالشراب وقال بعض المفسرین: وعلى عادة العرب فی شرابهم تکون لدیهم أوان کبیرة فیها الخمر معدة ثم یغرفون منها بالأباریق ثم یصبونه فی الأقداح ویلاحظ هذا الترتیب أیضاً فی (الشراب الطهور) .

حیث تکون فی البدایة فی الأکواب ثم الأباریق وأخیراً الکأس (3) ، وعُبِّر فی الشعر القدیم عن هذا الموضوع بتعبیر (القدح) (الکأس) .

وممّا تجدر الإشارة إلیه أنّ جنس أوانی الجنّة حسب مایستفاد من الآیات الکریمة، مختلف، فبعضها من الذهب کما أشرنا إلى ذلک وبعضها من «الفضة» وبعضها من «البلور».

قال تعالى : (وَیُطَافُ عَلَیهِمْ بِانِیَة مِّن فِضَّة وَأَکوَاب کَانَتْ قَوارِیرَاْ ). (الدهر / 15)

والعجب أنّه یقول بعدها مباشرة : (قَوَارِیرَ مِنْ فِضَّة قَدَّرُوهَا تَقْدِیراً ) . (الدهر / 16)

«قواریر» : زجاجات لها بیاض الفضة وصفاء القواریر وهذه من خواص الجنّة، وذلک لأنّ القواریر فی الدنیا لا تصنع من الفضة وإنّما تصنع من الزجاج ، فی حین أنّ الفضة احدى الفلزات، ولکن لیس ببعید أن یخلق الله نوعاً من الفضة الشفافة تصنع منها هذه القواریر کما ورد فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) قال : «ینفذ البصر فی فضة الجنّة کما ینفذ فی الزجاج» (4) .

وهذا دلیل على أنّ کل شی فی الآخرة هو أعلى وأفضل وأکمل من هذا العالم .

وعلى أیّة حال وکما أشرنا سابقاً فإنّ أوانی أهل الجنّة من اللطافة والرونق والجمال . . بما یضاعف لذة المأکول والمشروب لأهل الجنّة .


1. فی الحقیقة : کانت الجملة فی الأصل (اکواب من ذهب) وحذفت عبارة (من ذهب) تجنباً للتکرار مثل قوله تعالى (الذاکرین الله کثیراً والذاکرات) .
2. التحقیق فی کلمات القرآن الکریم .
3. تفسیر الکبیر، ذیل الآیة مورد فی البحث.
4. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 410 .

 

9 ـ ألبسة الجنّة7 ـ أفضل شراب أهل الجنّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma