أکل مال أیِّ شخص کان، وبلا مجّوز شرعی، حرام ، لکن هذا الحکم یتأکد أکثر بالنسبة للیتامى ، وذلک لحاجتهم الشدیدة من جهة ، وفقدانهم الولی من جهة ثانیة ، وعدم إمکانیة الدفاع عن أنفسهم من جهة ثالثة ، وهذا مایخرج القضیّة عن وضعها الطبیعی ویعطیها بُعداً استثنائی .
و لهذا السبب هناک آیات قرآنیة کثیرة ملیئة بالوعید والعذاب الشدید لمن یأکل أموال الیتامى ظلم ، فها هی الآیة الشریفة تصرّح : (اِنَّ الَّذِینَ یَأکُلُونَ اَموَالَ الیَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا یَأْکُلُونَ فِى بُطُونِهِم نَاراً وَسَیَصْلَونَ سَعِیراً ). (النساء / 10)
و ورد فی الروایات عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «شرّ المأکل أکل مال الیتیم ظلماً» (1) .
ولکن هل أنّ التعبیر القرآنی فی عقوبة آکل مال الیتیم جوراً بأنّه یأکل نار ، هو تعبیر مجازی ؟ قال جماعة من المفسّرین بإمکانیة حمله على المعنى الحقیقی لأنّ هذا التعبیر یظهر أنّ لأعمالنا صورة باطنیة إضافة إلى الصورة الظاهریة ، وأنّ تلک الصورة خافیة عنّا فی هذا العالم وتظهر فی یوم القیامة ، ومسألة تجسد الأعمال نابعة من هذا الموضوع ، وعلى هذا فلا یُستبعد حمل الآیة على معناها الحقیقی (فتأمل) .