وهذه أیضاً من الذنوب الکبیرة لأنّ فیها استهانة بکرامة وشخصیة الناس المؤمنین ، والکرامة والشخصیة من الاعتبارات التی توازی فی الأهمیّة دم الإنسان بل وتفوقه أحیان ، ولذلک توعد القرآن الکریم بالویل والعذاب لکل من یجترىء على هذا الفعل، فقال : (وَیْلٌ لِّکُلِّ هُمَزَة لُّمَزَة * اَلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * یَحسَبُ اَنَّ مَالَهُ اَخلَدَهُ * کَلاَّ لَیُنبَذَنَّ فِى الحُطَمَةِ ). (سورة الهمزة / 1 4)
هنالک اختلاف فی آراء المفّسرین بشأن معانی الهمزة واللمزة ، فهاتان الکلمتان وردتا على صیغة المبالغة من المصدرین «الهمز» «واللمز» قال البعض: کلاهما بمعنى واحد، وهو البحث عن عیوب الآخرین واغتیابهم ، بینما قال آخرون، إنّ الاُولى تعنی اقتفاء معایب الآخرین والتشهیر بهم علناً والثانیة بمعنى اقتفائها والتشهیر بها خفیة وعن طریق الإشارة بالعین والحاجب وأمثال ذلک ، وقال آخرون: إنّ الاُولى تعنی الغیبة ، والثانیة تعنی اظهار العیوب وجهاً لوجه .
ویبدو فی جمیع الأحوال أنّ کل من یحاول الاستهزاء بالآخرین أو یتعمّد الاساءة إلیهم باللسان وحرکات العین والحاجب فی حال غیابه أو وجهاً لوجه ، ویحاول تقصّی عیوبهم أو یکشف العیوب المستورة وافشائها لغرض الاساءة إلى کرامتهم فهو مشمول بالآیة المذکورة ، فکما أنّه یحطم شخصیة وکرامة الآخرین فسیکون کذلک عرضة فی یوم القیامة ـ لنار جهنّم «الحطمة» لکی تحطّم کل وجوده .
إنّ الأشخاص من أمثال هؤلاء هم أکثر خلق الله شراً کما جاء ذلک فی حدیث منقول عن سید الرسل(صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «ألا أخبرکم بشر الناس ؟» قالوا بلى یارسول الله، قال: «المشّاؤون بالنمیمة ، المفرّقون بین الأحبّة ، الباغون للبرئاء المعایب» (1) .