الزقوم ـ الحمیم ـ غسلین ـ الضریع ـ الغساق ـ الصدید

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
تمهید جمع الآیات وتفسیرها

نلاحظ فی الآیة الاُولى أول تعبیر عن طعام أصحاب جهنّم ، وهو شجرة الزقوم حیث یقول تعالى فی قرآنه الکریم :(اِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الاَْثِیْمِ * کَالمُهلِ یَغلِى فِى الْبُطُونِ * کَغَلىِ الْحَمِیمِ ) .للمفسرین وأصحاب اللغة آراء کثیرة فی معنى کلمة « الزقّوم » التی تکررت ثلاث مَرّات فی القرآن الکریم(1) . فقال البعض إنّها کلمة عربیة ومشتقة من المصدر « زَقْم » على وزن (رَقْم) وتعنی البلع وقال آخرون إنّ هذه الکلمة لم یکن لها وجود فی اللغة العربیة ودخلت الأوساط العربیة من أفریقی ( الحبشة ) .

واعتبرها بعض المفسرین وأصحاب اللغة إِسماً لعشب شدید المرارة کریه الرائحة له أوراق صغیرة وینمو فی أقلیم تهامة من شبه جزیرة العرب وکان المشرکون یعرفونه جیداً، وهو عشب عصارته شدیدة المرارة وحادّة الطعم إذا لامس الجسم تورَّم (2) .و یعتقد الراغب فی « مفرداته » أنّ « الزقوم » تعنی کل طعام تشمئز منه النفس وهو طعام أصحاب النّار .

وقال بعض المفسرین : عندما نزلت هذه الکلمة فی القرآن قال کفار قریش : «ما نعرف هذه الشجرة ، فقدم علیهم رجل من أفریقیا فسألوه فقال : هو عندنا «الزُّبْد والتمر»، فقال ابن الزِّبَعرى: أکثر الله فی بیوتنا الزقوم . فقال أبو جهل لجاریته : زقّمین ; فأتته بزبد وتمر . ثم قال لأصحابه : تزقّمو ; هذا الذی یخوّفنا به محمد ، یزعم أنّ النّار تنبت الشجر والنّار تحرق الشجر»(3).وقد أدّى هذا التفسیر ببعض أصحاب اللغة والمفسرین إلى اعتبار هذا المعنى هو أحد معانی الزقوم ظناً منهم بجدیّة وواقعیة التفسیر المذکور ، کما نقل عن الجوهری قول فی لسان العرب : « الزقّوم اسم طعام لهم فیه تمر وزبد » .أمّا المجموعة الثانیة من الآیات فانّها تعطی توضیحاً أکثر لأوصاف « الزقوم » هذا الطعام الکریه المعد لأصحاب النّار ، فتقول :(أَذَلِکَ خَیرٌ نُزُلاً اَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * اِنَّهَا شَجَرةٌ تَخْرُجُ فِى اَصلِ الجَحِیمِ * طَلْعُهَا کَأنَّهُ رُؤُسُ الشَّیَاطِینِ * فَاِنَّهُم لاَکِلُونَ مِنهَا فَمَالِئُونَ مِنهَا البُطُونَ ) .وأول ما نواجه هنا الاعتراض الذی طرحة أبو جهل وقال مستهزئاً وهل ینمو الشجر فی النّار ؟ فالنار عدو الشجر فهی تحرقه .لکن هؤلاء المغرورین الظلمة فاتهم أنّ القوانین المهیمنة على الحیاة الاُخرى مغایرة تماماً لما هو سائد فی هذه الحیاة ، فقد ینمو فی الجنّة عشب أو شجر ینبثق من قعرها وهو على لونها ویکبر فی ظل ظروفها ولا یشبه الأعشاب التی تنمو فی حدائقنا وحتّى فی الحیاة الدنیا توجد عجائب من هذا القبیل إذ تنمو مخلوقات حیّة بین طبقات الثلج وهذا دلیل على أنّ الحیاة للکائنات الحیّة هناک لاُیشترط فیها أن تکون (کحیاة الکائنات الحیّة المعروفة فی بیئتنا العادیّة ، أوَلیس من العجیب بقاء الإنسان حیّاً فی جهنّم ؟ ! فما الفرق بین الاِنسان والعشب ؟).

أمّا تشبیه فروع هذه النبتة « برؤوس الشیاطین » مع أنّ مخاطبی هذه الآیات لم یکن أحد منهم قد رأى الشیطان ولا رؤوس الشیاطین ، فقد یکون من باب تشبیه کل قبیح بالشیطان ، کما یُشبّه کل کائن جمیل بالملاک رغم أنّ أحداً لم یر الملاک ، فنسوة مصر قُلن عن یوسف :(اِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَکٌ کَرِیمٌ ) . (یوسف / 31 )وفى محادثتنا الیومیة نقول أحیاناً أنّ الشخص الفلانی کـ « العفریت » مع أنّ أحداً لم یکن قد رأى « العفریت » ، بل العفریت کائن وهمی لا وجود له .وکل هذه التشبیهات جاءت على أساس التصور الموجود لدینا عن کلمة « الملاک » و « الشیطان » ، وهی على العموم تشبیهات بلیغة ومؤثّرة وجمیلة .وعلى هذا فالزقوم لیس کریه الطعم والرائحة فقط بل وحتّى شکله الظاهری قبیح جدّ ، على العکس من الکثیر من النباتات السامّة فی هذه الدنیا ذات المظهر الجمیل .وقال جماعة من المفسرین أیضاً: إنّ أحد معانی الشیطان هو حیّة قبیحة المظهر شبّهت بها تفرّعات الزقّوم ، لکن هذا التفسیر یبدو مستبعد ، لأنّ استعمال الشیطان فی مثل هذا المفهوم نادر جدّ .

وفی المجموعة الثالثة من الآیات ورد اسم طعام آخر من أطعمة أصحاب النّار وهو « غسلین » ، فقالت الآیة الشریفة :(فَلَیسَ لَهُ الیَوْمَ هَـهُنَا حَمِیمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِن غِسْلِین * لاَّ یَأکُلُهُ إِلاَّ الخَاطِئُونَ ) .

تعنی کلمة « الغسل » التی وردت مرّة واحدة فی القرآن الکریم : التنظیف بالماء وهی مأخوذة من المصدر « غسل » . قال الراغب فی « المفردات »: إنّ « الغسلین » هو غسالة أبدان الکفّار ، لکن المعروف بین المفسرین وأصحاب اللغة أنّه دم یشبه الماء یخرج من ابدان أصحاب النّار ، وبما أنّه یشبه الماء الذی یغسل فیه الإنسان لذلک سمّی بـ « الغسلین » . ولعل الراغب قصد نفس هذا المعنى فی مفرداته ، لکن بعضهم اعتبر « الزقوم » و « الغسلین » بمعنى واحد ، وهو کما قلن ـ نبات کریهُ الطعم والرائحة ومخصص لأهل جهنّم ، لکن المشهور هو المعنى الأول .

ویواجهنا فی الآیة الرابعة تعبیر آخر بشأن طعام أصحاب النّار وهو اسم « الضریع » وبه أشارت الآیة إلى فئة من المجرمین قائلة :(تَصْلَى نَاراً حَامِیَةً * تُسقَى مِنْ عَیْن آنِیَة * لَّیْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَریْع * لاَّیُسمِنُ وَلاَ یُغنِى مِن جُوع ) .وقد ذُکرت لکلمة « الضریع » معان وتفاسیر مختلفة لکنها متقاربة المعنى ، فقال جماعة إنّه نبات أخضر کریه الرائحة یلفظه البحر (4) ، وقال جماعة آخرون إنّه نبت ذو شوک لاصق بالأرض ، تسمیه قریش الشِّبرق إذا کان رطب ، فاذا یبس فهو الضریع ، لا تقربه دابة ولا ترعاه ، وهو سمٌ قاتل (5) .وقال بعضهم أیضاً: إنّ الکلمة مأخوذة من المصدر « ضرع » بمعنى الضعف والذّلة وقالوا: «هو طعام یضرعون عنده ویذلون ، ویتضرعون منه إلى الله تعالى ، طلباً للخلاص منه ، فسُمی بذلک، لأنّ آکله یضرع فی أن یُعفى منه ، لکراهته وخشونته» (6) .ورد فی حدیث عن الرسول محمد (صلى الله علیه وآله) أنّه قال : « الضریع شیء یکون من النّار یشبه الشوک ، أشدّ مرارة من الصبر ، وأنتن من الجیفة ، وأحرّ من النّار ، سمّاه الله ضریع » (7) .و یفهم من جملة (لاَ یُسمِنُ وَ لاَیُغنِى مِن جُوع ) أنّ مثل هذا الطعام لا یقوّی الجسم ولا یشبع من الجوع ، بل هو طعام غصص وهو بذاته نوع من العذاب ، کما نقرأ فی قوله تعالى: (وَطَعَاماً ذَا غُصَّة وَعَذَاباً اَلِیماً ) . (المزمل / 13)

ولکن ینبغی عدم التعجب من مثل هذا العذاب الصارم الذی هو فی انتظار المجرمین الذین کانوا یملأون بطونهم فی هذه الدنیا بأنواع الأطعمة اللذیذة الدسمة والحلوة والتی یحصلون علیها بالتجاوز على حقوق الآخرین بأنواع المظالم والتعدّی ، بینما توجد حولهم الکثیر من البطون الجائعة التی لم تشبع طیلة عمرها ولا حتّى مَرّة واحدة ، ویموت سنویاً ملایین الأشخاص جوعاً فی البلدان الأخرى وفی الوقت الذی یرمی المجرمون بالفاضل من طعامهم فی المزابل ، یجب أن یأکلوا مثل هذا الطعام فی العالم الآخر .ونرى هنا ضرورة إعادة الکلام الذی کررناه مَرّات متعددة وهو أنّ هذه التعابیر کلها إشارات إلى ألیم العذاب فی العالم الآخر ، وإِلاّ فلا نعم الجنّة ولا عذاب جهنّم یمکن إدراکها من قبلنا نحن المحبوسین فی سجن الدنی ، وکل ما نشاهده هو شبح یترائى لنا من بعید .وهنا یرد اعتراض بدیهی وهو أنّ الآیة (6) من سورة الغاشیة تفید أنّ طعام أهل النّار هو من « الضریع » فقط : (لَیسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَریِع ) بینما تذکر الآیات الآنفة نوعین آخرین من طعام أهل النّار وهما « الزقّوم » و « غسلین » . وکذلک الآیة 36 من سورة (الحاقّة) تحدّثت عن الغسلین وقالت: إنّه الطعام الوحید لأصحاب جهنّم .وقد وردت أجوبة مختلفة عن هذا السؤال ، وأهمها الثلاثة الآتیة :1 ـ إنّ کلمات « الضریع » و « الزقّوم » و « الغسلین » تعطی جمیعاً معنىً واحداً وهو النبات الخشن کریه الطعم والرائحة والذی ینمو فی جهنّم ( لکن هذا التفسیر لا یتّسق مع ما جاء بشأن الغسلین فی الکثیر من کتب التفسیر واللغة ) .2 ـ اعتبر البعض کلمتی « الزقّوم » و « الضریع » بمعنى واحد وهو ما سبقت الإشارة إلیه ویمثل طعام أصحاب النّار ، أمّ « غسلین » فهو شرابهم ، والتعبیر عن الأشربة بالطعام لیس بالأمر الجدید .3 ـ أنّ الأطعمة الثلاثة المذکورة أعلاه یختص کل لون منها بطائفة خاصة من أصحاب النّار مستقرة فی طبقة واحدة منه ، وهذا الجواب هو الأنسب من بینه .

وفی الآیة الخامسة تکرر الحدیث عن الشراب الردیء لأصحاب النّار ، فقالت الآیة الشریفة فی وصف حالهم :(اِنَّا اَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِینَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَاِن یَستَغِیثُوا یُغَاثُوا بِمَاء کَالمُهِل یَشوِى الوُجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً ) .یُلاحظ أنّ هذه العقوبات القاسیة قد أُعدّت للظالمین الذین کانوا یعیشون مُنعمین مُترفین فی هذه الدنیا خلف ستائر رقیقة ملوّنة یحتسون أنواع وألوان الشراب السائغ اللذیذ وتزهو حفلات شرابهم بسُقاة صبوحی الوجوه ، أمّا فی جهنّم فهم یتعذبون خلف ستائر من نار وحینما یطلبون الماء یُسقون بماء کأنّه المعادن المذابة وحرارته دموع الیتامى وآهاتهم لأنّ ما یظهر هناک هو تجسید لما کان هن .فهل یمکن شرب الماء الذی تشوی حرارته الوجوه ؟ یدل هذا على أنّ بُنیة الإنسان تختلف هناک کثیراً عمّا هی علیه هن ، وأنّ بناءها قد وضع بالشکل الذی یحتمل کل هذه الاُمور ، فهو یذوق الألم والعذاب من غیر أن یموت ، أو أنّ ذلک إشارة إلى أنّه حینما یرى مثل هذا الماء ینصرف عن تناوله ویبقى یتلوّى فی نار العطش .وکلمة « المُهل » على وزن (قُفْل ) تعنی کما قال جماعة من المفسّرین وأصحاب اللغة ـ ما یتبقى فی أسفل آنیة الزیت فیکون وسخاً کریه الرائحة عادة .وقال المرحوم الطبرسی(رحمه الله) فی مجمع البیان : « إنّه المعدن المذاب فی حین خصصه بعضهم بالنحاس المذاب » وقیل إنّه ماء أسود فجهنّم سوداء وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود (8) . وقال آخرون: «إنّه ضرب من القَطِران ، وقیل : هو السمّ » (9) .إنّ هذه المعانی وإن کانت متفاوتة ، إلاّ أنَّ نتیجتها واحدة وهی الألم والعذاب الألیم لأصحاب النّار .

وفی القسم السادس من الآیات یلاحظ تعبیران آخران بخصوص أشربة أصحاب النّار ، وهم « الحمیم » و« الغساق » وقد جاء أحدها إلى جانب الآخر ، فتقول الآیة: (لاَّ یَذُوقُونَ فِیهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِیماً وَغَسَّاقاً ) . (النَّبأ / 24 ـ 25)

وقد فسّر أکثر المفسرین کلمة « الحمیم » بمعنى الماء الحار الحارق ، والکلمة مشتقّة من « حَمَّ » وتعنی الحرارة ، و« الغساق » مأخوذ من المصدر « غَسَق » وتأتی هذه الکلمة أحیاناً بمعنى الظلام وأحیاناً بمعنى الجریان والانسیاب ، وهو هنا الصدید الذی تنضح به أجسام أصحاب جهنّم .وممّا لا یخفى أنّ الشخص الذی یکون إلى جانب النّار أو فی داخلها یصیبه العطش الشدید، وحتّى فی أجواء الصیف الحارّة یغلب مثل هذا العطش ولا یروى إلاّ بتناول مقدار من الشراب البارد ، أمّا أصحاب النّار فلا شراب بارد لدیهم ، بل إنّ شرابهم حار کحرارة النّار فیزید من عطشهم .ولکن هل یعنی هذا الکلام أنّهم عند مشاهدتهم لهذا الشراب ینصرفون عن تناوله ویبقون یتحرّقون فی نار العطش ؟ أم أنّهم یشربونه بالاجبار ، فیتزاید عطشهم شیئاً فشیئ ؟ إنّ التعبیر عن تلک الحالة بکلمة « الذوق » یجعل الموقف مناسب للتفسیر الثانی .رغم أنّ البعض یمیل إلى تفسیر کل هذه العبارات والتهدیدات بخصوص أصحاب النّار تفسیراً معنویاً وروحی ، کنتیجة للابتعاد عن الله والاقتراب من أُفق الشیاطین ، ولکن کما قُلنا مراراً لا یحق لنا حمل الألفاظ على خلاف ظاهرها بلا قرینة واضحة .

وفی المجموعة السابعة والأخیرة من هذه الآیات ورد ذکر شراب أصحاب النّار بتعابیر اُخرى، کما فی الآیة الشریفة : (وَخَابَ کُلُّ جَبَّار عَنِید * مِّنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَیُسقَى مِنْ مَّاء صَدِید * یَتَجَرَّعُهُ وَلاَ یَکَادُ یُسِیْغُهُ وَیَأتِیهِ المَوْتُ مِنْ کُلِّ مَکَان وَمَا هُوَ بِمیِّت وَمِن وَرَائِهِ عَذابٌ غَلِیظٌ ) .کلمة « الصدید » أصلها ( الصد ) وتعنی الاعراض والعدول والانحراف عن الشیء ، ثم أُطلقت على الخراج والصدید الذی یتجمع بین الجلد واللحم أثناء حصول أی جرح وربّما سبب ذلک هو انحراف المزاج وتغیّره من السلامة إلى المرض .یقول الراغب فی المفردات : وضرب مثلاً لطعام أهل النّار ( بأنّه طعام ردیء وکریه الرائحة والطعم ) .والدلیل على کونه فاسداً وردیئاً هو أنّهم لا یشربونه عن رغبة أبداً بل کرهاً واجباراً ویتحملونه جرعة فجرعة ، وهم فی موقف مریر ومؤلم وکأنّ الموت یتهددهم من کل صوب إِلاّ أنّهم خلقوا بالشکل الذی لا یموتون فیه حتى مع نیل جزائهم .ومّما یسترعی النظر هنا هو أنّ هذا العذاب الألیم المذکور فی هذه الآیة والآیات الاُخرى یختص بالظالمین والجبابرة والطغاة ( حیث وردت أحیاناً کلمة « طاغین » وأحیاناً کلمة « جبار » وکلمة « الظالمین » فی أحیان أُخرى وهذه هی عاقبة الظلم والجور وما هی إلاّ تجسیداً لما صدر عنهم من عذاب بحق الأبریاء الذین کانوا کثیراً ما یقضون السنوات الطویلة فی سجونهم لا یذوقون إلاّ أردأ أنواع الطعام والشراب ، ویتعرّضون لأشدّ العذاب حتى أنّ مظاهرهم تتغیّر ولا یعود أحد یمیزهم حتّى امّهاتهم ( کما هو الحال فی وقائع سجناء الحجّاج الرهیبة . وفی عصرنا الحالی رأینا أو سمعنا بنماذج منها بحق المسجونین فی سجون الطغاة ) .فهل أنّ أمثال هؤلاء لا یستحقّون مثل ذلک العذاب ؟یتّضح من مجموع ما ورد فی هذه الآیات أنّ إحدى أسوأ العقوبات التی یواجهها أهل النّار هی الطعام والشراب أی الأشیاء التی ینبغی أن یلتذ بها الإنسان فتصبح وبالاً علیه وسبباً للعذاب والألم . وقد وُصف طعامهم ب « الزقوم » حیناً وبـ « الضریع » حیناً وب « الغسلین » حیناً آخر ، ووصف شرابهم بکلمات من قبیل : « المهل » و« الصدید » أحیاناً أو « الغساق » أحیاناً أُخرى، وهی على العموم أوصاف للأطعمة والأشربة الحارّة المحرقة الکریهة الطعم والرائحة، وکلّما تمعنّا فی أعمال هؤلاء المجرمین فی الدنیا وما ارتکبوه بحق المظلومین، فلن نعجب من شدّة تلک العقوبات .ندعو الله تعالى أن یجنّبنا بلطفه وکرمه کل ذنب تتبعه مثل هذه العقوبات .


1. الآیات : 62 من سورة الصافات ; و 43 من سورة الدخان ; و 52 من سورة الواقعة .
2. تفسیر مجمع البیان ; وتفسیر مروج البیان ; وتفسیر روح المعانی .
3. تفسیر القرطبی، ج 8، ص 5529، ذیل الآیة 62 من سورة الصافات .
4. العین لاخلیل بن أحمد .
5. تفسیر القرطبی، ج 10، ص 7119 .6. المصدر السابق ، ص 712 .
7. تفسیر مجمع البیان، ج 9 ـ 10، ص 479 ، ذیل الآیة مورد البحث .
8. تفسیر مجمع البیان، ج 5، ص 466 ; وتفسیر القرطبی، ج 6، ص 4011 .9. تفسیر القرطبی، ج 6، ص 4011.

 

تمهید جمع الآیات وتفسیرها
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma