4 ـ متى تکون الشفاعة ؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
5 ـ الإشکالات الأساسیة المطروحة بشأن الشفاعة د) الاهتمام بسلسلة الشفعاء

لا شک أنّ أحد الأوقات التی تتحقق فیه الشفاعة هو یوم القیامة ، وذلک لأنّ الکثیر من آیات الشفاعة تختص بذلک الیوم ، ولکن هل تحصل الشفاعة أیضاً فی عالم البرزخ أو فی عالم الدنی ؟ وهل هناک شفاعة فی الآخرة وقبل انتهاء الحساب، أم ل ؟ هناک آراء فی ذلک، منه :

للعلاّمة الطباطبائی(رحمه الله) بحث مفصل فی هذا الصدد ، وفی ختامه یستنتج ما یأتی :

«إنّ الشفاعة تکون فی آخر موقف من مواقف یوم القیامة حیث یطلب فیها الشفیع المغفرة ـ فیحول دون دخول المشفوع له النّار ، أو اخراج بعض من کان داخلاً فیه ، باتساع الرحمة أو ظهور الکرامة .

ویشیر فی بعض کلماته إلى عالم البرزخ وما یدل على حضور النبی (صلى الله علیه وآله)والأئمّة (علیهم السلام)عندد الموت وعند مسائلة القبر واعانتهم إیّاه على الشدائد .

ویضیف : فلیس من الشفاعة عند الله فی شیء وإنّما هو من سبیل التصرفات والحکومة الموهوبة لهم بأذن الله سبحانه» (1) .

والغریب فی الأمر أنّه عندما یتحدّث عن حقیقة الشفاعة یعطیها من الشمولیة بحیث یعتبر أی نوع من تأثیر الأسباب فی عالم التکوین والتشریع مشمولاً بالشفاعة ، ولکنه لایعتبر هنا مساعدة أولیاء الله لجماعة من المؤمنین لإنقاذهم من مشکلات القبر والبرزخ ، مصداقاً للشفاعة .

وعلى أیّة حال یستشف من مجموع الآیات والروایات أنّ الشفاعة بالمعنى الواسع للکلمة ـ تتحقق فی العوالم الثلاثة (الدنیا والبرزخ والآخرة) رغم أنّ المکان الرئیسی لها والأثر المهم هو فی یوم القیامة لغرض النجاة من عذاب النّار .

جاء فی قوله تعالى: (وَلَو اَنَّهُم اِذ ظَّلَمُوا اَنفُسَهُمْ جَاءُوکَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَّحِیماً ) . (النساء / 64)

وهل أنّ استغفار الرسول (صلى الله علیه وآله) للمؤمنین المذنبین یعنی شیئاً سوى الشفاعة ؟ !

وجاء نفس هذا المعنى فی موضع آخر من القرآن الکریم فی قصة یعقوب وابنائه إذ طلبوا من أبیهم أن یستغفر لهم ربّهم (یوسف / 97) .

وحصل فی هذه الدنیا الکثیر من ذلک حیث نجا أشخاص أو أقوام من عذاب الدنیا بسبب شفاعة الأنبیاء وأولیاء الله .

ولدینا روایات کثیرة أیضاً تفید أنّ أعمال الإنسان الصالحة کالصلاة والصوم والولایة وأمثالها أو حضور أولیاء الله تکون سبباً فی تخفیف عقوبات وآلام الشخص فی عالم البرزخ کما یؤدّی دفن إنسان صالح لدیه حسنات کثیرة فی مقبرة ما إلى تخفیف ذنوب من دفن فی تلک المقبرة .

وهذه کلها إشارات إلى وجود الشفاعة فی عالم البرزخ .

وحتّى أنّ صلاة المیّت وما تتضمنه من الاستغفار له لا تخلو من التأثیر ، وهی نوعٌ من الشفاعة أیض .

وعلى هذا فلیست الشفاعة محدودة فی عالم خاص ، بل تضم العوالم الثلاثة إلاّ أنّ المکان المهم والأساسی لها هو القیامة لأنّها تمثل لحظات الوقوف على مشارف العذاب الإلهی .

سؤال :

قد یُقال: هناک روایات عدیدة وردت عن الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) تؤکد خوفهم على شیعتهم من عذاب البرزخ کما نقل عن الإمام الصادق (علیه السلام) قوله : «والله ما أخاف علیکم إلاّ البرزخ ، فإذا صار الأمر إلینا فنحن أولى بکم» (2) .

ونقرأ عنه (علیه السلام) حدیثاً آخر یتضمن وعداً منه بالشفاعة للمؤمنین المخطئین یقول فیه : «ولکنّی والله أتخوّف علیکم من البرزخ . یقول الراوی : فقلت له : ما البرزخ؟ قال : القبر منذ حین موته إلى یوم القیامة » (3) .

ولکن یحتمل أن تخص هذه الروایات مرحلة معینة من البرزخ ، أو أنّ لها بُعداً استثنائیاً ومحدوداً قد یتحقق فی ظل مجاورة أحد أولیاء الله وهی غیر شاملة لجمیع من یستحقون الشفاعة .


1. تفسیر المیزان، ج 1، ص 74 ، ذیل الآیة 48 من سورة البقرة .
2. بحار الأنوار، ج 6 ، ص 214 ، ح 2 .
3. المصدر السابق، ص 267 ، ح 116 .
5 ـ الإشکالات الأساسیة المطروحة بشأن الشفاعة د) الاهتمام بسلسلة الشفعاء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma