ج) التربیة العلمیة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
3 ـ اُسلوب المخالفینب) التنسیق بین التکوین والتشریع

الطریق الثالث الذی یمکننا أن نستفید منه للحصول على تحلیل منطقی لمسألة علّة إرسال الرسل، هو أن تربیة الإنسان لها بعد علمی قبل أن یکون لها بعد وجانب عملی.

والشرط فی موفّقیة المربّی فی مهمّته أنّ یتمکّن من الظهور کقدوة متکاملة فی تطبیق تعلیماته من الناحیة العملیة فضلا عن التربیة اللازمة، وأن یعکس کلّ المسائل التربویة من خلال صفاته وأخلاقه وتصرّفاته، ولا یمکن هذا إلاّ أن ینتخب الأنبیاء(علیهم السلام) من جنس البشر کقدوة حسنة، فیعکسوا صفات الإنسان الکامل وسلوکه من الناحیة العملیة لیقتدی بهم الناس، ویسیروا على خطاهم فیقطعوا هذا الطریق الملیء بالعثرات والعقبات بقیادتهم.

وبعبـارة اُخـرى: هناک فی وجـود الإنسان شیء اسمه روحیـة «المحاکاة» أی أنّه ینجذب بصورة لا إرادیة نحو ما یراه فی أفراد جنسه، وهذا الإحساس طبعاً لا یبلغ مرتبة الدافع القهری بل هو بمثابة الأرضیة المنـاسبة لحرکة إرادیة کما هو الحال فی الظمأ فإنّه لا یجبر الإنسان العطشان على شرب المـاء لکنّه یعدّ بمثابة الأرضیة لذلک.

حینمـا یأتی الأنبیاء (علیهم السلام) أو الأئمّة المعصومون(علیهم السلام) الذین هم من جنس البشر بالتعلیمات الإلهیّة الجامعة إلى من یماثلهم ویطبّقون هذه التعلیمات عملیّاً ویعکسون الفضائل الإنسانیة بالتقوى والصدق یحصل باقی البشر على أرضیة مناسبة لاکتساب مثل هذه الصفات.

ولـذا فالقرآن الکریم یصرّح بضـرورة کون النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) من جنس البشر، کما أنّه لو کان هنالک ملائکة یعیشون فی الأرض لوجب ظهور أنبیاء من جنسهم، وذلک ردّاً على اُولئک الذین یصرّون قائلین لماذا لم یکن النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) من جنس المـلائکة أو لماذا لم یصطحبـه ملک على أقلّ تقدیر؟ یقول تعـالى: (وَمَا مَنَعَ النَّـاسَ أَنْ یُؤْمِنُـوا إِذْ جَـاءَهُمُ الْهُـدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً * قُلْ لَو کـَانَ فِى الاَْرْضِ مَلاَئِکَةٌ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ لَنَزَّلْنَا عَلَیهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ مَلَکاً رَسُولاً). (الإسراء / 94 ـ 95)

یبدو أنّ التعبیر بـ «ملائکة یمشـون مطمئنین» لبیـان هذه المسألة وهی أنّه حتّى لو کان هناک ملائکة یعیشون فی الأرض متسالمین لبعثنا إلیهم ملکاً من جنسهـم کقائـد یقودهم بالرغم من انعدام الخصومات فیما بینهم، نظراً إلى أنّ مهمّة الأنبیاء (علیهم السلام) لا تنحصر فی إنهاء حالة التخاصم وإقامة القسط والعدالة الاجتماعیة، بل تعدّ کلّ هذه مقدّمة لطیّ طریق الکمالات المعنویة للتقرّب إلى الله تعالى.

على أیّة حـال فقد ورد ما یشبه هذا المعنـى فی لباس آخر کإجابة على تذرع المشرکین، حیث قال تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَکاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا وَلَلَبَسْنَا عَلَیْهِمْ مَا یَلْبِسُونَ).(الأنعام / 9)

کما أنّ هناک ملاحظة جدیرة بالإعتبار، وهی أنّ القرآن یؤکّد على کون نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله)أو سائر الأنبیاء(علیهم السلام) قدوة ومثالا یقتدى به ویوصی الناس بضرورة الإقتداء بهم فی برامجهم العملیة، یقول تعالى: (لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). (الأحزاب / 21)

ویقول فی موضع آخر: (قَدْ کَانَتْ لَکُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِیمَ وَالَّذِینَ مَعَهُ). (الممتحنة / 4)

کما تکرّر نفس هذا المعنى فی الآیة السادسة من نفس هذه السورة.

على أیّة حال فمسألة التربیة والتعلیم عن طریق الإقتداء بالقادة الإلهیین مؤیّدة بالتحلیل المنطقی والآیات القرآنیة أیضاً.

3 ـ اُسلوب المخالفینب) التنسیق بین التکوین والتشریع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma