إثبات علم القادة الإلهیین عن طریق العقل

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
العلوم الأخرى للأنبیاء فی القرآن المجید:حدود علم الغیب وکیفیته:

کان الکلام لحدّ الآن عن الآیات والروایات التی أثبتت مسألة إمکان علم الغیب للأنبیاء والأئمّة المعصومین (علیهم السلام)، لکن علاوة على ذلک فهناک طریق آخر أیضاً لإثبات هذا المعنى وهو عن طریق العقل، حیث إنّ هؤلاء العظماء لا یستطیعون أداء وظیفتهم على أتمّ وجه فی حالة عدم اطّلاعهم على أسرار الغیب أو بعض منها.

بیان ذلک: نحن نعلم أنّ دائرة وظیفتهم واسعة جدّاً، سواء من الناحیة الزمانیة أو المکانیة، خصوصاً فیما یتعلّق بمسألة رسالة نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) وإمامة الأئمّة (علیهم السلام)إذ هی «عالمیة» و «خالدة»، أی أنّها شاملة لکلّ بقاع العالم ومحیطة بکلّ الأزمنة إلى قیام الساعة.

فهل یمکن لمحافظ مدینة ما مثلا أن یؤدّی دوره فی تلک المحافظة دون الوقوف على أوضاع أهالیها، وإمکانات المنطقة وامتیازاتهم ومحرومیاتهم؟ من البدیهی أنّه غیر قادر على ذلک.

ومع هذا فکیف یمکن لرسول مرسل إلى البشریة جمعاء، وإلى یوم القیامة تبلیغ رسالته دون الإطّلاع على وضع العالم إلى آخر یوم من مهمّته؟!

بدیهی أنّهم لا یتمکّنون من الإحاطة بکلّ الأعصار والقرون، أو الإطّلاع على الأقوام والطوائف عن طریق العلوم الإعتیادیة، إذن فلا سبیل لهم إلى ذلک سوى علم الغیب (بالتعلیم الإلهی).

علاوة على ذلک فمساحة دائرة مسؤولیتهم لا تنحصر بالظواهر فحسب إنّما تمتدّ لتشمل ظاهر المجتمع، وباطنه وجوهر الإنسان ومظهره أیضاً، واتّساع المسؤولیة هذه یستلزم بدوره الإطّلاع على أسرار أفراد المجتمع الباطنیة أیضاً، وهذا هو نفس ذلک الذی ورد فی روایات متعدّدة بشکل استدلال عقلی، لا حکم تعبّدی (تأمّل جیّداً).

یقول الإمام الصادق (علیه السلام) ـ على سبیل المثال ـ لأحد الرواة باسم «عبدالعزیز الصائغ» فی حدیث أشرنا إلیه سابقاً: «أترى أنّ الله استرعى راعیاً (على عباده) واستخلف خلیفة علیهم یحجب عنه شیئاً من اُمورهم»(1) ؟!

کما ورد نفس هذا المعنى بتعبیر أوضح فی حدیث إبراهیم بن عمر أنّه قال، قال الإمام الصادق (علیه السلام): «من زعم أنّ الله یحتجّ بعبد فی بلاده ثمّ یستر عنه جمیع ما یحتاج إلیه فقد افترى على الله»(2).


1. بصائر الدرجات طبقاً لما نقله صاحب بحار الأنوار، ج 26، ص 137، ح 2.
2. المصدر السابق، ص 139، الروایة الثامنة.
العلوم الأخرى للأنبیاء فی القرآن المجید:حدود علم الغیب وکیفیته:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma