1 ـ تعلّم موسى من الخضر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
2 ـ اطّلاع داود على إعداد وسیلة دفاعیةالعلوم الأخرى للأنبیاء فی القرآن المجید:

ورد فی سورة الکهف 23 آیة تمّ من خلالها بیان قصّة موسى (علیه السلام) بعبارات لطیفة جدّاً وموزونة، وتعلّمه من عبد لله لم یذکر القرآن إسمه لکنّه فی الحقیقة هو «الخضر» کما هو المتعارف (الکهف / 60 ـ 82).

هـذه الحادثة تبیّن بوضوح أنّ موسى (علیه السلام) قد ذهب وراء ذلک المعلّم الإلهی طبقـاً للعنوان الذی کان لدیه، لیستفیـد من العلوم التی تعلّمها من الله، ولذلک فحینما وصل إلیه بعد جُهد جهید قال: (هَلْ أَتَّبِعُکَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً). (الکهف / 66)

فوافق الخضر على ذلک ورافقه موسى (علیه السلام) بدوره، ثمّ إنّه واجه ثلاث حوادث مؤلمة وغیر مألوفة بحسب الظاهر (وذلک لعدم إحاطته بها)، الاُولى خرق السفینة التی تعود إلى فریق من الطبقة المسحوقة، والتی کانت تعدّ مصدراً لمعیشتهم، الثانیة قتل الشاب، والثالثة إقامة الجدار الذی یرید أن ینقضّ، مع عدم وجود أی دلیل لها ظاهراً.

وفی کلّ مرّة کان یتصاعد اعتراض موسى (علیه السلام) وذلک لتعرّض أحکام شرعیة مهمّة فی هذه الحوادث الثلاث لخطر الزوال والإضمحلال، ففی أوّل حادثة تمّ التعدی على حرمة أموال الناس من قبل الخضر، وفی الثانیة أُنتهکت حرمة حیاة الناس، وفی الثالثة صدر منه تصرّف غیر مسؤول بحسب الظاهر، وذلک ببنائه للجدار الذی کان مشرفاً على السقوط بلا أخذ أجر علیه أو دلیل على لزوم إعادة بنائه.

وأخیراً بَیَّنَ له الخضر أسرار هذه الاُمور الغامضة لیقف على فلسفتها وحکمتهـا، وتبین أنّه لو لم یخرق السفینـة لأخذها ملک غاصب ولتدهورت أحوال أصحابها، ولو لم یُقتل ذلک الشاب المرتدّ لاحتمل أن یُضِّلّ أبویـه المؤمنین، وأنّه کان هناک کنز خفی تحت ذلک الجدار لیتیمیـن وکان أبوهما صالحاً، وأراد الله الحفاظ على کنزهما عن هذا الطریق إلى أن یبلغا أشدّهما ویستخرجا کنزهما للاستفادة منه، ومع أنّ موسى المأمور بظاهر الشریعة لم یتمکّن من البقاء أکثر من هذا مع الخضر الذی کانت له وظائف اُخرى أیضاً وأنّه انفصل عنه طبقاً للعهد الذی أخذه على نفسه، لکنّه توصّل من خلال هذه القصّة بشکل عامّ إلى أنّ الکثیر من الحوادث التی لها ظاهر مؤلم تعدّ أسباباً للیمن والبرکة فی جوهرها، فضلا عن وقوفه على العلم التفصیلی لهذه القصص الثلاث، وانّنا لعلمنا المحدود نتوهّمها فی غیر محلّها فی حین أنّ وقوفنا على حقیقة الأمر یدفعنا لاقتفاء أثره وإدراکه بکلّ سرور.

کانت هذه علوماً تعلّمها موسى من الخضر إلى جانب علم الشریعة، والأسمى منها هو الخضر الذی یعدّ من الأنبیاء الإلهیین عظیمی الشأن، والذی کان له اطّلاع واسع على هذه الاُمور(1).


1. لمزید من التوضیح فیما یتعلّق بهذه الآیات وجزئیات هذه القصّة، راجع التفسیر الأمثل، ذیل الآیات 60 ـ 82 من سورة الکهف.
2 ـ اطّلاع داود على إعداد وسیلة دفاعیةالعلوم الأخرى للأنبیاء فی القرآن المجید:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma